حكم خدمة المرأة لزوجها
حكم خدمة المرأة لزوجها
مسألة خدمة المرأة زوجها من القضايا الفقهية التي بحثها أهل العلم قديماً، ويمكن إجمال الآراء الفقهية في المسألة بما يأتي:
الرأي الأول
وجوب خدمة المرأة لزوجها، فقد ذهب فريقٌ من أهل العلم إلى أنّ من الحقوق المادية الواجبة على الزوجة لزوجها الخدمة، حيث إنّ المولى خلق المرأة وجعل فطرتها تميل إلى تدبير شؤون البيت، وذلك بما أودع فيها من خصائص تصلح لقيامها بشؤون بيتها ورعاية أمور الأسرة، فقيام المرأة بخدمة زوجها وبيتها سبيلٌ لحماية مشاعر المودة والسكينة التي حرص الإسلام على ديمومتها في البيت المسلم؛ فتقرّ عين الزوج ويزيد رضاه عن زوجته، وقد استنبط أهل العلم من قول الله عزّ وجلّ: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، أنّه يجب على النساء حقوقٌ لأزواجهنّ كما لهنّ عليهم حقوقاً، والمعروف عند أهل التفسير يقصد به في أحد معانيه العرف الدّارج بين الناس، فيرجع إلى العُرف ويُحتكم إليه في المسألة، ولمّا كان عرف المسلمين في كلّ زمانٍ ومكانٍ أن تخدم المرأة بيت زوجها كان ذلك واجباً عليها شرعاً، وأمهات المؤمنين -رضي الله عنهن- كنّ يقمن على خدمة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وبيته، وجاءت كثيرٌ من الروايات الصحيحة تؤكّد هذا المعنى المشار إليه، ففي الصحيحين من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها: (كنا نعُدُّ له سواكَه وطهورَه؛ فيبعثه اللهُ ما شاء أن يبعثَه من الليلِ)، وقد ثبت أنّ فاطمة -رضي الله عنها- كانت تخدم زوجها علي -رضي الله عنه- حتى أجهدها ذلك، ولمّا شكت للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ما تجد حكم بينها وبين علي -رضي الله عنه- بأن تقوم هي بالخدمة داخل البيت، كتجهيز العجن، وإعداد الطبخ، وإصلاح الفرش، وكنس البيت، وحكم على علي بالخدمة اللازمة خارج البيت.
الرأي الثاني
يأخذ الرأي الفقهي الآخر منحىً مغايراً للرأي الأول؛ حيث يرى فقهاء الشافعية والحنابلة وبعض فقهاء المالكية أنّ خدمة المرأة لزوجها ليست من واجباتها الشرعية، ولكنّ الأوْلى للمرأة أن تقوم بما جرت به العادة والعُرف الدارج، واستند أصحاب هذا الرأي إلى أنّ عقد النكاح الشرعي بين الزوج وامرأته يقتضي الاستمتاع بها، لا استخدامها ببذل الخدمة له، وقالوا بأنّ الأحاديث النبوية التي استدلّ بها مخالفيهم إنّما تدل على مشروعية تطوّع المرأة بخدمة زوجها، وإن فعلت فمن مكارم أخلاقها، وفضلاً عن ذلك فقد ذكر بعض الفقهاء أنّ على الزوج استقدام من يخدم زوجته إن كانت تُخدم في بيت أهلها.