حكم تربية الحمام
حُكم تربية الحمام
إنّ الأصل والحكم العامّ في تربية الحمام أنّها مباحةٌ؛ لعدم ورود نصٍّ شرعيٍّ في كتاب الله -سبحانه وتعالى- أو سُنّة رسوله -صلّى الله عليه وسلّم- يدلّ على حرمة تربية الحمام ، فتكون تربيتها حلالًا ما دام أنّ المقصود من تربيتها مجرّد الاستئناس بها، والابتهاج بوجودها في المنزل، أو كان القصد من تربيتها ادّخارها للأكل، أو الاستفادة من إنتاجها في التجارة والبيع والشّراء.
وأمّا إن ترتّب على تربية الحمام ضررٌ عامٌّ أو خاصٌّ على أحدٍ من الناس، فتصبح تربيته حرامًا؛ لما تسبّبه من ضررٍ، عملاً بالقاعدة الفقهيّة القائلة: (لا ضَرر ولا ضِرار)، فلا ينبغي للمسلم أن يُلحِق الضَّرر بنفسه، أو يتسبّب به لغيره، ومن الضرر الذي قد يترتّب على النفس إضاعة وقت من يربّيها؛ بأن يقضي نهاره في مراقبتها، والانشغال بها عن الطاعات والواجبات.
ومن الأضرار الذي قد يلحق بالغير من تربيتها؛ أن يأكل الحمام أو يتلف زرع الغير، أو يجرّ الحمام حمامًا ليس لصاحبها، فيستولي عليه دون حقٍّ أو أن تكون تربيتها على الأسطح سببًا لكشف عورات بيوت الجيران والآخرين؛ ففي حال عادت تربية الحمام بضررٍ على الغير، فإنّ تربيته تكون محرَّمةً؛ منعًا للضرر.
شروط جواز تربية الحمام
ممّا سبق يتَّضح أنّ حُكم تربية الحمام يبقى على الإباحة ما لم يلحق بتربيتها ضررٌ بالنّفس، مثل: الغفلة عن ذكر الله، وأداء الواجبات، أو أن يلحق بها ضررٌ بالغير؛ فإن حصل ذلك انتقل الحكم من الإباحة إلى الحرمة، ومن شروط جواز تربية الحمام ما يأتي:
- إمساك الحمام في البيوت دون تطييرها؛ لئلّا تأكل زروع الناس.
- تطيير الحمام بقصد جذب حمامٍ مملوكٍ للغير، حتّى لا تنقلب الغاية من تربية الحمام إلى سرقته بطُرُق غير مباشرة.
- ألّا تكون تربيته على الأسطح سبب للاطلاع على عورات الجيران .
شهادة مُربّي الحمام
من المسائل التي تناولها الفقهاء في ما يتعلّق بتربية الحمام: قبول شهادة مُربّي الحمام؛ حيث ذهب عددٌ من الفقهاء إلى القول بعدم قبول شهادة من كانت من عادته تربية الحمام؛ لغفلته وانشغاله بها، فيكون معتادًا على اللهو، ونصّ بعض الفقهاء على أنّ عدم قبول شهادة مُربّي الحمام ليس على الإطلاق؛ إنّما تُردّ شهادته لأسبابٍ، إن انتفت قُبلت شهادته.
ومن الشروط التي اشترطها الفقهاء لقبول شهادة مربي الحمام ما يأتي:
- ألّا تلحق تربيتها ضررًا بالغير، فإنّ شهادته في هذه الحالة مقبولةٌ، قال ابن قدامة: "واللّاعب بالحمام يُطيّرها لا شهادة له؛ لأنَّه سفاهة ودناءة وقلَّة مروءة، ويتضمَّن أذى الجيران بطيْره، وإشرافه على دورِهم، ورمْيه إيَّاها بالحجارة".
- أن يكون القصد من تربيتها مشروعًا، أمّا إذا كانت تربيته للحمام على سبيل السَّفه، وتضييع الوقت، لم تُقبَل شهادته، قال السرخسيّ في كتابه المبسوط: "فأمَّا إذا كان يُمسِك الحمام في بيتِه يستأنس بها ولا يطيّرها عادةً، فهو عدْلٌ مقبول الشَّهادة؛ لأنَّ إمساك الحمام في البيوت مباح".
تربية الحيوانات في الإسلام
حثّ الإسلام على الرفق بالحيوان والإحسان إليها، ونظم تربيتها بأحكامٍ؛ لضمان عدم إيذائها؛ لذا ينبغي للمسلم إذا أراد أن يتعامل مع الحيوانات برفقٍ وإحسانٍ كما نصّت أحكام الشريعة الإسلاميّة ، وأن يبتعد عن كلّ السلوكيّات التي من شأنها الإضرار بهذه الحيوانات.
ورتّب الإسلام ثوابًا كريمًا لمن يُحسن للحيوان، ومن ذلك قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (بيْنا رَجُلٌ يَمْشِي، فاشْتَدَّ عليه العَطَشُ، فَنَزَلَ بئْرًا، فَشَرِبَ مِنْها، ثُمَّ خَرَجَ فإذا هو بكَلْبٍ يَلْهَثُ يَأْكُلُ الثَّرَى مِنَ العَطَشِ، فقالَ: لقَدْ بَلَغَ هذا مِثْلُ الذي بَلَغَ بي، فَمَلَأَ خُفَّهُ، ثُمَّ أمْسَكَهُ بفِيهِ، ثُمَّ رَقِيَ، فَسَقَى الكَلْبَ، فَشَكَرَ اللَّهُ له، فَغَفَرَ له، قالوا: يا رَسولَ اللَّهِ، وإنَّ لنا في البَهائِمِ أجْرًا؟ قالَ: في كُلِّ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أجْرٌ).