حكم الشعوذة في الإسلام
حكم الشعوذة في الإسلام
سبحان من أتمّ علينا دنيانا بالشريعة الغرَّاء، وفضلنا بين الأمم بالأخلاق والبعد عن المنكرات، وأنضج عقولنا بما فيها من الدلائل الواضحة والآيات البينات، وأشبع رغباتنا بالطرق المشروعة التي فيها للإنسان صحة وهناء، ونهانا عن كل ما يُعطل العقول، فقال وقول الحق المبين: (أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ)،(أَفَلَا تَعْقِلُونَ)،(لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).
ورغم ما أكرمنا الله -تعالى- به من صحة المنقول عن النبيّ المأمون -صلى الله عليه وسلم- يأبى بعض الناس بأنفسهم سوءً فيتعاطون مع أهل الخرافات والضلال ويمشون ممشاهم فيَضعيون ويُضيّعون غيرهم من عباد الله.
الشعوذة باب من أبواب السحر
حكم الشعوذة حرام؛ فالشعوذة باب من أبواب السحر والكهانة والعرافة، ويمكن القول أنَّها فرع من فروعه مجتمعة؛ كشجرة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار، قال -تعالى-: (فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ)، وقال -تعالى-: (فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى).
وعنما ألقى سحرة فرعون الحبال والعُصي خدعوا الناس وقلبوا عليهم الحقائق وأصبح المحال عندها واقع؛ فتركوا القوم غارقين بكذبهم ودجلهم، فمن الطبيعي أن يُحرم الله أفعالهم بما أوقعوه في صدور القوم، إذاً فالشعوذة محرّمة ولا يجوز التعامل بها؛ وإن كانت على هيئة أمور خارقة التي يدعيها بعض البشر.
ولكن لا يدخل بحكم الشعوذة ألعاب الخفة اللطيفة التي يقوم بها بعض الناس على سبيل الترفيه، فهي ليست سحراً إنما حركات سريعة وحيل وخداع بصرية لا أكثر، رغم عدم حرمتها إلا أنَّ على المؤمن الانشغال بما هو خير له في الدنيا والآخرة.
حكم إتيان المشعوذين
قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن أتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عن شيءٍ، لَمْ تُقْبَلْ له صَلاةٌ أرْبَعِينَ لَيْلَةً)، وقال -عليه السلام-: (من أَتَى عَرَّافًا أو كاهنًا فصَدَّقه بما يقولُ ، فقد كَفَر بما أُنْزِلَ على مُحَمَّدٍ).
الدلالة من قول الرسول -عليه السلام-؛ حرمة إتيان المشعوذين والسحرة والكهنة على سواء وعلى من ذهب إليهم التوبة إلى الله -تعالى-، والعزم على عدم العودة لهذه المعصية والندم على فعلها، والسّحر من السبع المهلكات التي حذّرنا منها سيدنا محمد -عليه السلام- وأمرنا باجتنابها.
ودليل ذلك ما جاء عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَما هُنَّ؟ قالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَومَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ).
معنى الشعوذة
الشعوذة باللغة
تُعرَّف الشعوذة بالغة بأنَّها: شعوذَ يشعوذ، شَعْوَذَةً، فهو مُشَعْوِذ، شعوذ الرَّجُلُ: مهر في الاحتيال، أرى الشّيءَ على غير حقيقته معتمدًا على خداع الحواسّ.وتعني أيضاً خفة في اليد وأعمال كالسحر، تُري الشيء للعين بغير ما هو عليه.
الشعوذة باصطلاح أهل العلم
الشعوذة بالاصطلاح هي: كل أمر مموّه باطل لا حقيقة له ولا ثبات، وقيل الشعوذة حِيَل وتهويل وإيهام ليس لها حقائق؛ أولها حقائق لكن لطف مأخذها، ولو كُشف أمرها لعلم أنَّها أفعال معتادة يمكن لمن عرفها أن يفعل مثلها، والشعوذة أو الشعبذة ضرب من السحر؛ قائم على التمائم والتعاويذ، والأحجبة والطلاسم.
عقوبة المشعوذين
العرافون والكهنة والسحرة لا يجوز تصديقهم ولا سؤالهم ولا إتيانهم، بل يجب الحذر منهم والإنكار عليهم، ويجب على ولاة الأمر من المسلمين تتبعهم وعقابهم بما يردعهم وأمثالهم، وإذا ادّعوا علم الغيب يستتابون، فقد ذهب بعض العلماء إلى أنّ السحرَ كفرٌ و حدُّ الساحرِ القتل ، لأنَّ دعوى علم الغيب كفر.