حكم صيام يوم الإسراء والمعراج
حكم صيام يوم الإسراء والمعراج
لم يثبت أيّ دليل شرعيٍّ يدلّ على مشروعية صيام يوم الإسراء والمعراج، وفي هذا دلالة على عدم تخصيص هذا اليوم بفضلٍ؛ كما خُصّصَ صيام رمضان بأدلة تفيد وجوب صيامه، وكما ثبتت أدلة أخرى تفيد استحباب صيام بعض الأيام؛ كيوم تاسوعاء، و عاشوراء ، ويوم عرفة، ويومي الإثنين والخميس، وثلاثة أيام من كلّ شهر.
ونستنتج من ذلك أنّ صيام يوم الإسراء والمعراج غير ثابت، ولو كان فيه أفضلية لبيّنها الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ويرى بعض العلماء أنّ صيام يوم الإسراء والمعراج اعتقاداً لأفضليته بدعة محدثة؛ إلا في حال صادف يوماً كان من عادة الشخص أن يصومه؛ كيوم الإثنين والخميس فلا بأس في ذلك، فضلاً على أنّ تاريخ الإسراء والمعراج مختَلفٌ فيه وليس بثابت.
ما هي حادثة الإسراء والمعرج
يُقصد بالإسراء الرحلة التي قام بها النبي -صلى الله عليه وسلم- بصحبة الملك جبريل -عليه السلام- من مكة المكرمة ليلاً إلى المسجد الأقصى في القدس الشريف، ومن هناك عرج إلى السماوات العُلا على ظهر البُراق ؛ وهو ما يسمّى بالمعراج.
وقد ثبتت هذه الحادثة في القرآن الكريم في قوله -تعالى-: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
وثبتت كذلك في السنة النبوية في حديثٍ طويل قال فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أنَّ رَسولَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- قالَ: أُتِيتُ بالبُراقِ، وهو دابَّةٌ أبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الحِمارِ، ودُونَ البَغْلِ، يَضَعُ حافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، قالَ: فَرَكِبْتُهُ حتَّى أتَيْتُ بَيْتَ المَقْدِسِ، قالَ: فَرَبَطْتُهُ بالحَلْقَةِ الَّتي يَرْبِطُ به الأنْبِياءُ، قالَ ثُمَّ دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَصَلَّيْتُ فيه رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجْتُ فَجاءَنِي جِبْرِيلُ -عليه السَّلامُ- بإناءٍ مِن خَمْرٍ، وإناءٍ مِن لَبَنٍ، فاخْتَرْتُ اللَّبَنَ، فقالَ جِبْرِيلُ: اخْتَرْتَ الفِطْرَةَ، ثُمَّ عُرِجَ بنا إلى السَّماءِ، فاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ...).
متى كان الإسراء والمعراج
أجمع العلماء أنّ حادثة الإسراء والمعراج كانت بعد بعثة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-؛ ولكن تعددت آراؤهم في أي عامٍ كانت، وفي أيّ شهرٍ إلى عدة أقوال كما يأتي:
- كانت قبل الهجرة بعام
وذهب إلى هذا الرأي كل من الزهري، وعروة بن الزبير، وابن سعد وادعى ابن حزم الإجماع على هذا الرأي.
- كانت في شهر ربيع الأول أو الآخر أو رجب
وهذا القول هو المشهور بين الناس، وهو الذي عليه أكثر المحققين.
- كانت في ليلة اثني عشر من ربيع الأول
وقد رجّح هذا الرأي بعض العلماء منهم ابن كثير؛ الذي استدلّ بأثرٍ منقولٍ عن جابر وابن عباس أنهما قالا: (وُلِدَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- عامَ الفيلِ يومَ الاثنينِ الثاني عشرَ من ربيعِ الأولِ وفيه بُعِثَ وفيه عُرِجَ به إلى السماءِ وفيه هاجرَ وفيه مات).
ولكنّ هذا الأثر إسناده ضعيف؛ يتقوى بما يشهد له من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (سُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ الاثْنَيْنِ، قالَ: ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ، أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ).