آثار الطلاق على الفرد والمجتمع
الطلاق
يعرف الطلاق بأنّه إنهاء الزواج بطريقة قانونيّة، ويتمّ في المحاكم عن طريق عرض القضيّة على القضاء وليس فقط انفصالاً علنيّاً بين الزوجين؛ وذلك بسبب عدّة أسباب تكون خاصّة بهما، وقد يقرّر الطلاق كلا الطرفين أو أحدهما، وعلى من يريد الطلاق الإدلاء بالأدلّة لدى المحكمة من أجل الحصول على ما يريده، ومن ثمّ تقوم المحكمة بالنظر في الأمر من أجل إصدار الحكم النهائيّ.
آثار الطلاق على المجتمع
تعتبر الأسرة نواة كلّ المجتمعات، فبها تنهض أو تنتكس، وذلك يرجع إلى أهمية الأسرة وتأثيرها على أفرادها الذين يعتبرون جزءاً من المجتمع، ولذلك فإنّ انفصال الأم والأب يؤثّر على العائلة بشكل كبير، ممّا ينعكس على المجتمع ككل، ومن هذه التأثيرات:
التأثير على الأطفال
عادة ما يكون إنهاء الزواج صعباً جدّاً على الأطفال ، وقد يأخذون وقتاً طويلاً من أجل تقبّل الأوضاع الجديدة، وقد يقود هذا بعض الأطفال وهم كثر إلى أن يلوموا أنفسهم على طلاق والديهم ممّا ينعكس سلباً على صحّتهم النفسيّة وعلى أدائهم في الحياة بشكل عامّ، فأطفال الآباء المنفصلين يظهرون أداء أضعف من أقرانهم في المدرسة، فأداؤهم الأكاديميّ لا يكون جيّداً مقارنة بأولئك الذين يحظون بأسرة سعيدة بسبب تشتّت الفكر والإحباط الذي يعيشونه وخاصّة في الفترات الأولى.
كما ويؤثّر الطلاق على سلوك الأبناء بشكل كبير، فهم قد لا ينشأون منشأً صحيحاً بسبب غياب أحد الطرفين وهذا ما يؤثّر في سلوكاتهم مستقبلاً، ومن الآثار السلبيّة التي قد تظهر على الأطفال أيضاً هي أن يكونوا مرغمين على الاعتناء بإخوتهم الصغار، وهذا يعني إجبارهم على تحمّل المسؤوليّة منذ الصغر وهو ما لا يناسب طبيعتهم ولا طبيعة الحياة التي يحتاجونها، فإذا ما كان الطرف المحتضن لهم يقضي يومه في محاولة إيجاد قوتهم فإنّه من المحتّم على الابن الكبير أن يأخذ دور الأم والأب في المنزل، وهو ما سوف يؤثّر بطبيعة الحال على أدائه الأكاديميّ وصحّته النفسيّة والجسديّة على حدّ السواء، وهو ما قد يقوده في بعض الأحيان إلى التخلّي عن المدرسة من أجل القيام بمسؤوليّات أخرى.
التأثير على الشؤون الماليّة
يؤثّر الطلاق بشدّة على الأمور الماليّة وخاصّة تلك المتعلّقة بالأسرة أو بالزوجين المنفصلين اللذين سوف تختلف حساباتهما الماليّة اختلافاً كبيراً بعد الطلاق، كما سيختلف أثر هذا المال على أطفالهما إذا وجدوا بوصفهم عنصراً من العناصر المستهلكة، فمن الممكن ألا يكفي دخل الأب أطفاله إذا ما كانوا يعيشون عنده بسبب الاحتياجات الكثيرة التي يتطلبها الطفل، وهو ما قد يضطر الأب إلى العمل بشكل أكبر أو العمل بوظيفتين من أجل توفير هذه التكاليف وهذا ما سوف يؤدّي إلى تغيير نمط حياته كاملاً وذلك من أجل توفير المال الذي يحتاجه كلاهما، وفي حال ذهبت الحضانة للأم فإنه سوف يتكلف بالنفقات التابعة للانفصال، وفي هذه الحالة سوف تتأثر الأم من الناحية المادية بنسبة أكبر بسبب الطلاق، فغالباً ما ينحدر مستواها المادي وقد تضطر إلى أخذ المساعدات من المجتمع، لتلبي كافة حاجات أطفالها.
التأثير على الموظّف
عندما ينفصل الموظّف عن شريك حياته فإنّ هذا قد يعرّضه للإحباط والقلق بالإضافة إلى بعض المشاكل الصحّية، وذلك ما يعني أداءً ضعيفاً في العمل مقارنة بالزملاء الآخرين، كما أنّ حضور الموظفين إلى أماكن عملهم دون أن يعملوا يكلّف الشركات أكثر من غيابهم عن العمل، لأنّ الموظّف يكون مشتّتاً بالتفكير في مسائل المنزل المتروك أو الأولاد الموجودين في البيت وغيرها من الأمور والمسؤوليّات التي تشغله، كما أنّ الإحباط الذي يخلّفه الطلاق قد يستمرّ مع الموظّف أعواماً ولا ينتهي خلال فترة قصيرة، ممّا يعني مزيداً من ضعف الأداء، وهو ما قد يعود بالتأثير على الموظف نفسه بالمساءلة أو الفصل، بالإضافة إلى التأثير على أداء المكان الذي يعمل فيه من حيث الإنتاجية.
معدّل الجرائم
يوجد علاقة طردية بين معدّلات الجرائم ومعدّلات الطلاق، فقد يُظهر الأشخاص الذين نشأوا في عائلة منفصلة ميلهم أكثر نحو ارتكاب الجريمة، وهذا يعود إلى غياب الوعي وغياب الاهتمام الذي يحتاجه الشخص في طفولته لينشأ في بيئة صحّية تجعله يعرف الصحيح من الخاطئ، وبالتالي تصويب سلوكه بشكل مستمرّ ممّا يمنعه من ارتكاب الأفعال السيّئة في كبره، وقد يقود نقص حنان الأم الذي يحتاجه الطفل إلى أن يصبح عنيفاً في المستقبل بسبب حرمانه من أهمّ الأشياء في حياته، وقد يقوده أيضاً غياب الأب الذي يردعه عن فعل الأشياء السيّئة إلى ارتكاب الجرائم؛ لأنّه لا وجود لأحد ليسائله عمّا يرتكب، فهذه العوامل تعتبر من أهم الأشياء التي قد تقود الناس إلى ارتكاب الجرائم والانحراف عن الفطرة السليمة.
معدلات الأمراض النفسية
يسهم انفصال الأم والأب في ارتفاع معدّلات الاكتئاب والقلق والإحباط وجميع الأمراض النفسية عموماً، وهذا الأثر لا يقتصر فقط على الأبناء بل إنّه يمتدّ ليشمل الآباء الذين قد يتعرضون لأمراض نفسيّة حادّة وجدّية إذا أثّر فيهم الطلاق بصورة كبيرة وغير محتملة، وهذا يرجع إلى تغيير نمط الحياة وتغيير البناء الأسري الذي لا يعود على الإنسان بالخير بل العكس، فالبناء الأسري الطبيعي هو الذي يحقّق للأسرة كلّها الاستقرار وبالتالي الراحة النفسية، ويبعد أفرادها عن مواجهة الامراض النفسية التي أصبحت شائعة في هذا الوقت بسبب اختلال التوازن في كثير من الأشياء ومنها البناء الأسري، فللطلاق الدور الأكبر في تفاقم الأمراض النفسية وقلّة استجابة المرضى للعلاج النفسي، كما أن الأمراض النفسية تطال حتى الطرف الذي قرر ترك الشريك، فلا يقتصر هذا على الشخص المتروك، وذلك يرجع إلى صعوبة الطلاق ووقعه الكبير على النفس، فقد صُنِّف الطلاق بأنه ثاني أكثر شيء صعب وباعث للتوتر يمكن أن يمرّ به الإنسان.