حكم الاستهزاء بالدين
حكم الاستهزاء بالدين
إن الاستهزاء بالدين والاستخفاف به والخوض فيه بهدف الانتقاص والسخرية منه هو من أكبر الكبائر عند الله -تعالى-، يقول الله -تعالى-: (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ* لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ)، فهذه الآية الكريمة توضّح حكم الاستهزاء بالدين؛ وهو الردّة عن الإسلام والكفر.
أنواع الاستهزاء
إن للاستهزاء عدّة أنواع، وكلها قبيحة وتُغضب الله -عز وجل-، وهي على النحو الآتي:
- الاستهزاء بالله ورسوله
يقول الله -تعالى-: (يحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِؤُواْ إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ* وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ* لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ)، وقد ذكر ابن تيمية أن الحكم هنا هو الكفر.
- الاستهزاء بالمؤمنين: إن الاستهزاء بالمؤمنين هو مدخلٌ للاستهزاء بالدين، وهو على حالتين:
- الاستهزاء و السخرية بالمؤمنين بخَلقهم أو خُلقهم، وهو محرّم بالإجماع.
- الاستهزاء بالمؤمنين بسبب تمسّكهم بالإسلام، ويُراعى فيه أمران: أن يكون المستهزئ جاهلًا ولا يعلم أنّه يستهزئ بالدين، والثاني أن لا يقصد الدين باستهزائه لهم، فإن انتفى هذان الأمران وكان يستهزئ بهم بسبب تمسّكهم بالدين فحكمه كحكم الاستهزاء بالدين.
- قال الله -تعالى- بحق من يستهزئ بالمؤمنين: (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)، فهؤلاء يستهزئون بالمؤمنين، وجزاؤهم عند الله عذابٌ أليم يوم القيامة.
آيات تتحدث عن السخرية والاستهزاء
ورد في القرآن الكريم آيات كريمة في مواضع عديدة تتحدَّث عن الاستهزاء والسخرية، منها ما يأتي:
- قال الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ).
- قال الله -تعالى-: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
- قال الله -تعالى-: (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ).
عواقب السخرية والاستهزاء
إنّ للسخرية والاستهزاء عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة، وهي على النحو الآتي:
- إنّ السخرية والاستهزاء تقطع الروابط الاجتماعية القائمة على الأخوة، والتواد، والتراحم.
- تبذر بذور العداوة والبغضاء، وتُورث الأحقاد والأضغان.
- تولّد الشعور والرغبة بالانتقام.
- ضرر استهزاء المستهزئين بالمؤمنين راجع إليهم.
- حصول الهوان والذل للمستهزئ، وكره الناس له.
- المستهزئ يعرّض نفسه لغضب الله وعذابه.
- ضياع الحسنات يوم القيامة.
أسباب السخرية والاستهزاء
للسخرية والاستهزاء أسباب تدفع المستهزئ لفعلها، وهي على النحو الآتي:
- الكبر الذي يلازمه بطر الحق وغمط الناس.
- الرغبة بتحطيم مكانة الآخرين.
- التسلية والضحك على حساب آلام الآخرين.
- الاستهانة بأقوال الآخرين وأعمالهم، أو خلقتهم، أو طبائعهم، أو أسرهم، أو أنسابهم، وغير ذلك.
- الفراغ وحب إضحاك الآخرين.