حكم النذر بالذبح
تعريف النذر وحكمه
النذر لغة: مصدر الفعل نذرت، وهو تكليف النفس بشيءٍ لم يكن واجباً عليها، أمّا النذر اصطلاحاً : فهو أن يُلزم المسلم نفسه بشيءٍ لم يُلزمه الله -تعالى- به في الأصل، ويكون ذلك بكل قولٍ يدلّ عليه، وقد اتفق العلماء على لزوم الوفاء بالنذر حال كونه طاعة وقربة لله -تعالى- وممّا استدلوا به على ذلك قول الله -تعالى-: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا) ، وقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن نَذَرَ أنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ)، إلّا أنّه قد تعددت آراؤهم في أصل حكم النذر كما يأتي:
- الحنفية: قالوا بإباحة النذر في الطاعات، سواء كان النذر مطلقاً دون تقييده بشرطٍ أو معلقاً مقيّداًً بشرط، كمن نذر صيام يومٍ حال رزقه الله- تعالى- ولداً.
- المالكية: قالوا باستحباب النذر في الطاعات حال كونه مطلقاً، أمّا إن كان النذر معلقاً بشرطٍ ففيه قولان؛ الكراهة والإباحة.
- الشافعية والحنابلة: قالوا بكراهة النذر عموماً حال كونه مطلقاً أو معلقاً، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا تَنْذِرُوا، فإنَّ النَّذْرَ لا يُغْنِي مِنَ القَدَرِ شيئًا، وإنَّما يُسْتَخْرَجُ به مِنَ البَخِيلِ).
حكم النذر بالذبح
أُشير مسبقاً إلى اتفاق العلماء على لزوم الوفاء بالنذر حال كونه طاعة وقربة لله -تعالى-، لذا فمن نذر ذبح شاة سواء قيّد نذره بشرط، أو أطلقه لزمه الوفاء به، فيعمد إلى ذبح شاةٍ وتوزيعها على الفقراء والمساكين إلّا إذا كان قد نوى أن يذبحها لأهله وأقاربه وجيرانه فهو على نيته لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ)، وممّا تجدر الإشارة إليه ثلاثة أمور:
- أوّلها: اتفق جمهور العلماء أن تكون الذبيحة التي قد نُذر بذبحها دون تعيينها بصفةٍ معينةٍ من حيث كونها كبيرة أو صغيرة أن تُؤدّى على الصفة التي تكون عليها الأضحية من حيث السنّ والسلامة من العيوب.
- ثانيها: يلزم الناذر الذي ألزم نفسه بذبح خروف على سبيل المثال أن يذبح خروفاً، ولا يُجزئه شراء خروفٍ مذبوحٍ أو إخراج قيمته؛ لأنّه في هذا الحال يكون قد اشترى لحم خروف أو أخرج قيمته لا ذبح خروفاً.
- ثالثها: يلزم من نذر نذراً ثمّ تبيّن له عدم القدرة على الوفاء به كفارة اليمين ، وذلك لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ومن نذرَ نذرًا لا يطيقُهُ فكفَّارتُهُ كفَّارةُ يمينٍ. ومن نذرَ نذرًا أطاقَهُ فليفِ بهِ).
وقت ثبوت حكم النذر
أُشير مسبقاً إلى أنّ النذر قد يكون مطلقاً أو مقيداً بشرطٍ، فإن كان النذر مطلقاً من غير تقييده بشرطٍ، أو بمكانٍ، أو بزمانٍ كمن قال: لله علي نذر صوم شهر، أو صدقة، فيُندب له التعجيل بالوفاء بالنذر وتنفيذه، إمّا إن كان النذر معلقاً بشرطٍ كمن قال: إن شفى الله مريضي فالله علي صوم شهر لزمه الوفاء بالنذر متى تحقق ووُجد الشرط، فإن أوفى بالنذر قبل ذلك كان نفلا لا وفاءً بالنذر.