حكم العادة لمن غلبته الشهوة
حكم العادة السرية لمن غلبته شهوته
الأصل أن فعل العادة السريّة أمرٌ مُحرَّم يؤاخذ عليه صاحبه، وسيأتي التفصيل في الحكم العام لاحقاً مع الأدلة الشرعية، أمّا مَن غلبت عليه شهوته بحيث خشي الوقوع في محظورٍ أعظم وتيقّن من إمكانية ذلك؛ فقد أجاز أهل العلم فعل العادة السرية في هذه الحالة من باب ارتكاب أخفّ الضرَرَيْن.
أي إنّ الأمر محدَّدٌ بضابط الخوف الحقيقي من الوقوع في حرامٍ أكبر؛ كالزّنا، و اللواط ، أو الإصابة بالاضطرابات النفسية الشديدة المُضرّة بصحّة وحياة صاحبها، فتُباح حينها في حدود دفْع هذا الأذى والمعصية الأشدّ التي تُغضب الله -تعالى-، ذلك أنّ الضرر الأشدّ يُزال بارتكاب الضرر الأخفّ إذا لم يستطع صاحبه اجتناب كليهما.
مع التنبيه إلى أنّه لا يدخل في هذا الحكم من استجلب مقدّمات هذا الفعل، واسترسل فيها، أو أوقع نفسه في الشبهات، أو دفع نفسه إلى ثوران شهوته، ثمّ جاء يسأل عن الحكم الشرعيّ مُبرِّراً اضطراره أو تشويش فكره بسبب ذلك، وإنّما هذا الحكم خاصٌّ في حدود ضيّقة جداً -كما أوضحنا- ولمن وقع منه ذلك من غير دافعٍ ذاتيّ منه.
الحكم العام للعادة السرية
تسمى العادة السرية في عرف الفقهاء ب الاستمناء ، ويقصد بها تعمّد إخراج المني باليد ونحو ذلك من غير جِماع ولا وطء شرعي، والحكم العام لفعل هذه العادة هو الحُرمة، لِما في ذلك من التعدّي على أمر الله -تعالى-، والصّرف عن الحلال المشروع وهو الزواج.
ويدلّ على ذلك قول الله -تبارك وتعالى-: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ* إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ* فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ)، والآية صريحة بالأمر بحفظ الفروج واجتناب الزّنا.
ولا يخفى ما للعادة السريّة من الأضرار على صاحبها وعلى المجتمع، فقد يؤدّي انسياق الأفراد فيها إلى قطع النسل؛ لأنه فعل ذلك يصرف النّاس عن الزواج، بالإضافة إلى ما أثبته العلم وأهل الاختصاص من الأضرار التي تُصاحب هذا الفعل خاصّة إذا أدمنه الإنسان.
ولو كان الاستمناء جائزاً لأرشد إليه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وجعله بديلاً عن عدم القدرة على الزواج، ولذلك يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فليصم، فإن الصوم له وجاء).
علاج ارتكاب العادة السرية
شرع الله -عزّ وجلّ- ما يُغني الإنسان عن الوقوع في الحرام و الزّنا واللّجوء إلى العادة السريّة المحرّمة، ومن ذلك الزواج لمن كان قادراً، فهو السّبيل لتحصين الإنسان من الوقوع في الحرام، بالإضافة إلى الصيام، وغض البصر، واجتناب الزنا ومقدّماته، وممّا يدلّ على ذلك:
- قول الله -عز وجل-: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا).
- قوله -تعالى-: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ).
- قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة، فليتزوج فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فليصم، فإن الصوم له وجاء).