حكم زيارة المرأة الحائض للمقابر
حكم زيارة المرأة الحائض للمقابر
بالحقيقة أن المرأة الحائض وغير الحائض ينطبق عليها نفس الحكم ولا يوجد اختلاف بينهما لظرف الحيض عند زيارة المقابر، ومسألة زيارة المرأة للمقابر مسألة مختلف فيها عند الفقهاء فذهب جمهور أهل العلم إلى جواز زيارة المرأة للمقابر.
سبب الخلاف في حكم زيارة المرأة للمقابر
يعود سبب الخلاف في هذه المسألة لما ورد من وعيد شديد في النساء المكثرات من زيارة القبور، حيث ورد عنه -صلى الله عليه وسلم-: (لعنَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ زوَّاراتِ القُبورِ)،وحينما ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم-: (كنتُ نهيتُكم عن زيارةِ القبورِ فزوروها فإنها تُذكِّرُكم الآخرةَ).
وقد بين المحدث الحاكم في مستدركه أن الحديث الأول نُسخ بالحديث الثاني، كما وقام الإمام القرطبي بالجمع والتوفيق بينهما، ووافقه أيضا جمع من العلماء في ذلك، حيث بين أن اللعن في الحديث موجه لمن تكثر الزيارة وتعتاد على ذلك، وذلك لورود لفظ (زوّارات) بصيغة المبالغة، والتي تدل على كثرة زيارة المرأة للمقابر، إذا الراجح في المسألة عند الجمهور هو جواز الزيارة بدون إكثار.
الدعاء المسنون عند زيارة المقابر
ومما يبين قوة ترجيح جواز زيارة النساء للمقابر، ولكن من غير إكثار ما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ حينما أخبر عائشة -رضي الله عنها-: أن جبريل قال له: (إنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ البَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لهمْ، قالَتْ: قُلتُ: كيفَ أَقُولُ لهمْ يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: قُولِي: السَّلَامُ علَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ المُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ المُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وإنَّا -إنْ شَاءَ اللَّهُ- بكُمْ لَلَاحِقُونَ).
ومن الأدلة على جواز زيارة المرأة للمقابر ما أقره النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ حينما رأى تلك المرأة التي تبكي عند أحد القبور، فنصحها النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال لها: (اتَّقِي اللَّهَ واصْبِرِي)، فالشاهد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم ينكر عليها جلوسها في المقبرة، وهذه موافقة منه -صلى الله عليه وسلم- على فعلها.
ضوابط زيارة المرأة للمقابر
هناك ضوابط لزيارة المرأة للمقابر منها:
- تجنب الاختلاط مع الأجانب أثناء الزيارة.
- تجنب الصراخ والعويل، وضرب الخدود وشق الثياب.
- تجنب كل ما يدعو للتبرج.
حكم قيام الحائض بالدعاء عند زيارة المقابر
يجوز للمرأة الحائض القيام بالذكر والدعاء للأموات عند زيارة المقابر، ودليل ذلك ما أورده الشيخان في صحيحيهما أن -النبي صلى الله عليه وسلم- أجاز لعائشة -رضي الله عنها- لما كانت حائضا في الحج؛ أن تقوم بجميع أعمال الحج واستثنى من ذلك الطواف بالكعبة، والشاهد هنا: هو أن أغلب أعمال الحاج قائمة على الذكر والدعاء والاستغفار، وبالأخص في أيام التشريق.
حكم زيارة المرأة لقبر النبي -صلى الله عليه وسلم-
ذهب كثير من أهل العلم إلى جواز زيارة المرأة لقبر النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لما يحيط به من جدران وحيطان فاعتبرها العلماء بأنها زيارة غير حقيقية؛ لأن المرأة لا تقف بجانب القبر مباشرة.
فضل زيارة المقابر
أجمع الفقهاء على استحباب زيارة القبور للرجال؛ لما لها من مقاصد وأهداف سامية تعود على المسلم بالفائدة في الدنيا والآخرة، فهي تذكر المسلم بالآخرة؛ كيف لا وهي أول منازل الآخرة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (كنتُ نهيتُكم عن زيارةِ القبورِ فزوروها فإنها تُذكِّرُكم الآخرةَ)،وكان من هديه -صلى الله عليه وسلم- خروجه إلى مقبرة البقيع لزيارة الموتى فيها والدعاء لهم بالعافية.