تفسير سورة طه
تفسير سورة طه
تحدّثت سورة طه عن العديد من الموضوعات، حيث إنّ عدد آياتها هو 135 آية، وسيتمّ فيما يأتي بيان أهم ما تحدّثت عنه السورة الكريمة من الموضوعات، وشرح ذلك على سبيل الإجمال:
الآيات من (1-8)
قال الله -تعالى-: (طه* مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى* إِلاَّ تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى* تَنزِيلا مِّمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى* الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى* لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى* وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى* اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى).
افتتحت آيات سورة طه بالتحدي بالقرآن الكريم، وذلك بذكر الحروف المقطعة في بدايتها؛ وهي (طه)، وهذه الآيات كانت خطاباً للنبي -صلى الله عليه وسلم- ببيان وظيفته، وتثبيته بقيام واجب الدعوة والتبليغ، وطمأنته بأنّ الله معه، وبيّنت مكانة القرآن الكريم وعِظم قدره، وأن إنزاله إنما هو للتذكرة والعظة.
كما أنّ القرآن فيه سعادة البشر في الدنيا والآخرة، فلم ينزل القرآن على الرسول إلا ليكون تذكرة لمن يخشى الله فينتفع به، وقد أشارت الآيات إلى عظمة الله -تعالى- الذي أنزل القرآن، فهو خالق السموات والأرض وما بينهما ومالكهما، وهو المتصف بأكمل الصفات وأحسن الأسماء الدالة على الكمال والتقديس والتمجيد.
الآيات من (9-16)
قال -تعالى-: (وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى* إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى* فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى...)، إلى قوله: (فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى).
انتقلت الآيات بالحديث عن قصة سيدنا موسى -عليه السلام- بشكل مفصّل، وفي ذلك تسلية للنبي -صلى الله عليه وسلم- في تحمّل أعباء النبوة وتبليغ الرسالة، فقد كان موسى -عليه السلام- من أشد الأنبياء على تحمّل أذى قومه ومكارههم، فبدأت الآيات ببيان اختيار الله له بحمل الرسالة وتبليغ الدعوة.
وذكرت تكليفه بالذهاب إلى فرعون، وابتداء الوحي لسيدنا موسى، وتكليم الله له بالوادي المقدس، وإعلامه أنه الإله الحق الواحد المستحق للعبادة، وقد أمره الله بالصلاة، وأخبره عن الساعة التي لا شك في إتيانها، وأنه أخفى موعدها عن الخلق، وأنه سيكون هناك يوم حساب تُجزى فيه كل نفس بما عملت.
الآيات من (17-35)
قال -تعالى-: (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى* قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى* قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى* فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى* قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى...)، إلى قوله: (اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى).
بيّن الله -تعالى- في هذه الآيات بعض التوجيهات والأوامر التي وجّهها إلى نبيه موسى -عليه السلام-، وبدْء الاستعداد والتهيئة لدعوة فرعون وقومه ، وتأييد الله له ونصره بالحجة والمعجزات، وذكر براهين نبوته وصدق رسالته؛ فكانت أولها معجزة العصا، حيث أمره الله تعالى أن يُلقي عصاه على الأرض.
وحينها صارت عصاه حيةً عظيمةً تتحرّك حركةً سريعة، ثم وجّه الله له أمراً آخراً، وهي المعجزة الثانية، وهي اليد البيضاء، حيث يُدخل يده في جيبه ثم يخرجها، فتكون بيضاء لامعةً تتلألأ من غير عيب كالبرص أو الأذى.
ثم طلب موسى من ربه العون ليتسنّى له أداء ما كُلّف به، فسأله أَن يشرح صدره، وييسِّر أمره، وأن يجعل أَخاه هارون وزيرا له وناصراً يشاركه في الرسالة ويعينه على أَعبائها، فقال: (قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي* وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي* يَفْقَهُوا قَوْلِي* وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي* هَارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي* كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا* وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا* إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيرًا).
الآيات من (36-41)
قال -تعالى-: (قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى* وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى* إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى* أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي...)، إلى قوله: (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي).
أجاب الله -سبحانه وتعالى- سؤال موسى ودعاءه، وحقّق له ما طلب، ثم ذكّره ببعض مِننه عليه، ثم ذكر له نِعماً عظيمة سابقة كانت قبل نبوته؛ وهي: إلهام أم موسى وهو طفل رضيع بصنع صندوق ووضعه فيه وإلقائه في النيل؛ وذلك لإنقاذه من فرعون، فنجاه الله من القتل والغرق.
بالإضافة إلى إلقاء المحبة عليه من الله، فكل من يراه كان يحبّه، وكان من آثار هذه المحبة عطف زوجة فرعون عليه، وطلبها من فرعون عدم قتله، فتربّى في بيت عدوه فرعون مكرماً، ومن منن الله عليه رعاية الله له، والعناية به، وحفظه من سوء فرعون، وكذلك تحريم المراضع عليه، فلا يقبل ثدي أي امرأة، ليكون مآله إلى أمه فترضعه وتطمئن عليه.
وذكر أنّه نجّاه من القتل والتعذيب عندما استنصره رجل من قومه على رجل من أعدائه فقتله بالخطأ، وذلك بذهابه إلى أرض مدين، ومكثه فيها يعمل أجيراً عند الرجل الصالح، ومن المنن أيضاً ما أصابه من الابتلاءات والمحن والفتن، فنجاه الله منها ومن شرورها، وصلح للقيام بالرسالة والدعوة.
ثم ذكر نعمته عليه بما كان من مجيئه إلى مكانٍ معيَّنٍ في وقتٍ قد قدّره الله وقضاه ليكليمه ويجعله نبياً، وجعله محل صنيعته وإحسانه واصطفائه لحمل رسالته وتبليغها إلى فرعون وقومه، وإلى قومه بني إسرائيل .
الآيات من (42-48)
قال -تعالى-: (اذْهَبْ أَنتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي* اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى* فَقُولا لَهُ قَوْلا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى* قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى* قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى...)، إلى قوله: (إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَن كَذَّبَ وَتَوَلَّى).
ذكر الله -تعالى- مجموعة من التوجيهات والأوامر التي أمر موسى بفعلها وتنفيذها هو وأخوه، لأداء المهمة التي كلّف بها بتبليغ الدعوة إلى فرعون وقومه، وهي الذهاب إلى فرعون مع أخيه هارون بالمعجزات والبراهين التي جُعلت علامة على صدقه، والمداومة على ذكر الله تعالى في كل موطن دون ضعف وفتور.
وأمرهما بالذهاب إليه وإبطال دعواه بالألوهية بالحجة؛ فقد تجاوز فرعون الحد في الكفر، وتجبّر في التمرد والعصيان، كما أمرهما بأن يخاطباه باللين والقول اللطيف، فذلك أدعى إلى التفكّر وإجابة الدعوة، وأمرهما بعدم الخوف والرهبة، فإنه معهما -سبحانه-، يسمع ويرى، ويحفظهما وينصرهما.
الآيات من (49-64)
قال -تعالى-: (قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى* قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى* قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى* قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لّا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى...)، إلى قوله: (فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى).
أتبعت الآيات وصف الحوار الذي دار بين موسى -عليه السلام- وفرعون وجهاً لوجه، حيث سأل فرعون موسى عن ربه سؤال إنكارٍ وتكبُّرٍ، وبيّن موسى في إجاباته أن الله -تعالى- يُعرَف بصفات؛ فهو الذي أنعم وخلق، وأعطى كل شيء صورته وشكله الذي يليق به.
والله هو المختص بعلم الغيب في الماضي والحاضر والمستقبل، وغير ذلك من الأمور التي تدل على قدرته ووحدانيته، فكانت النتيجة أن كذّب فرعون كل ذلك، واتهم موسى بالسحر، وطلب منه المبارزة مع السحرة، وتحديد وقت ومكان للاجتماع.
وقد حدد موسى أن تكون المبارزة في يوم الزينة ، وهو يوم عيدهم وزينتهم، ليجتمع الناس جميعاً في وقت الضحى، فشرع فرعون بجمع السحرة وأنصاره، حيث كان السحر شائعا عندهم، وأقبل في الموعد المعين، وجلس في مكانٍ خاص به مع كِبار أعوانه، وجاءت السحرة، وجاء موسى وأخاه هارون.
الآيات من (65-76)
قال -تعالى-: (قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى* قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى* فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى* قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأَعْلَى...)، إلى قوله: (جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى).
أتبعت الآيات بذكر وصف المبارزة بين موسى والسحرة وما دار بينهم، حيث ألقى السحرة عصيهم وحبالهم، فخُيِّل إلى موسى ومن كان من الناس من سحرهم أن هذه الحبال والعصي حيات تسعى، فثبّت الله تعالى موسى وأوحى إليه أن يلقي عصاه، فألقاها فإذا هي حية عظيمة مخيفة تبتَلع كل ما ألقاه السحرة، فقامت المعجزة، واتضح البرهان، وظهر الحق، وبطل السحر، وانتهى أمر السحرة بالإيمان والتصديق.
ولما شاهد فرعون سجود السحرة، وإقرارهم بالله، واتباعهم لموسى، ألقى شبهة وتهمة أن موسى هو كبيرهم الذي علمهم السحر؛ لِصرف الناس عن التأسي بهم، وعن الإيمان بالحق، ولجأ إلى التنفير عن الإيمان والتهديد بأن يقطع أيديهم وأرجلهم وأن يصلّبهم في جذوع النخل، إلا أن السّحرة لم تتراجع عن إيمانهم بالرغم من شدة التهديد والوعيد.
الآيات من (77-82)
قال -تعالى-: (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لّا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى* فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ* وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى...)، إلى قوله: (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى).
تحدّثت الآيات عن إغراق فرعون وجنوده في البحر، ونجاة موسى وقومه، وذلك بمعجزة العصا التي ضرب بها موسى البحر، وساق الله جانباً من النعم التي أنعمها على بني إسرائيل، وحذّرهم من جحودها، وذكر لهم أنّهم أنقذهم من عدوهم فرعون الذي كان يذبّح أبناءهم ويستحيي نساءهم.
وجعل الله لبني إسرائيل ميقاتاً وموعداً لإعطاء نبيهم موسى التوراة لهدايتهم وإصلاحهم، وأنعم عليهم بالخيرات، وأحل لهم الطيبات، وحذّرهم بعدم مجاوزة حدود الله وشرعه، فإن تجاوزوا وخالفوا أوامر الله حقّ عليهم غضبه، ونزل بهم عقابه، ومع ذلك فالله -تعالى- غفّار لمن تاب وعمل صالحاً، وواظب على الاستقامة والهدية.
الآيات من (83-98)
قال -تعالى-: (وَمَا أَعْجَلَكَ عَن قَوْمِكَ يَا مُوسَى* قَالَ هُمْ أُولاء عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى* قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِن بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ* فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا...)، إلى قوله: (إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا).
تحدثت الآيات عن فتنة قوم موسى وكيف انقادوا لخديعة السامري ، حيث ذهب موسى -عليه السلام- إلى مناجاة ربه، فأضلهم السامري بأن صنع لهم عجلاً من ذهب يصدر صوتاً ليعبدوه، فلما رجع موسى أفزعه ذلك، وغضب غضباً شديداً، وقد كان هارون -عليه السلام- قد نصحهم وحذرهم، وأخبرهم أنه فتنة، إلا أنهم لم يستمعوا ولم يأخذوا بالنصيحة.
وعاتب موسى أخاه هارون، وأخذ برأسه يجرُّه إليه، فاعتذر أخوه بمخالفة بني إسرائيل لتحذيره إياهم، وخاطب موسى السامريّ حتى يقرّ بخطئه، ويكون حجة للناس ببطلان فعله وقوله، وتوعَّدَه بأَن يعيش في الدنيا طريدًا، وفي الآخرة معذبًا، ثم قام موسى -عليه السلام- بتحطيم العجل وإحراقه وإلقائه في اليم، وأخبرهم أنّ ربّهم الله وحده لا شريك له.
الآيات من (99-135)
قال -تعالى-: (كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْرًا* مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا* خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاء لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .حِمْلا...)، إلى قوله: (قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى).
انتهت الآيات التي تحدثت عن قصة سيدنا موسى -عليه السلام- في هذه السورة الكريمة، حيث بدأت القصة بالتوحيد الخالص وخُتمت به، ثم تناولت السورة إلى نهايتها عدة موضوعات، وفيما يأتي ذكرها بشكل مختصر ومجمل:
- القرآن
بيان وظيفة القرآن الكريم وعظمته، والعبرة من قصصه، والحث على الاعتبار والاتعاظ من قِبل المكلّفين، وأن فيه كل الخير لمن أقبل عليه وعمل به، وأما من أعرض عنه ولم تنفعه أمثاله ومواعظه فله الوعيد الشديد، والضنك في الدنيا، والعمى في الآخرة، وذكر عربية القرآن والنهي عن التعجل في قراءته.
- القيامة
بيان جانب من أهوال يوم القيامة ، والصورة المهيبةً المرعبة يوم القيامة؛ فتُنسف الجبال نسفاً، وينساق الناس وراء من يدعوهم إلى المحشر، وتخشع الأصوات، وتخضع الوجوه، وتستسلم الخلائق لله -تعالى-، وقد بيّنت الآيات سوء عاقبة الكافرين، وحسن عاقبة المؤمنين.
- آدم -عليه السلام-
بيان جانباً من قصة سيدنا آدم عليه السلام؛ من سجود الملائكة له، ونسيانه لأمر ربه، وقبول الله -تعالى- لتوبته بعد أن وسوس له الشيطان، وتذكير الناس بعداوة الشيطان للإنسان.
- تسلية النبي -صلى الله عليه وسلم-
وتثبيته، وأمره بالصبر والإكثار من ذكر الله، وعدم الالتفات والتطلع للدنيا وزخرفتها، وأمر أهله بالصلاة، والاعتبار بهلاك الأمم السابقة، والرد على مزاعم المشركين، وتهديدهم بسوء العاقبة.
تعريف بسورة طه
سورة طه سورة مكية ، وعدد آياتها 135 آية، وقد نزلت بعد سورة مريم وقبل سورة الواقعة، وهي السورة الخامسة والأربعون في ترتيب النزول، والسورة العشرون في ترتيب المصحف، وسُميت بهذا الاسم لأنها بدأت بالنداء (طه)، وقيل هو اسم من أسماء النبي، وفي ذلك تكريم له، وتسلية عما يلقاه من إعراض قومه، وتسمى أيضاً بسورة الكليم؛ لأن معظم آياتها تحدثت عن قصة سيدنا موسى.