ثمرات الحياء في الدنيا
ثمرات الحياء في الدنيا
الحياء له أثرٌ عظيمٌ على حياة الفرد الدنيوية والأخروية ، فهو سببٌ لدخول الجنة، فقد ورد عن الصحابي الجليل أبي هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ وَالإِيمَانُ فِي الْجَنَّةِ وَالْبَذَاءُ مِنَ الْجَفَاءِ وَالْجَفَاءُ فِي النَّارِ)، وسنذكر ثمرات الحياء على الفرد المسلم في الحياة الدنيا مع تفصيلها فيما ياتي:
الوقاية من الوقوع في المعاصي
إنّ المُرتكز الأساسي في حياء العبد من الله -تعالى- بأن يستحييَ أن يقع في ما يُغضب الله -تعالى-، فيحفظ الإنسان حواسّه الظاهرة والباطنة من الوقوع في الحرام حياءً منه من الله -تعالى-، وذلك نابعٌ من شعور المؤمن بأن الله -تعالى- يراه في كل حال، وبهذا يبعتد المؤمن عن المعاصي ومَظانّها، فلا يعاود طريق الذنوب وذلك لتخلّقه بالحياء.
التخلق بخلق الإسلام
جاء عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأنّ الحياء هو خُلُق الإسلام الأساسيّ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ لكلِّ دينٍ خُلُقاً، وإِنَّ خُلُقَ الإسلامِ الحياءُ)، كما ورد بأنّ التخلّق به يُعتبر من التخلّق بخُلقٍ من أخلاق الإيمان، كما جاء في حديث أبي هريرة أعلاه.
وفي ذلك حسن الاقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقد ورد بأنّه كان شديد الحياء، وعلى المسلم بناءً على ذلك إذا لم يزرق الحياء بفطرته، أن يسعى بكل ما أوتي من طاقةٍ للتخلق بهذا الخلق، ويُمرّن نفسه على هذا الخلق الإسلاميّ النبيل.
يكسب صاحبه الاحترام والوقار
إنّ مما يظهر من سمة صاحب الحياء، سمة الوقار وصفة السكينة في مُحيّاه، وبيان ذلك بأن الحَييّ يُرى في سلوكه توقيره لنفسه ولغيره، وبالأخص توقير المسلم لكبار القوم، كما حدث مع ابن عمرحينما أجاب في نفسه عن سؤال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ وعلّل سكوته بأنّه من أصغر القوم الموجودين، فمنعه حياؤه من التقدّم على كبار القوم عُمراً وقَدْراً.
وسكونه وامتناعه عن الكثير من التصرّفات التي تصدر عن الآخرين التي يكون من شأنها تقليل مروءة الشخص. ومثال ذلك أيضاً أن رسول الله -صلى الله عليه سلم- كان إذا رأى ما هو محرّم أو حتى غير مُحببٍ؛ يكره ما يرى ويظهر أثر ذلك على وجهه، وذلك لأنّ الحياء يمنع النفس الإنسانية عن كل خوارم المروءة، وقوادح الوقار.
الحياء مفتاح لكل خير
ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأنّ الحياء يُعدّ مفتاحاً لكلّ خيرٍ، فقد قال: (الحَياءُ لا يَأْتي إلَّا بخَيْرٍ)، وقال أيضاً: (الْحَياءُ خَيْرٌ كُلُّهُ)، ولأهميّة الحياء فقد ورد بأن الحياء لم يزل مُستحسنًا في شرائع الأنبياء السابقين.
وذلك لعظم الخير الذي يعود به على كل من الفرد والمجتمع، فيأتي بعدّة ثمار خيّرة، من مثال توقير الكبار قدراً وعمراً، والابتعاد عن المعاصي ومظانّها، والاقتداء برسول الله -صلى الله عليه وسلّم-.
الحياء مغلاق لكل شر
إذا كان الحياء مفتاح الخير فهو بالضرورة مِغلاقٌ لكلّ شرٍ أيّما كان نوع هذا الشر، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ ممَّا أدْرَكَ النَّاسُ مِن كَلامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى: إذا لَمْ تَسْتَحْيِ فاصْنَعْ ما شِئْتَ)، وقد ورد هنا الأمر بفعل ما شاء الإنسان إذا لم يتخلّق بالحياء، فالمانع لدى الإنسان من ارتكاب الذنوب واستحلال فعلها أمام الآخرين هو الحياء.
وقد عبّر العلماء عن من لم يتخلّق بخلق الحياء بأنّه لم يبق له من إنسانيته إلا اللّحم والدم، وبالتالي فإن التخلّق بالحياء يُعتبر المانع من ارتكاب كلّ ما من شأنه أن يقدح من مروءة الإنسان، وكلّ ما يؤدي إلى غضب الله -تعالى-، وعلى هذا يتبيّن الأثر للحياء بغلق كلّ باب شرٍ للإنسان والمجتمع.
الحياء زينة المسلم
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (ما كانَ الفحشُ في شيءٍ إلَّا شانَه وما كانَ الحياءُ في شيءٍ إلَّا زانَه)، فما من شيءٍ قد يحلّ عليه الحياء ويتّصف به إلّا وكان زينةً له، وكل أمرٍ صادرٍ عن الإنسان كان بعيداً عن الحياء، وكان قبيحاً في ذاته، وقبيحاً في أثره الذي يتركه وراءه، فكل خيرٍ يُعد نابعاً من حياء المسلم، وكل شرٍّ يُعدّ نابعاً من تخلّي الإنسان من خُلق الحياء.