ثقافة الاعتذار في الإسلام
الاعتذار أدب إسلامي
يعتبر اعتذار الإنسان المذنب مع اعترافه بالخطأ من الآداب الإسلامية في التعامل مع الآخرين، والذي يبعد عن الإنسان شعوره ب التكبر ، وينفي من قلوب الآخرين شعور الحقد والكراهية، ويعتبر خلق الاعتذار عند الخطأ من التواضع، فالإنسان المتواضع بعيد كل البعد عن المكابرة في الدفاع عن نفسه، وهو يدرك جيداً أن الاعتراف بالخطأ هو أطيب للقلب، وأدعى إلى العفو، وأن منزلته لن تنتقص عندما يعترف بخطئه، والمسلم لا ينتظر أن يسيء ليعتذر، بل من الممكن أن يكون الاعتذار توضيحاً للقصد أو الموقف.
ويعتبر خلق الاعتذار من الأخلاق الإسلامية التي تقي المجتمعات الإسلامية من سوء الظن، وتبادل التهم التي إن استقرت في القلب، لم يعد يجدي معها أي اعتذار، أما فيما يتعلق بالشخص المعتذر إليه، فعليه أن يعفو ويصفح عن المخطئ ويتقبل اعتذاره بطيب نفس، فذلك مما يشجع الناس دائماً على الاعتذار والإقرار بالخطأ، فسوء مقابلة المعتذر، وتشديد العتاب عليه، قد تجعل النفوس تصر على الخطأ، وتأبى الاعتراف بالزلل.
فوائد الاعتذار
هنالك العديد من ال فوائد للاعتذار ، والتي تنعكس إيجابياً على المجتمعات المسلمة، منها ما يأتي:
- الاعتذار يمحو الذنب، فهو دال على تواضع المعتذر وعدم مكابرته على الخطأ.
- المسلم الذي يقبل العذر من أخيه، يعينه دائماً على الاعتراف بالخطأ، وعلى فعل الخير.
- الاعتذار يجنب الناس الهلاك بسوء الظن وتقاذف التهم ويصفي القلوب.
- الاعتذار ينبع عن تواضع وإنصاف، كما أن قبول المعتذر إليه العذر يدل أيضاً على تواضعه، وإن الله يحب المتواضعين.
- الاعتذار يؤدي إلى استجلاب المنافع من المعتذر إليه.
- الاعتذار يجعل المجتمعات الإسلامية أكثر مرونة.
- اقتداء المعتذر بالصحابة -رضوان الله عليهم-، فقد كان الاعتذار أدباً مميزاً لمجتمع الصحابة.
الأحاديث الواردة في الاعتذار
هنالك العديد من الأحاديث النبوية الواردة في الاعتذار، ومنها ما يأتي:
- قوله -صلى الله عليه وسلم-: (إيَّاك وكلَّ ما يُعتذَرُ منه)، فالاعتذار من الأخلاق الحسنة ، ولكن الأفضل منه هو أن يحذر الإنسان من الوقوع في موقف يجعله مجبراً على الاعتذار.
- قوله -صلى الله عليه وسلم-: (كلُّ بني آدمَ خطَّاءٌ وخيرُ الخطَّائينَ التوَّابونَ)، ومن التوبة الاعتراف بالخطأ ومحاولة علاجه.
- عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: (كَانَتْ بيْنَ أبِي بَكْرٍ وعُمَرَ مُحَاوَرَةٌ، فأغْضَبَ أبو بَكْرٍ عُمَرَ فَانْصَرَفَ عنْه عُمَرُ مُغْضَبًا، فَاتَّبَعَهُ أبو بَكْرٍ يَسْأَلُهُ أنْ يَسْتَغْفِرَ له، فَلَمْ يَفْعَلْ حتَّى أغْلَقَ بَابَهُ في وجْهِهِ، فأقْبَلَ أبو بَكْرٍ إلى رَسولِ اللَّهِ، فَقالَ أبو الدَّرْدَاءِ ونَحْنُ عِنْدَهُ: فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أمَّا صَاحِبُكُمْ هذا فقَدْ غَامَرَ قالَ: ونَدِمَ عُمَرُ علَى ما كانَ منه، فأقْبَلَ حتَّى سَلَّمَ وجَلَسَ إلى النبيِّ، وقَصَّ علَى رَسولِ اللَّهِ الخَبَرَ، قالَ أبو الدَّرْدَاءِ: وغَضِبَ رَسولُ اللَّهِ، وجَعَلَ أبو بَكْرٍ يقولُ: واللَّهِ يا رَسولَ اللَّهِ لَأَنَا كُنْتُ أظْلَمَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ: هلْ أنتُمْ تَارِكُونَ لي صَاحِبِي، هلْ أنتُمْ تَارِكُونَ لي صَاحِبِي، إنِّي قُلتُ: يا أيُّها النَّاسُ، إنِّي رَسولُ اللَّهِ إلَيْكُمْ جَمِيعًا، فَقُلتُمْ: كَذَبْتَ، وقالَ أبو بَكْرٍ: صَدَقْتَ قالَ أبو عبدِ اللَّهِ: غَامَرَ: سَبَقَ بالخَيْرِ).