حكم قراءة القران للحائض في رمضان
حكم قراءة القرآن للحائض في رمضان
يتعلّق بالحيض؛ أحكام عديدةٌ؛ ومنها: ما يتعلّق بقراءة القرآن الكريم أثناء الحيض، وقد اختلف العلماء في حكم قراءة القران للحائض في رمضان وغيره؛ فمنهم من قال بالحُرمة، ومنهم من قال بالجواز، وتفصيل ما ذهبوا إليه آتياً:
القَوْل بحُرمة قراءة القرآن للحائض
ذهب جمهور العلماء؛ من الحنابلة في كتاب المغني، والحنفيّة في كتاب الاختيار، والشافعيّة في كتاب المجموع؛ إلى تحريم قراءة القرآن على الحائض والنّفساء، وقد استدلّوا بالحديث الضعيف الذي ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (لا تقرأُ الحائضُ ولا الجنبُ شيئًا من القرآنِ). وعلى القَوْل السابق؛ فإنّ قراءة القرآن تُحرّم على الجُنْب، والنّفساء ، والحائض، سواءً القليل منها أو الكثير، ومع ذلك تجوز مُراجعة القرآن في القلب، دون التلفّظ بالآيات، وكذلك يجوز النَّظر في المصحف، وإمرار القرآن على القلب، كما يجوز ذِكْر الله ببعض الأذكار الواردة في القرآن الكريم، دون قَصْد قراءة القرآن، وإنّما بقَصْد الذِّكر، كقَوْل: "إنّا لله وإنّا إليه راجعون".
القَوْل بإباحة قراءة القرآن للحائض
قال المالكيّة بجواز قراءة القرآن للحائض ، وإن كانت قبل الحيض على جنابةٍ، أمّا إن انقطع عنها الدم حقيقةً، أو حُكماً؛ كالمُستحاضة ؛ فلا يجوز يجوز حينها قراءة القرآن، وقال الظاهريّة أيضاً بجواز قراءة القرآن للحائض، بالإضافة للطبريّ، وابن تيمية، وابن القيّم، وابن عثيمين، وتجدر الإشارة إلى أنّ قَوْل المالكيّة بجواز قراءة القرآن للحائض ورد مُطلقاً، سواءً كانت حافظةً لكتاب الله وتخشى النسيان إن لم تقرأ، أم كانت غير حافظةٍ، وفيما سبق قال الإمام مالك -رحمهُ الله-: " لَا يَقْرَأُ الْجُنُبُ الْقُرْآنَ إلَّا الْآيَةَ وَالْآيَتَيْنِ عِنْدَ أَخْذِهِ مَضْجَعَهُ، أَوْ يَتَعَوَّذُ لِارْتِيَاعٍ وَنَحْوِهِ لَا عَلَى جِهَةِ التِّلَاوَةِ، فَأَمَّا الْحَائِضُ فَلَهَا أَنْ تَقْرَأَ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ طُهْرَهَا، يُرِيدُ فَإِنْ طَهُرَتْ وَلَمْ تَغْتَسِلْ بِالْمَاءِ، فَلَا تَقْرَأُ حِينَئِذٍ لِأَنَّهَا قد ملكت طهرها".
وقد استدلّ الإمام مالك -رحمه الله- بعددٍ من الأدلّة الشرعيّة؛ منها: عدم ورود أي دليلٍ عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ينهى الحائض عن تلاوة آيات القرآن الكريم، إذ إنّ النِّساء كُنّ يحضن زمن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، ولم ينهاهنّ -عليه الصلاة والسلام- عن قراءة القرآن، ولو كانت قراءة القرآن مُحرّمةً على الحائض؛ لوردت على ذلك العديد من الأحاديث الصريحة الثابتة بمَنْعها عن القراءة، كما وردت الأحاديث المتعلّقة بمنعهنّ عن الصيام والصلاة أثناء فترة الحيض، وبما أنّ الأحاديث الواردة بالمَنع لا تقوم بها الحُجّة؛ عُلِمَ بأنّ الشارع لم يمنع المرأة من تلاوة القرآن أثناء الحيض، كما تجدر الإشارة إلى أنّ الحيض أمرٌ خارج عن إرادة المرأة، ولا تستطيع رَفْعه، وقد تطول مُدّة الحيض؛ فتنسى بسبب المَنْع ما أتمّت من حفظ القرآن الكريم، إذ إنّ الحفظ لا بدّ فيه من المُراجعة الدائمة، والمُعاهدة.
حكم مسّ وحَمْل الحائض للمصحف
يُحرّم على الحائض مسّ المُصحف ، أو حَمْله، وذلك لقَوْله -تعالى-: (لا يَمَسُّهُ إِلا الْمُطَهَّرُونَ)، وذلك ما ورد عن المذاهب الأربعة؛ الحنفيّة، والمالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة، إلّا إن كان مسّ المُصحف بغرض التعلّم والتعليم، كما ورد عن عددٍ من العلماء، ومنهم: الشيخ الدردير، إذ قال: "ولا يمنع مسّ، أَوْ حَمْل جُزْءٍ، بَلْ وَلَا كَامِلٍ، عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِمُتَعَلِّمٍ، وَكَذَا مُعَلِّمٍ عَلَى المعتمد، وإن بلغ، أو حائضاً، لا جُنباً".