حكم ترك المرأة لقضاء صيام أيام رمضان
حكم ترك المرأة للقضاء
لقد أوجب الله -عزَّ وجلَّ- على المرأة التي أفطرت في شهر رمضانَ بسبب الحيض والنفاس، قضاء تلك الأيامِ بعد انتهاء شهر رمضانَ الفضيلَ؛ إذ إنَّ الصيامَ حقٌ لله -عزَّ وجلَّ- لا يسقطُ عن المرأة إلَّا إن عجزت عنه، وبناءً على ذلك يُمكن القول بأنَّه يحرم على المرأةِ تركَ قضاء الصّيامِ، إن كانت قادرة على الصّيام.
الأمور المترتبة على الإفطار بسبب الحيض
إذا أفطرت المرأة في شهر رمضانَ الفضيلِ بسبب الحيضِ، فإنَّه يلزمها أمرانِ اثنان، وهما:
- قضاء أيام رمضان بعد انتهاء شهر رمضان الفضيل.
- التعجيل في قضاء هذه الأيام قبل دخول رمضان الذي يليه.
وهذان الأمرانِ تمَّ استنباطهما من قول السيّدة عائشة -رضيَ الله عنها-: (كانَ يَكونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِن رَمَضَانَ، فَما أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إلَّا في شَعْبَانَ، الشُّغْلُ مِن رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-، أَوْ برَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-).
الأمور المترتبة على تراكم أيام القضاء لعدة سنوات
قبل بيان الأمورِ المترتبةِ على تراكمِ أيام القضاء لعدةِ سنواتٍ، لا بدَّ أولًا من بيانِ حكم تأخير قضاءِ رمضان حتى يدخلَ رمضان التالي عند أهلِ العلمِ، حيث تباينت آرائهم في ذلك، وفيما يأتي بيانها:
- الرأي الأول
ذهب الأحناف إلى جوازِ تأخير قضاء رمضان حتى يدخل رمضانَ الذي يليه، مستدلينَ بقول الله -تعالى-: (فَعِدَّة مِّن أَيَّامٍ أُخَرَ)، ووجه الدلالةِ أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- أمرَ بالقضاءِ من غيرِ تعيّينٍٍ لتلكَ الأيام، مع ضرورة التنبيه إلى استحباب المسارعة في القضاء.
- الرأي الثاني
ذهب المالكيّة، والشافعيّة، والحنابلة إلى عدم جواز تأخير قضاء رمضانَ حتى يدخل رمضان الذي يليه، مستدلّينَ بقول السيدة عائشة -رضيَ الله عنها-:(كانَ يَكونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِن رَمَضَانَ، فَما أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إلَّا في شَعْبَانَ، الشُّغْلُ مِن رَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-، أَوْ برَسولِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-).
وبناءً على ذلك يُمكن القولُ إنَّ المرأة التي تراكمت عليها أيام القضاء بسبب الحيضِ لعدّة سنواتٍ لا يلزمها إلَّا القضاء عند الحنفيّةِ، أمَّا عند جمهور أهل العلمِ فإنَّه يلزمها دفع فدية لتأخير القضاء إلى جانب قضاءِ هذه الأيام.
ودليلهم في ذلك قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في الرجل الذي أفطرَ بسبب المرض، ثمَّ صحَّ، ولم يقضِ حتى أدركه رمضان التالي: (يصومُ الذي أدركَ، ثم يصومُ الشهرَ الذي أفطرَ فيهِ، ويُطْعِمُ مكانَ كلِّ يومٍ مسكيناً).
وقد ذهب الشافعيّة في أصحِّ أقوالهم إنَّ الفديةَ تتكرر بتكرر سنواتِ التأخيرِ؛ إذ إنَّ الحقوقَ الماليةِ لا تتداخل، وفي القولِ المقابل ذهبوا إلى عدمِ تكرارها، وإنَّ تعدد الآراء عندهم يرجع إلى كونِ المرأة أخرجت الفدية أم لم تخرجها؛ إذ إنَّها إن أخرجت الفدية ثمَّ لم تصم حتى دخل عليها رمضانٌ آخر، وجب عليها إخراج الفدية مرةً أخرى.