حكم شهادة الزور في الإسلام
مفهوم شهادة الزور
يتضمّن مصطلح شهادة الزور من كلمتين؛ الأولى شهادة وهي في اللغة البيان، والإظهار، والحضور، والثانية الزور وهي في اللغة الباطل والكذب، وفي الاصطلاح الشرعي تُعرف شهادة الزور بأنها الإثبات كذباً وزوراً وبهتاناً.
ومن أجل الوصول إلى أمر كذب، قد يكون إضراراً بالآخر أو بماله أو تحليل ما أحلّ الله، أو تحريم ما أحلّه،وتأتي شهادة الزور من منطلق الحصول على المال، أو تقديم خدمة لصديق أو قريب.
حكم شهادة الزور
أخبر رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أن شهادة الزور تعدّ من أكبر الكبائر التي يرتكبها المسلم، وذلك في الحديث الذي رواه أبو بكرة بن الحارث -رضي الله عنه- فقال:
- (كُنَّا عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فقالَ: ألا أُنَبِّئُكُمْ بأَكْبَرِ الكَبائِرِ؟ ثَلاثًا الإشْراكُ باللَّهِ، وعُقُوقُ الوالِدَيْنِ، وشَهادَةُ الزُّورِ، أوْ قَوْلُ الزُّورِ، وكانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مُتَّكِئًا، فَجَلَسَ فَما زالَ يُكَرِّرُها حتَّى قُلْنا: لَيْتَهُ سَكَتَ).
- وقد قرنها رسول الله بالشرك بالله وعقوق الوالدين، ومما يؤيد ذلك قول الله -تعالى-: (قُل إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وَما بَطَنَ وَالإِثمَ وَالبَغيَ بِغَيرِ الحَقِّ وَأَن تُشرِكوا بِاللَّـهِ ما لَم يُنَزِّل بِهِ سُلطانًا وَأَن تَقولوا عَلَى اللَّـهِ ما لا تَعلَمونَ) .
ودلّ غضب رسول الله على عظم هذا الذنب، وكثرة انتشاره بين الناس، وأنّه من الأمور التي حذّر منها الإسلام وكان شديداً في التحذير منها، لما فيها من ضياع الحقوق، والاعتداء على الآخرين بأموالهم وأنفسهم بغير حق.
ثمّ ذكر الجمهور من العلماء أنّ صاحبها يُعاقب ويشهر فيه أمام الناس حتى يتوب، وقال الجمهور إن تاب قُبلت شهادته مرّة أخرى، بخلاف مالك الذي قال لا تُقبل شهادته حتى لو تاب،ومما ورد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة في ذمّ شهادة الزور وبيان حكمها ما يأتي:
- قال -تعالى-: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ) .
- قال -تعالى- في صفات المؤمنين أنهم يمتنعون عن شهادة الزور: (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) .
- روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (أكْبَرُ الكَبَائِرِ: الإشْرَاكُ باللَّهِ، وقَتْلُ النَّفْسِ، وعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ، وقَوْلُ الزُّورِ).
- روى عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (لنْ تَزُولَ قدمُ شاهدِ الزورِ حتى يوجِبَ اللهُ لهُ النارَ).
أضرار شهادة الزور
تترتب على القيام بشهادة الزور العديد من الأضرار والجرائم على النحو الآتي:
- خداع الحاكم وإظهار غير الحقيقة له، مما يؤدّي إلى الحكم بالباطل .
- ظلم من شهد له، لأنّه بشهادته أوجب له ما ليس من حقّه.
- ظلم من كانت الشهادة ضدّه، لأنّه أخذ منه مالاً أو أزهق حقّه بغير وجه حق.
- نفاذ المجرمين من تلقي العقوبة التي يستحقونها.
- انتهاك الحرمات، وإهدار النفوس بغير وجه حقّ.
- الحكم على المشهود له بتزكية النفس وهو ليس أهلاً لذلك.
- القول في دين الله بغير علم.