حكم السرقة من الأهل
حكم السرقة من الأهل
السرقة من كبائر الذنوب، سواء كانت من الأهل أم من غيرهم، فهي حرام، توعد الله فاعلها بالعقوبة في الدنيا، والعقوبة في الآخرة، قال تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ . وفيما يلي تفصيل لأحكام حالات السرقة من الأهل:
حكم سرقة الابن من مال والديه
إنّ السرقة من الوالدين إثمها عظيم؛ إذ جمعت بين محذورين العقوق والسرقة، وقال جمهور الفقهاء أنّ حد السرقة لا يقام على الولد إن سرق من مال أبيه أو أمه أو جده وجدته؛ وذلك لأنّ الابن يتبّسط في مال والديه عادةً، وأما إن سرق الأب من مال ابنه؛ فإنّ ذلك لا يعد سرقة لأنّ الأب يأخذ من مال ابنه دون حاجة إلى أن يسرق منه، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (أنت ومالك لأبيك).
وهناك تفصيل إذا وقعت السرقة من الأهل ممن هم دون سن البلوغ، فلا إثم عليه؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رفع القلم عن ثلاث وذكر منهم (وعن الصبي حتى يشب)، ولكن وجب أن يعاقب بما يكفه عن فعلته عن ذلك إن كان يعقل، مع اختيار الأسلوب المناسب لإشعاره بفداحة ما فعل.
حكم السرقة بين الأزواج
إنَّ أخذ المرأة من مال زوجها دون علمه لتقصيره معها ومع أهل بيته لا يعد سرقة أو تجاوزًا، فتأخذ ما يكفي حاجتها وحاجة المنزل وحاجة أبنائها، فقال عليه الصلاة والسلام لهند امرأة أبي سفيان عندما قالت له إنّ أبا سُفيان رجلٌ شحيح، وليس يُعطيني ما يكفي وولدي إلّا ما أخذتُ منهُ وهو لا يعلم، فقال: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف).
أما عن حكم سرقة الزوج من الزوجة، فتقطع يده، لأنه لا حق له في ملك زوجته وأموالها وبسرقته لها تعدي وتجاوز على حقها، ويبقى ما سرقه في ملكيتها.
وأما فيما يتعلق بسرقة الأزواج بعضهم من المال المحرز، أي المخبَّأ بعيدًا عن نظر كل من الآخر، ففي هذا ذهب العلماء إلى آراء مختلفة:
- المالكية: ذهبوا إلى أن اليد تقطع ويقام الحد؛ لأن عقد الزواج، عقد قائم على منفعة، فلا يسقط حد القطع بسبب العقد.
- الحنفية: قالوا بعدم القطع، لأنَّ نفقة الزوجة مفروضة على الزوج ويملك بهذا أن يحجر عليها ويمنعها من التصرف، فصار هذا الرأي شبهة.
- الشافعية: ذهبوا إلى أنه يقطع الزوج بسرقة مال الزوجة، ولا تقطع الزوجة بسرقة مال الزوج؛ لأن للزوجة حقًا في مال الزوج بالنفقة، وليس للزوج حق في مالها.
حكم السرقة من الأقارب
ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ السرقة من الاقارب توجب إقامة الحد وقطع يد السارق؛ لأنّه لا شبهة تدرأ الحد، بينما ذهب الحنفية إلى التفريق بين أنواع الأقارب إن كانوا ذوي رحم محرم؛ كالأخ والأخت والعم والعمة والخال والخالة؛ فإنّ الحد لا يقام على السارق ولا تقطع يده، أو كان من الأقارب ذوي الرحم غير المحرَم؛ كأبناء الأخوال والأعمام؛ فالحد يقام وتقطع يد السارق.
حكم رد المسروق إلى الأهل
يجب رد المسروق إذا كان قائماً بإتفاق الفقهاء، أو رد قيمته سواء كان موسراً أو معسراً، فمن أراد أن يُسامح في فعلته، يذهب إلى أهله ويعترف بالذنب، ويرد المسروق، ويتوب إلى الله توبةً نصوحاً، ويعزم على عدم العودة إلى فعل ذلك لكي تقبل توبته، فالله غفور رحيم إذا عاد العبد إليه وصدق نيته مع الله.