حكم ترك رمي الجمرات أيام التشريق
حكم ترك رمي الجمرات أيام التشريق
ذهب جُمهور الفُقهاء إلى أنّ رمي الجمرات أيام التشريق من واجبات الحج ، فلا يجوز تركه مع جواز الإنابة والتوكيل في الرمي للعاجز أو المريض، ومن تركه فيلزمه دم، واستدلوا بفعل النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (رَأَيْتُ النبيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يَرْمِي علَى رَاحِلَتِهِ يَومَ النَّحْرِ، ويقولُ: لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ، فإنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتي هذِه)، كما أنه من الأعمال الفاصلة بين الحِلِّ والإحرام.
ومَن ترك الرمي بغير عُذر كان آثماً ووجب عليه دم، وإن كان قد تركه لعذرٍ فليزمه دم ويسقط عنه الإثم، وقال المالكيّة حتى وإن كان الترك لحصاةٍ واحدة وجب عليه دم، وذهب الشافعيّة والحنابلة في التسامح بترك حصاةٍ أو حصاتين، ويرى الحنفية إلى أنّ الحُكم يكون للغالب مَعَ وُجُوب جَزاءٍ عن النَّاقص.
حكم تعجيل رمي الجمار في ثاني أيام التشريق
الأصل ترتيب الرمي بين الجمرات، بحيث يرمي الحاج في يوم العيد جمرة العقبة، وفي الأيام الثلاثة التي تليه يرمي الجمرات الثلاث، مع جواز رميها في اليوم الثاني عشر جميعها، وهو ثاني أيام التشريق، ولكن ذلك تركٌ للسُنة، حيثُ إن السُنة فعلها في أوقاتها.
ويجوز للحاج التعجيل في رمي الجمرات خلال يومين بعد العيد، لِقوله -تعالى-: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ)، ورخّص النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- لمن رمى في اليوم الثاني عشر بعد الزوال بالتعجُّل، ولكن يجبُ عليه الخُروج من منى قبل غُروب الشمس في ذلك اليوم، وإلا يلزمه تأخرُ يومٍ آخر.
ومن وَكّلَ غيره بالرمي في اليوم الحادي عشر أو الثاني عشر من أيام التشريق ليطوف طواف الوداع ويتعجل بالسفر، فهو مُخالفٌ لهدي النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-، ويلزمه دم عن تركه المبيت بمنى، ودم عن تركه الرمي الذي وكل به غيره، ودمٌ ثالث عن طواف الوداع، حتى ولو طاف لأنّ طوافه للوداع وقع في غير وقته، وإن لم يستطع الدم صام عن كل فدية عشرة أيام.
ومَنْ رمى الجمرات في اليوم الثاني عشر ثم طاف للوداع، ثم اضطر للعودة إلى منى للبحث عن الرفقة، فبات بها ليلة الثالث عشر، فلا يلزمه الرمي ذلك اليوم لكونه نفر من منى بنية الرحيل قبل غروب شمس اليوم الثاني عشر، ومَنْ نقصه حصاة من أحد الجمار فلا شيء عليه.
حكم تأخير رمي الجمرات إلى آخر أيام التشريق
يجوز تأخير الجمرات الثلاث إلى آخر أيام التشريق، ولكن عليه أن يرميها بالترتيب مع النيّة، وإن أخّره الحاج عن أيام التشريق أو ترك المبيت بمنى في لياليها فعليه دم، وهذا التأخير جائزٌ ولكنه مُخالفٌ للسُنة، وذهب أبو حنيفة إلى أنّ مَن ترك حصاةٍ أو حصاتين أو ثلاث إلى اليوم التالي عليه بكل حصاة نصف صاع.
وقال أيضاً إنْ تَرَكَ أكثر من ذلك فيجبُ عليه رميها ويلزمه دم، وأجاز الشافعيّة تأخير الرمي خلال أيام التشريق، وإن لم يدرك الرمي خلالها فيلزمه دم، وذهب الحنابلة إلى أنّه إذا أخّر الحاجّ رمي يوم إلى ما بعده، أو أخّر الرمي كله إلى آخر أيام التشريق؛ ترك السنّة، ولا شيء عليه.
وقت رمي الجمرات وشروط صحة الرمي
يبدأ رمي الجمرات في يومي التشريق الأول والثاني من الزوال لكل يوم إلى الغروب، وهو وقت الجواز والسُنة، وأمّا وقت الكراهة فيبدأ من بعد الغروب حتى طلوع شمس اليوم الذي يليه من أيام التشريق، ويُعتبر أداءً، وأمّا من طلوع الشمس في اليوم الثالث إلى غروبها فيعتبر قضاء.
ومن أخّره إلى بعد الغروب سقط عنه وعليه دم، وأمّا وقت الرمي في اليوم الثالث من أيام التشريق فيبدأ من طلوع فجره إلى الغروب، إلا أنه يكره قبل الزوال، وأمّا جمرة العقبة الكُبرى فيبدأ وقتها عند الشافعيّة والحنابلة من نصف ليلة العيد، والأفضل رميها بعد طُلوع الشمس، وأمّا المالكيّة والحنفيّة فيبدأ وقتها عندهم من بعد طلوع الشمس يوم العيد.
شروط صحة رمي الجمرات
شُروط رمي الجمرات هي:
- أن تكون الحصاة من جنس الأرض
كالحجارة أو الطين، أو مما يصحُ التيممُ به، فلو رمى كفاً من تراب أجزأه عن حصاة واحدة، كما يُشترط أن تكون الحصاة بمقدار الفولة أو النواة، ولا يجزئ الصغير جداً، ويُكره الحصى الكبيرة مع الإجزاء، لِفعل النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-.
- أن يرمي كُل جمرة بسبع حصيات في كُل يوم
وأن يرمي كُل حصاةٍ وحدها، ولو رماها دفعةً واحدة لم تُجزئ إلا عن واحدة، ولا يشترط أن تصيب الحصيات الجمرة بل لو وقعت قريبة منها دون ثلاثة الأذرع صح ذلك، وإن لم يتأكد أعاد الرمي احتياطاً.
- ترتيب الجمرات الثلاث أثناء الرمي في أيام التشريق، حيثُ يبدأ بالصُغرى، ثُمّ الوسطى، ثُمّ الكُبرى.
- أن يكون الرمي باليد، فلا يُجزئ الوضع أو الطرح، أو الرمي بالقوس.