حكم القسم بين الزوجات
حكم القسم بين الزوجات
القسم بين الزوجات؛ أي أن على الزوج توزيع مسؤولية الزوجية بين زوجاته، وهذه القسمة بين الزوجات واجبة ، لقوله -تعالى-: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً)، وقد أمر الله -سبحانه وتعالى- بالاقتصار على واحدة لمن لا يستطيع العدل بين الزوجات ، فدلّ ذلك على وجوب العدل في القسم بينهن.
أدلة وجوب القسم بين الزوجات
الأدلة من القرآن
فيما يأتي ذكر الأدلة على وجوب القسم بين الزوجات من القرآن:
- قوله -تعالى-: (وعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)
أمر -سبحانه وتعالى- الأزواج بحسن التعامل مع الزوجة؛ لتطيب نفسها وتسكن، ولإدامة المحبة، وإن كان له أكثر من زوجة فالقسم بالعدل بينهن هو من أولويات المعاشرة بالمعروف.
- قوله -تعالى-: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ)
فكما أن للزوج حقوقاً على زوجته من حسن العشرة والطاعة، وكذلك للزوجة حقوق، ومن أهمّ حقوق الزوجة العدل في القسمة إذا تعدّدت الزوجات.
الأدلة من السنة
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من كانت له امرأتان فمال لإحداهما في القسم جاء يوم القيامة وشقه مائل)، وقد دلّ الحديث على أنّ الرجل يعاقب يوم القيامة إن لم يعدل بين زوجاته، فيأتي يوم القيامة وشقّه ساقط كمن أصابه الشّلل النّصفي؛ لعدم العدل بين زوجاته، والعقاب لا يكون إلا على ترك واجب، والقسم بين الزوجات واجباً.
كيف يكون القسم بين الزوجات
يجب على الزوج التسوية بين زوجاته في النفقة والمبيت، ولو كان مريضاً أو عنيناً -أي لا يقدر على إتيان الزوجة-، ويستوي في ذلك البكر والثّيِّب، والحائض والحامل، والمريضة والمسلمة والكتابية، فالهدف من القسمة الإيناس، وإدخال السرور والراحة النفسية، ومنع العداوة والغيرة بين الزوجات.
والعدل في القسمة يكون في المبيت والنّفقة، فيبيت عند كل واحدةٍ في يومها، فعن أنس بن مالك قال: (كان للنبي -صلى الله عليه وسلم- تسع نسوة، فكان إذا قسم بينهن لا ينتهي إلى المرأة الأولى إلا في تسع)، ولا يجب التسوية بينهنّ في الوطء؛ لأنه تبع للمحبة، ولنشاط الزوج، وميل القلب، وهو لا يملك العدل فيه.
وعن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- كان عادلاً بين نسائه، وكان يقول: (اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك) ؛ فالرسول -عليه الصلاة والسلام- كان يميل إلى عائشة -رضي الله عنها-؛ ولكنه كان حريصًا على التسوية بين زوجاته في القسم؛ حتى لا يُدخل عليهنّ الحزن، واستمرّ على ذلك حتى في مرضه.
والعدل بين الزوجات ليس بالهيّن، قال -تعالى-: (وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ)، فالرجل لن يستطيع أن يعدل بين زوجاته؛ لأن المحبة وميل القلب والرغبة في الوطء مما لا يستطيع التحكّم فيه، فلم يؤاخذه على ميل القلب، ولكن نهى الله عن تعمّد الإساءة لإحداهن بالهجر ، فيجب عليه المبيت عندها والنفقة عليها لأن هذا باستطاعته وإن لم يرغب في وطئها.
مسائل في القسم بين الزوجات
هناك مسائل متّصلة بموضوع القسم بين الزوجات، ومنها:
- التنازل عن الحق في القسم
يجوز لإحدى الزوجات أن تتنازل عن حقّها في القسم لزوجة أخرى، وإذا غيّرت رأيها يعود حقها في القسم.
- القسم في السفر
إذا سافر الزوج فله أن يختار إحداهن للسفر، معه ويُستحب أن يقترع بينهن حتى تطيب أنفسهن.
- السكن
لا يجوز أن يجمع بين زوجاته في بيتٍ واحدٍ إلا برضاهن.
- مقدار المبيت
يجوز للزوج أن يقسم بين الزوجات في المبيت عند كل واحدة عددًا من الأيام، ولا يُشترط أن يبيت يوماً، فيمكن له أن يبيت أكثر من يوم بشرط التسوية بينهنّ في ذلك.