حكم الشرع في الأفيون
ما هو الأفيون؟
الأفيون هو عُصارة ثمرة الخَشْخاش، ويستعمل للتَّخدير وتسكين الآلام، كما يستعمله المدمنون، وهو نوع من أنواع المخدرات التي تُذهب العقل والفكر، ولا خلاف بين أهل العلم في تحريم تعاطي المخدرات كيفما كانت قليلها وكثيرها وذلك لما رُوي عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن النّبي -صلى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (سُئِلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِ البِتْعِ، وهو نَبِيذُ العَسَلِ، وكانَ أهْلُ اليَمَنِ يَشْرَبُونَهُ، فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: كُلُّ شَرابٍ أسْكَرَ فَهو حَرامٌ)، ولما رُوي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-، عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وكُلُّ مُسْكِرٍ حَرامٌ، ومَن شَرِبَ الخَمْرَ في الدُّنْيا فَماتَ وهو يُدْمِنُها لَمْ يَتُبْ، لَمْ يَشْرَبْها في الآخِرَةِ).
بعض الأحكام المتعلقة بالأفيون
حكم زراعة الأفيون
اتفق الأئمة الأربعة على تحريم زراعة الخشخاش قَصدُ استخراج المادة المخدرة فيها لتعاطيها أو الاتجار بها لمن يتعاطاها، وما يدل على ذلك ما رُوي عن بريدة بن الحصيب الأسلمي -رضي الله عنه- عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (من حبس العنبَ أيَّامَ القِطافِ حتَّى يبيعَه من يهوديٍّ أو نصرانيٍّ أو ممَّن يتَّخِذُه خمرًا فقد تقحَّم النَّارَ على بصيرةٍ).
حكم الاتجار بالأفيون
لأهل العلم من الفقهاء أقوال في حكم بيع المخدرات والإتجار بها، بيانها كما آتيًا:
- ذهب الشافعية وكذا الحنابلة ومن وافقهم من الحنفية كأبي يوسف ومحمد إلى أنّ التجارة بالمخدرات بأنواعها كالأفيون والحشيشة ونحوها محرّم بنصوص من السنّة النّبوية تخريجًا على حرمة بيع الخمر، فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-، عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (إنَّ اللهَ و رسولَه حرَّم بيعَ الخمرِ، و الميتةِ و الخنزيرِ، و الأصنامِ)، والمخدرات تدخل في اسم الخمر لتشاركهما في علّة التحريم، ولمّا كان بيع الخمر محرّمًا شرعًا كان ذلك محرّم أيضًا في حق المخدرات بأنواعها، والمال المكتسب منها حرام و ينبغي التخلّص منه، فقد رُوي عن ابن عباس -رضي الله عنه-، عن النّبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (إنَّ اللَّهَ إذا حرَّمَ شيئًا حرَّمَ ثمنَهُ)، إلّا أنّ الشافعية قالوا بوجوب التعزير دون الحدّ من حيث العقوبة خلافًا لعقوبة الخمر.
- قال المالكية بجواز بيع المخدرات مما هو سوى الخمر كالأفيون ونحوه إذا كان فيه فائدة في غير الأكل، وذلك لأنّه لم يرد به نصّ صريح يقول بتحريمها، وهو قول أبو حنيفة واشترطوا أن يؤمّن عند بيعها عدم استعمال القدر المغيّب للعقل.
طهارة الأفيون ونجاسته
لا خلاف بين فقهاء المذاهب بالقول أنّ المخدرات الجامدة طاهرة، حتى وإن كان تعاطيها محرّم، وذلك لأن نجاسة المسكرات محصورة بما هو سائل و مائع منها كالخمر ونحوه لثبوت القول بنجاستها بنصّ من كتاب الله تعالى.