توضيح مراتب الدين للأطفال
ما هي مراتب الدين
لو قمنا بتشبيه مراتب الدّين بالدوائر، لكانت ثلاث، ولو قمنا بتقسيمها حسب مفهومها، لكانت أوسع دائرة هي الإسلام، ثم الأوسط تكون للإيمان، ثم الأصغر والأضيق وتكون للإحسان، فدائرة الإسلام الواسعة تشمل كلّ من أظهر الإسلام، وعمل أعمال المسلمين، وإن كان في داخله أمر مختلف.
أما دائرة الإيمان الوُسطى؛ فهي مراتب ودرجات؛ فالمؤمنون مختلفون في درجات إيمانهم، وأمّا دائرة الإحسان الصغرى، فهي تحتاج إلى يقين، وحسن عمل، فهي مرتبة لا يصلها إلّا المخلصين.
الإسلام
تعريف الإسلام
يُعرف الإسلام لغة وشرعاً بما يأتي:
- تعريف الإسلام لغة: الاستسلام، والانقياد، أيّ الاتباع.
- تعريف الإسلام في الشّرع: يُقصد به الدّين كلّه، أي دين الإسلام بكلّ التفريعات والأصول، وهذا المعنى في حال لم يُذكر لفظ الإيمان مع الإسلام.
- تعريف آخر للإسلام في الشّرع: فيُقصد به الأعمال والأقوال الظاهرة من المسلم، وهذا في حال ذُكر لفظ الإيمان والإسلام معاً.
أركان الإسلام
يقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: (بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ)، فالإسلام كالبناء، يحتاج له أعمدة تثبته، وهذه الأعمدة هي أركان الإسلام الخمسة، وهي كما يأتي:
- الشّهادتان: وهي قول "أشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أنّ محمداً رسول الله"، فالشّهادتان مرتبطتان ببعضهما البعض، لا يُمكن ذكر واحدة دون الأخرى، ولا يتحقّق الإسلام إلّا بهما؛ ففيهما الاعتراف التامّ بأنه لا إله يستحق العبادة إلّا الله -سبحانه-، والاعتراف بأنّ سيّدنا محمّد رسول من الله.
- الصّلاة: وهي تميّز بين الإنسان المطيع لله -تعالى- وبين العاصي، فتمرّ على المسلم خمس مرات في اليوم، ولهذا ذكرت بعد الشهادتين مباشرة؛ لأنّ أمرها عظيم، وهي تبعد المسلم عن الأعمال السيّئة والمعاصي، ولأنّها العمل الذي يتّصل المسلم به بالله -تعالى- مباشرة.
- الزّكاة: وهي عبادة تتعلّق بالمال، يقوم بها المسلم القادر صاحب الأموال مرة واحدة في السنة، وتكون في الثّمار، والمال، والحيوانات، والذهب، ولها فوائد عدّة للمسلم، وللفقراء والمحتاجين.
- الصّيام: وهي عبادة بدنيّة تكون أيضاً في السنة مرّة واحدة في شهر رمضان المبارك.
- الحجّ: وهي عبادة بدنيّة وماليّة، يحتاج المسلم فيها إلى قوة الجسد للقيام بها، ويحتاج إلى المال الكافي للسفر والتزوّد، لهذا لا يكون الحجّ إلّا مرّة واحدة في العمر لمن استطاع وقدر عليه.
الإيمان
تعريف الإيمان
يُعرف الإيمان لغة وشرعاً بما يأتي:
- تعريف الإيمان لغةً: التّصديق بالأمور الغائبة.
- تعريف الإيمان في الشّرع: هو ما صدّق به القلب، ونطق به اللّسان، وظهر العمل به.
أركان الإيمان
ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في إجابته لجبريل -عليه السّلام- عندما جاءه يسأل عن الإيمان فقال -صلّى الله عليه وسلّم-: (أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ، ومَلائِكَتِهِ، وكِتابِهِ، ولِقائِهِ، ورُسُلِهِ، وتُؤْمِنَ بالبَعْثِ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ كُلِّهِ)، فأركان الإيمان ستة، وهي كما يأتي:
- الإيمان بالله -تعالى-: هو التّصديق بوجود الله -سبحانه-، وأنّه المستحق الوحيد للعبادة، والمتّصف بصفات كاملة، لا نقص ولا عيب فيها، واطمئنان القلب بهذا؛ بفعل أوامره -سبحانه-، والابتعاد عن الأمور التي نهى عنها، والتّصديق بأنّ أمور الكون بيده وحده، فيتوكّل المسلم عليه، ويستعين به.
- الإيمان بالملائكة: وهو التّصديق بوجود مخلوقات لله -سبحانه- تسمّى الملائكة، جعل الله لكل منها عمل مخصّص، وقد ذكر عدد منها وذكر العمل الموكّل به، فمثلاً: الملك جبريل -عليه السّلام- المسؤول عن تبليغ الوحي، والملك ميكائيل المسؤول عن المطر، وملك الموت المسؤول عن قبض الأرواح.
- الإيمان بالكتب السماوية: هو التّصديق بأنّ الله -تعالى- أنزل على رسله كتباً لهداية أقوامهم، وفيها ما يأمر به الله وما ينهى عنه، ومن هذه الكتب: القرآن الكريم، التوراة، الإنجيل، الزّبور، صحف إبراهيم وموسى -عليهما السّلام-.
- الإيمان بالرسل: هو التّصديق التامّ، بأنّ الله -تعالى- أرسل رسلاً لدعوة الناس للحّ، وتبشيرهم بالخير، وتخويفهم من الحساب، ولإنقاذهم من النّار والجهل، ويجب التّصديق بهم جميعاً، وبما جاء معهم من أدلّة ومعجزات، وقد ختم الله -سبحانه- الرّسل بسيّدنا محمّد -صلّى الله عليه وسلّم-.
- الإيمان باليوم الآخر: هو التّصديق الكامل بيوم القيامة، وما أخبر الله عنه في القرآن الكريم، وهو يوم لا يعلم وقته إلّا الله -سبحانه-، فقد أخفى الله عنّا موعده؛ للاستعداد له دائماً، ولكنّه وضع له علامات تدلّ على قرب وقوعه.
- الإيمان بالقدر: التّصديق التامّ بأنّ الله -تعالى- يفعل ما يريد، وأنّ الخير والشرّ بيده، فلا شيء يكون إلّا بعلمه وتدبيره، فهو يعلم الغيب، ويعلم ما يفيد كلّ مخلوق.
الإحسان
تعريف الإحسان
يقول -صلّى الله عليه وسلّم- في تعريف الإحسان: (الإحْسَانُ أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَرَاهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّه يَرَاكَ)، والإحسان: هو فعل الشيء الحسن مع النّفس ومع الغير، وبهذا يكون الإنسان قريباً من الله -سبحانه-، وتكون عبادته له كأنّه يراه أمامه، فيعمل بإتقان وإخلاص، والله يحبّ الإحسان ويحبّ المحسنين.
صور في الإحسان
تتعدّد صور الإحسان في مختلف العبادات والأعمال، نذكر من هذه الأمثلة والصور ما يأتي:
- برّ الوالدين، وطاعتهما بالمعروف والخير دون معصية الله -سبحانه وتعالى-، والدّعاء لهما، وإكرامهما.
- صلة الأقارب، والعطف عليهم، والرحمة بهم، والابتعاد عمّا يؤذيهم.
- العطف على اليتامى، وعدم أخذ أموالهم، والحفاظ عليها، وأداء حقوقهم.
- الاهتمام بالمساكين؛ بسدّ جوعهم واحتياجاتهم، وعدم التّكبر عليهم، ومعاملتهم بالحسنى، وإيصال الصّدقات إليهم.
- السّعي في قضاء حاجة عابر الطريق المنقطع عن أهله، وبلده، وماله.
- إعطاء الخدم أجرتهم، وعدم التأخّر عليهم فيها، وطلب ما يستطيعون فعله بالقدر المعقول دون مبالغة أو سوء معاملة.
- معاملة كافّة النّاس بلطف، ولين، والابتعاد عن أذيّتهم، ونفعهم، وإعطائهم حقوقهم.
- حسن معاملة الحيوان، بإطعامه، والاهتمام به، والرّفق به، وعدم إتعابه بالأعمال الصّعبة.
- أداء العمل بإتقان دون غش أو خداع.
ملخص المقال: جعل الله -سبحانه- لهذا الدّين مراتب ودرجات، ليمتاز النّاس بأعمالهم، ويتفاوتوا بدرجة قربهم وجهدهم، فأدنى هذه المراتب وأوسعها الإسلام، وأعلاها الإحسان، وما بينهما يأتي الإيمان، وقد بيّن لنا رسولنا الكريم مفهوم كلّ منها، شارحاً لنا أركانها التي تقوم بها، داعياً أمّته للتطبيق وحسن العمل في الأمور كلّها.