تكبيرات الحج
تكبيرات الحج
تعد تكبيرات الحجيج من الأصوات المحبب سماعها لكل مسلم ومسلمة؛ وفيما يأتي بيان لكل المعلومات المتعلقة بهذه التكبيرات:
صيغة تكبيرات الحجّ
تعدّدت آراء أصحاب المذاهب في صيغة تكبيرات الحجّ، وذهبوا في ذلك إلى عدّة آراءٍ، بيانها فيما يأتي:
- الحنفيّة:
قالوا إنّ التكبير يكون بقَوْل: "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلّا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد"، وقالوا بجواز الزيادة على الصيغة السابقة بقَوْل: "الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله وبحمده بُكرةً وأصيلاً، لا إله إلّا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، لا إله إلّا الله، ولا نعبد إلّا إيّاه، مُخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهمّ صلِّ على سيدنا محمّدٍ، وعلى آل سيدنا محمّدٍ، وعلى أصحاب سيدنا محمّدٍ، وعلى أزواج سيدنا محمّدٍ، وعلى ذُريّة سيدنا محمّدٍ، وسلِّم تسليماً كثيراً".
- المالكيّة:
قالوا إنّ صيغة التكبير تكون بقَوْل: "الله أكبر" ثلاث مرّاتٍ، ويُعيدها مرّةً بعد أخرى.
- الشافعيّة:
قالوا إنّ أفضل صيغة للتكبير هي: "الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلّا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد".
- الحنابلة:
قالوا إنّ صيغة التكبير تكون بقَوْل: "الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلّا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد"، أي التكبير مرّتين؛ وذلك كما ورد عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-.
وقت التكبيرات في الحجّ
يكون التكبير المطلق والمقيد في أيّام العشر من ذي الحِجّة وأيّام التشريق في عيد الأضحى؛ استدلالاً بقَوْل الله -تعالى-: (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ).
وفسّر ابن عباس -رضي الله عنهما- الأيّام المعلومات بالعشر من ذي الحِجّة، بالإضافة إلى ما ورد عن الصحابة -رضي الله عنهم- من آثارٍ؛ فقد ورد عن عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- أنّه كان يُكبّر بمِنى إلى أن يسمع أهل المسجد صوته فيُكبّرون، وسار على ذلك ابن عمر -رضي الله عنهما-؛ إذ كان يُكبّر بمِنى في تلك الأيّام عقب الصلوات، وفي الفراش، وأثناء جلوسه، ومسيره، ومع أبي هريرة في السوق.
وقد تعدّدت آراء العلماء في وقت ابتداء التكبيرات في الحجّ، وذهبوا في ذلك إلى أقوالٍ عدّةٍ، بيانها آتياً:
- الحنفيّة: يبدأ وقت التكبير من بعد صلاة الفجر من يوم عرفة، إلى ما بعد عصر آخر يومٍ من أيّام التشريق .
- المالكيّة: قالوا إنّ التكبير يبدأ من بعد صلاة الظُّهر من يوم النَّحر، ويستمرّ إلى صلاة الفجر من اليوم الرابع.
- الشافعيّة: قالوا إنّ التكبير في الحجّ يبدأ من ظُهر يوم النَّحْر، ويستمرّ إلى صباح آخر أيّام التشريق؛ إذ إنّ الظُّهر أوّل صلاةٍ تُؤدّى بعد انقضاء وقت التلبية، والفجر آخر صلاةٍ في مِنى.
- الحنابلة: قالوا إنّ التكبير يبدأ من صلاة الظُّهر من يوم النَّحْر، ويستمرّ إلى صلاة العصر من آخر أيّام التشريق.
الصلاة وتكبيرات الحج
تجدر الإشارة إلى تعدّد آراء العلماء في الصلوات التي يُشرَع بعدها البدء بالتكبير، ونبين هذه الآراء على النحو الآتي:
- قال الشافعيّة إنّ التكبير يكون بعد الصلوات؛ سواء كانت فرضاً، أو نافلةً؛ فالتكبير شعارٌ للوقت، ولا يختصّ بصلاةٍ دون أخرى.
- قال الحنابلة بخصوصيّة التكبير بعد الفرائض التي تُؤدّى جماعةً؛ فلا يُؤدّى التكبير بعد الصلوات التي تُؤدّى فُرادى.
- أمّا المالكيّة فقالوا إنّ التكبير مشروعٌ بعد الصلوات التي تُؤدّى في وقتها، أمّا إن كانت الصلوات من باب القضاء، فلا يُشرَع التكبير بعدها.
- أمّا الحنفيّة فقالوا بمشروعيّة التكبير بعد كلّ فرضٍ على الإطلاق، دون الفصل بينهما.
مواطن ذِكْر الله في الحجّ
للتكبير مواطن عديدةٌ في الحجّ، منها:
- التكبير يوم النَّحر حين الانتقال من مزدلفة إلى مِنى؛ لرَمْي جمرة العقبة، فقد ورد عن عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- أنّه قال: (لقد خَرجتُ معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ فما ترَكَ التَّلبيةَ حتَّى رمَى جَمرةَ العقَبةِ إلَّا أن يخلِطَها بتَكبيرٍ أو تَهليلٍ).
- التكبير حين رَمْي الجمرات، إذ يُستحَبّ التكبير عند رَمْي الجمرات بقَوْل: "الله أكبر" مع كلّ حصاةٍ، استدلالاً بما أورده الإمام البخاريّ عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنّه: (كانَ يَرْمِي الجَمْرَةَ الدُّنْيَا بسَبْعِ حَصَيَاتٍ، ثُمَّ يُكَبِّرُ علَى إثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ... ثُمَّ يَرْمِي الجَمْرَةَ الوُسْطَى كَذلكَ... ويقولُ: هَكَذَا رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَفْعَلُ).
- التكبير حين ذَبْح الهَدْي الواجب على الحاجّ المُتمتِّع، أو القارن؛ إذ تُشرع عند الذَّبْح التسمية، والتكبير؛ بقَوْل: "بسم الله، والله أكبر".
- يُسَنّ كذلك للحاجّ التكبير في مُزدلفة عند المَشعر الحرام؛ فيقف عنده بعد الانتهاء من صلاة الفجر، ويستقبل القِبلة، ويُكبّر الله، ويتوجّه إليه بالدُّعاء.
- اتّفق أهل العلم على مشروعيّة التكبير في صلاة العيد؛ سواءً للإمام، أو المُقتدي.
- يُشرَع التكبير حين رجوع الحاجّ، وحين المرور بمكان مرتفعٍ أثناء المسير؛ إذ أخرج الإمام البخاريّ عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-: (أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ إذَا قَفَلَ مِن غَزْوٍ أوْ حَجٍّ أوْ عُمْرَةٍ، يُكَبِّرُ علَى كُلِّ شَرَفٍ مِنَ الأرْضِ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ، ثُمَّ يقولُ: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له، له المُلْكُ وله الحَمْدُ، وهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وعْدَهُ، ونَصَرَ عَبْدَهُ، وهَزَمَ الأحْزَابَ وحْدَهُ).
- يُشرَع التكبير حين استلام رُكن الحجر الأسود أثناء الطواف بالكعبة، أو المرور بمُحاذاته، كما بيّن العلماء مشروعيّة الرقيّ على الصفا والمروة ، واستقبال القِبلة، وتكبير الله -عزّ وجلّ-، وتهليله، والتوجُّه إليه بالدعاء.
- يُشرَع التكبير الحاجّ حين يتّجه من مِنى إلى عرفة، فيَشرع بذِكْر الله -تعالى-، والتكبير، والتلبية؛ إذ إنّ يوم عرفة من أفضل الأيّام، ويُستحَبّ فيه الدُّعاء، والذِّكْر، كما أنّه من الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء، وتُغفَر فيه الذنوب.
تعظيم المسلمين لشعيرة الحجّ
يُعظّم الحجّ شعائر الله في النفوس، ممّا يُؤدّي إلى تحقيق التقوى، ويتمثّل تعظيم شعائر الله في عدّة أمورٍ؛ ذلك أنّ الحاجّ لا يُمكن له ارتكاب شيءٍ ممّا حرّمه الله عليه أثناء أداء الحجّ؛ فلا يأخذ شيئاً من شَعره، ولا يقتل صيداً، ولا يتطيّب، كما أنّ للحجّ أثراً في الجوارح، وأثراً في التعامل مع ما شرعه الدِّين؛ سواء في الجانب المعرفيّ، أو الداخليّ، أو الظاهريّ.
وبتعظيم المسلم لشعيرة الحجّ يبتعد عن معصية الله، فلا يتجرّأ على فِعل ما يُغضب الله -عزّ وجلّ-، ويحرص على طاعة الله، ويُعظّم أمرها، ومن حِكم الحجّ ومقاصده إقامة ذِكْر الله -تعالى-؛ فهو أساس عبادة الحجّ، وسائر العبادات، وهو من أعظم المقاصد، وقد أمر الله -تعالى- عباده بالذِّكر عند أهمّ مناسك الحَجّ، مثل عرفة، وأثناء الحجّ، وبعد الانتهاء منه، ومن ذِكْر الله -عزّ وجلّ- التكبير.