حكم الرياء في الإسلام
إخلاص المسلم
الجدير بالمسلم أن يقصد بعبادته كلّها وجه الله -تعالى- وحده والتقرّب منه، وينبغي الإشارة إلى ضرورة أن تكون العبادة مشروعةٌ بنصوصٍ شرعيةٍ، وعلى هذا فإنّ أهل العلم قرّروا بأنّ العبادة لا تُقبل إلّا إبشرطَين هما:
- الشرط الأول: الإخلاص لله -تعالى-، وعدم الإشراك معه أحدٌ في نية التقرّب بها، قال -تعالى-: (فَمَن كانَ يَرجو لِقاءَ رَبِّهِ فَليَعمَل عَمَلًا صالِحًا وَلا يُشرِك بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا).
- الشرط الثاني: أن تكون العبادة موافقةً لما جاء في الشرع؛ بموافقتها لأوامر الله وأوامر نبيّه -عليه الصلاة والسلام-، لقوله: (مَن عَمِلَ عَمَلًا ليسَ عليه أمْرُنا فَهو رَدٌّ).
حكم الرياء في الإسلام
أولاً: حكم الرياء في غير العبادات
يختلف حكم الرياء في غير العبادة بحسب الغرض المراد منه، فقد يكون مباحاً؛ كما في تحسين الإنسان لمظهره بلبس لباسٍ حسٍن يتجمّل به خشية أن يزدريه الناس، وقد يكون طاعةً؛ كمن يذكر طاعةً يفعلها تشجيعاً وترغيباً للناس بفعلها، وقد يكون مذموماً؛ إذا دعا لأمرٍ محظورٍ شرعًا.
ثانياً: حكم الرياء في العبادات
الرياء في العبادات محرّمٌ مذمومٌ باتفاق أهل العلم، وقالوا بأنّ المرائي يبطل عمله فضلاً عمّا يكسبه من الإثم والخزي في الدنيا والآخرة، ودخول الرياء على العبادة لا يخلو من ثلاث حالاتٍ بيانها آتياً:
- الحالة الأولى: أن يقصد الرياء من أول العمل، فإنّ المسلم إذا كان قصده في فعل العبادة ابتداءً طلب الثناء من الخلق والتقرّب إليهم؛ فإنّ عبادته باطلةٌ، فضلاً عمّا يكسبه من الإثم، كمَن أراد الصلاة بغاية ثناء الناس عليه.
- الحالة الثانية: أن يطرأ الرياء أثناء العمل، ولا يخلو ذلك من أمرَين، هما:
- ارتباط أول العبادة بآخرها؛ كمَن أراد أن يتصدّق بخمسين ديناراً فتصدّق بثلاثين وكانت نيته لله وحده، ثمّ طرأ عليها الرياء حينما أراد التصدّق بالعشرين الباقية، فإنّ أهل العلم قالوا بقبول ما كان في الإخلاص والبطلان فيما كان فيه الرياء.
- عدم ارتباط أول العبادة بآخرها؛ كالصلاة مثلاً، فإن قصد المصلّي بصلاته التقرّب لله وحده ثمّ طرأ الرياء عليه في آخر ركعةٍ، فبدأ يجمّل بها لأجل ثناء عليه، فإنّ صلاته باطلةٌ لارتباط الصلاة ببعضها أولها بآخرها.
- الحالة الثالثة: أن يطرأ الرياء بعد العمل، فإنّ أهل العلم حكموا بعدم بطلان العمل إذا طرأ عليه الرياء بعد الانتهاء منه؛ لأنّ العبادة تمت صحيحةً بشروطها وأركانها فلا تبطل بعد أدائها إذا طرأ عليها ما يفسد أجرها كالرياء ونحوه.
الحكمة من تحريم الرياء
تكمُن الحكمة من تحريم الرياء أنّ فيه خداعٌ للناس بظنّهم أنّ المرائي من الصالحين المكثرين من الطاعات وهو ليس كذلك، وقد عدّ العلماء الرياء شركٌ أصغر ، وجاءت النصوص الشرعية بذمّ الرياء وصاحبه، وذكر سوء عاقبته ومن الأدلة على ذمّ الشريعة للرياء، تُذكر بعض الأحاديث فيما يأتي:
- أخرج الإمام البخاري في صحيحه عن جندب بن عبد الله -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (مَن سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ به، ومَن يُرائِي يُرائِي اللَّهُ بهِ).
- ورد عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (يا أيها الناسُ! اتَّقوا هذا الشِّركَ؛ فإنه أخفى من دبيبِ النَّملِ. فقال له من شاء اللهُ أن يقولَ: وكيف نتَّقِيه وهو أخفى من دبيبِ النَّملِ يا رسولَ اللهِ! قال: قولوا: اللهم إنا نعوذُ بك من أن نُشرِكَ بك شيئًا نعلَمُه، و نستغفرُك لما لا نعلمُه).
- ورد عن محمود بن لبيد الأنصاري -رضي الله عنه- عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (إنَّ أخوَفَ ما أخافُ عليكُمُ الشِّركُ الأصغرُ: الرِّياءُ، يقولُ اللهُ يومَ القيامةِ إذا جَزَى النَّاسَ بأعمالِهم: اذهَبوا إلى الذينَ كنتم تُراؤونَ في الدُّنيا، فانظُروا هل تَجِدونَ عِندَهم جزاءٍ).