حكم ترويع الناس وتخويفهم
حكم ترويع الناس وتخويفهم
ترويع الناس وتخويفهم ظلم وتعدّ ظاهر، وهو حرام بكل حال، وقد عدّه بعض العلماء من الكبائر عندما تكلموا في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (مَن أشارَ إلى أخِيهِ بحَدِيدَةٍ، فإنَّ المَلائِكَةَ تَلْعَنُهُ، حتَّى يَدَعَهُ، وإنْ كانَ أخاهُ لأَبِيهِ وأُمِّهِ)، فالحديث فيه نهي شديد عن ترويع المسلم سواء كان هزلًا أم لعبًا.
ولأن ديننا الإسلامي يحرص دائما على إشاعة أجواء الطمأنينة والسكينة والراحة، والأمن النفسي في المجتمع، فلا يحل لأحد أن يروع أخاه المؤمن أو أن يعكر عليه أمنه وطمأنينته، فمن حقوق الأخوة بين المسلمين ألا يخيف أحدهم الآخر متعمدا ولو كان مازحا.
ولا يكون الترويع فقط بالكلمة، بل بغيره من إشارة أحدٍ نحو أخيه بالسلاح أو بحديدة أو بغيرها، أو بأخذ متاعه وما يخصه، أو ترويع الآمنين سواء عن طريق الإيذاء الحسي أو المعنوي، لما فيه من إدخال الضرر والأذى عليه، وأشار إلى ذلك نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (المُسْلِمُ مَن سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِهِ).
كما أن التسبب في ترويع الآخرين قد يترتب عليه الضمان في بعض الحالات، كمن قصد تخويف غير المميز أو البالغ غير المتيقظ لموقف معين فمات، فيعدّ فعله قتلاً شبه عمد، وعليه الدية مغلظة، وكذلك عليه الدية إن تسبب الترويع بذهاب منفعة عضو من أعضاء الشخص الذي تم ترويعه.
نشر ما فيه ترويع للآخرين
يجب على المسلم إذا أراد أن ينشر على مواقع التواصل الاجتماعي أن ينشر ما فيه نفع وخير وفائدة عائدة للمجتمع، ولا يحل له أن ينشر ما فيه سخرية وترويع وتخويف، حتى ولو كان بقصد المزاح أو الترويح عن النفس؛ لأن من حق الأخ على أخيه عدم إحزانه وإخافته.
ولأن ديننا الإسلامي الحنيف دين الأمن والسلام والراحة، فقد أمر بحسن الخلق مع جميع الناس ومع المسلم خاصةً، واعتبر الشرع ترويع المسلم من مداخل الشيطان لكي تقع العداوة والبغضاء بين الناس وتفسد بينهم، فحرّم كل ما من شأنه إفساد العلاقات وإيقاع الشر.
عقوبة الجناية بالترويع
اتفق جمهور الفقهاء على أن الجناية بالترويع إذا اكتملت أركانها وشروطها فإن الجاني يتحمل العقوبة المقررة لجنايته، فالمذهب المالكي مثلًا يعتبر القتل بالترويع قتلاً عمداً، فمن رمى حية كبيرة ليخيف بها شخص ومات الشخص من خوفه، فيُقتص من المجني بالقصاص سواء كان رميه للحية على وجه العدوان، أم وجه اللعب والهزل.
ومن وجه آخر يرى الحنفية والحنابلة أنه لا قصاص بالجناية بالترويع، ويعتبرون ذلك من جناية شبه العمد، فمن صاح على إنسان فمات فهو قاتل شبه عمد، وكذلك من روع شخصاً بأن أشهر عليه سيفاً فمات من روعته فهو قاتل شبه عمد، لأن الترويع وسيلة من وسائل القتل التي لا تقتل غالباً.