سبب ملوحة البحر
سبب ملوحة البحر
تُعتبر الملوحة مصطلحاً عاماً يُستخدم لوصف مستوى الأملاح المختلفة الذائبة في الماء، مثل: كلوريد الصوديوم، وكبريتات المغنيسيوم، وكبريتات الكالسيوم، والبيكربونات، وتُعتبر كمية الأملاح الذائبة في مياه البحار والمحيطات كبيرةً، فلو تمّ توزيع هذه الأملاح على اليابسة لشكّلت طبقةً تزيد سماكتها عن 152 متراً تقريباً، أيّ ما يُعادل ارتفاع مبنى مكوّن من 40 طابقاً، وفيما يأتي أسباب وأحداث أدّت إلى جعل البحر مالحاً:
نشأة البحار والمحيطات قديماً
تعود نشأة البحار والمحيطات إلى ملايين السنين، وقد ساهم ذلك في تراكم الأملاح فيها، حيث إنّ جزءاً كبيراً من هذه الأملاح وُجد بسبب النشاطات البركانية ، فعند ثوران البراكين تتحرّر أبخرة وغازات مثل غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يذوب في مياه الأمطار ويُحوّلها إلى مياه حمضية ، وعند هطول الأمطار على الصخور فإنّها تُحرّر الأيونات الذائبة منها والتي تصل إلى البحار والمحيطات عبر مصبات الأنهار، كما تحمل الأنهار والمجاري السطحية لمياه الأمطار مزيداً من الأيونات والأملاح الذائبة من الصخور المتآكلة التي تمرّ بها أثناء جريانها باتجاه البحار، وتُشكّل أيونات الكلوريد والصوديوم 90% من هذه الأملاح الموجودة في مياه البحر.
التبخّر
ساهم التبخّر المستمر للمياه في زيادة نسبة الأملاح في البحار والمحيطات، فعندما تتبخّر المياه تبقى الأملاح في البحار والمحيطات، كما أنّ الماء المتبخّر يعود إلى الأرض على شكل أمطار تُغذّي الأنهار وتُشكّل مياه جاريةً سطحيةً تحمل معها مزيداً من الأملاح والمعادن الذائبة.
فوّهات المياه الحارة والبراكين الغائصة
تمّ اكتشاف فوهات للمياه الحارّة في أعماق المحيطات تُسمّى (بالإنجليزية: Hydrothermal vents)، حيث تتسرّب مياه البحر من خلال تشققات في صخور القشرة المحيطية إلى مناطق ساخنة، فتسخن المياه وتُذيب بعض المعادن الموجودة في باطن الأرض، لتخرج من جديد إلى مياه المحيط عبر الفوهات مُحمّلةً بالأملاح والمعادن الذائبة، كما تحتك هذه المياه الساخنة مع المعادن الموجودة في صخور القشرة المحيطية وتتفاعل معها، وذلك بالإضافة إلى البراكين الغائصة التي تحدث في قاع البحار والمحيطات والتي تُزوّد المياه بالأملاح الذائبة من خلال تفاعل مياه المحيط مع الحمم البركانية الغنيّة بالمعادن والتي تخرج من شقوق موجودة في قاع المحيط إلى المياه مباشرةً.
التغيّرات المناخية
تسبّبت التغيّرات المناخية الناتجة عن الأنشطة البشرية في زيادة تدريجية بسيطة في مستويات الملوحة في بعض المناطق، فقد أدّى الاحتباس الحراري إلى حدوث تغيّرات في أنماط هطول الأمطار، حيث تُشير الدراسات إلى أنّ ارتفاع درجات الحرارة الناتج عن الاحتباس الحراري يزيد من التبخّر في المناطق شبه الاستوائية ومناطق شمال الأطلسي ممّا يؤدّي إلى زيادة تركيز الأملاح فيها، وبعد ذلك تنتقل جزيئات الهواء الرطبة عن طريق الرياح إلى مناطق أخرى مثل القطبين والمحيط الهادئ لتهطل الأمطار فيها ممّا يؤدّي إلى تقليل تركيز الأملاح فيها.
أهمية ملوحة البحار
أهمية ملوحة البحار للبيئة
تُعتبر ملوحة مياه البحار مهمّةً للبيئة وذلك لعدّة أسباب، وهي كالآتي:
* تنظيم المناخ: تُعتبر ملوحة مياه البحر ودرجة حرارتها عوامل تؤثّر بشكل مباشر على كثافة المياه، فالماء المالح أكثر كثافةً من الماء العذب، ولخاصية الكثافة دور مهمّ في حدوث التيارات البحرية بين محيطات المناطق الاستوائية والقطبين، حيث تتحكّم هذه التيارات في انتقال الحرارة وبالتالي تنظيم مناخ العالم.
- ارتباط الملوحة بدورة المياه: ترتبط الملوحة السطحية لمياه البحر بدورة المياه الكلية على الأرض، وتتحكّم بكمية المياه العذبة التي تدخل المحيطات من خلال الأمطار والمياه التي تُغادرها عن طريق التبخّر.
- ثبات درجة حموضة الماء: يوفّر المحتوى الملحي لمياه البحار قدرةً عاليةً على مقاومة التغيير في درجة الحموضة (pH) عند إضافة مركب حمضي أو قاعدي ، فلو قمنا بإضافة 1 ميكرومول من حمض الهيدروكلوريك إلى 1 كجم من المياه المُقطّرة، ينخفض الرقم الهيدروجيني لها من 7.0 إلى 6.0، أمّا مياه البحر ينخفض الرقم الهيدروجيني لها من 7.0 إلى 6.997 أيّ بفارق 0.003 وحدة فقط، وذلك لأنّ قدرة الحجز (بالإنجليزية: Buffering Capacity) في مياه البحر أكثر بمقدار 330 ضعفاً من قدرة المياه العذبة على ذلك.
أهمية ملوحة البحار للكائنات البحرية
تختلف مستويات الملوحة في بحار ومحيطات العالم، وقد تختلف من منطقة إلى أخرى في البحر نفسه، مثل مناطق مصبات الأنهار التي تقل عندها مستويات الملوحة نتيجة التقاء مياه الأنهار مع مياه البحر، حيث يلعب هذا الاختلاف دوراً مهماً في التنوّع الحيويّ وتوزّع الكائنات البحرية، فللكائنات البحرية القدرة على التكيّف للحفاظ على ثبات مستويات الأملاح في أجسامها لمنع حدوث اختلال في وظائفها الحيوية.
توصف بعض الكائنات البحرية بأنّها ضيقة المدى الملحي (بالإنجليزية: Stenohaline)، أيّ أنّها لا تستطيع التكيّف مع التقلّبات الكبيرة في مستويات الملوحة؛ لذلك فهي تعيش في البحار، والبعض الآخر من الكائنات البحرية يوصف بأنّه متحمّل الملوحة (بالإنجليزية: Euryhaline)؛ وهي الكائنات البحرية التي تمتلك القدرة على التكيّف مع تقلّبات مستويات الملوحة؛ لذا فهي تتواجد غالباً عند مصبات الأنهار، أمّا التغيّرات الكبيرة في مستويات الملوحة والتي قد تخرج عن الحدود المناسبة لحياة الكائنات البحرية فيُمكن أن تُغيّر من سلوك هذه الكائنات أو تحد من تكاثرها.
أهمية ملوحة البحار للإنسان
تُعتبر مياه البحار مصدراً وفيراً لملح كلوريد الصوديوم الذي يستخرجه الإنسان بعدّة طرق للحصول على ملح الطعام الذي يلعب دوراً مهمّاً في الحفاظ على صحة الإنسان، حيث يُعتبر المصدر الرئيسي لأيونات الصوديوم والكلوريد في النظام الغذائي البشري، فالصوديوم ضروري للوظائف العصبية والعضلية، كما أنّه يُساهم في عملية تنظيم السوائل في الجسم، ويُسيطر على ضغط الدم، أمّا أيونات الكلوريد فتُساهم في تنظيم درجة حموضة الدم وضغطه، كما أنّها مكوّن أساسي لحمض المعدة.
يجدر بالذكر أنّ الإنسان يفقد أيونات الصوديوم والكلوريد من خلال إفراز العرق، ويُعوّضها من خلال النظام الغذائي، فهو يستهلك الأطعمة التي تحتوي على الملح بشكل طبيعي، مثل: اللحوم والمأكولات البحرية، كما أنّه يستخدم الملح لإضافة نكهة للأطعمة.
المسطحات المائية الأكثر ملوحة
يوضح الجدول الآتي أكثر عشرة مسطحات مائية ملوحةً على سطح الأرض، وهي كالآتي:
المسطح المائي | نسبة الملوحة | الموقع |
---|---|---|
بحيرة دون خوان | 44% | القارة القطبية الجنوبية |
بحيرة ريتبا | 40% | السنغال |
بحيرة فاندا | 35% | القارة القطبية الجنوبية |
خليج قره بوغاز كول | 35% | تركمانستان |
بحيرة عسل | 34.8% | جيبوتي |
البحر الميت | 33.7% | الأردن وفلسطين |
بحيرة (Little Manitou) | 18% | كندا |
بحيرة أورميه | 8.5–28% | إيران |
بحيرة لاجونا سيجار | 5–28% | تشيلي |
البحيرة المالحة الكبرى | 5–27% | الولايات المتحدة الأمريكية |
يُمكن التعرّف على مزيد من المعلومات المرتبطة بملوحة بعض المسطحات المائية، وهي كالآتي:
- بحيرة دون خوان: تحتلّ المرتبة الأولى كأكثر المسطحات المائية ملوحةً، حيث تصل نسبة ملوحتها إلى 44%، وبهذه النسبة تكون أكثر ملوحةً من مياه المحيطات باثنتي عشر مرّة، ولأنّ درجة تجمّد المياه تنخفض بزيادة الملوحة تبقى مياه هذه البحيرة في الحالة السائلة حتّى درجة حرارة -50 درجة مئوية، إلّا أنّ الجليد الذائب فيها يُساهم في التقليل من ملوحتها.
- بحيرة فاندا: تُعدّ بحيرة فاندا أكثر ملوحةً من مياه البحار بعشر مرّات، وتمتاز هذه البحيرة بظاهرة جيولوجية تُسمّى (بالإنجليزية: meromictic) حيث لا تختلط فيها المياه السطحية بالمياه العميقة، وهي بحيرة خالية من الأسماك لكن تتواجد فيها بعض الكائنات الدقيقة مثل الطحالب.
- البحر الميت: يُعرف البحر الميت بأنّه أخفض بقعة على الأرض، حيث ينخفض حوالي 430.5 متراً عن مستوى سطح البحر، وقد سُمّي بهذا الاسم لعدم وجود كائنات بحرية تعيش فيه بسبب ملوحته العالية، إلّا أنّ هناك بعض الأنواع من البكتيريا تتواجد فيه، وبسبب التركيز العالي للأملاح في مياه البحر الميت فإنّ الأجسام تطفو على سطحه.
- البحيرة المالحة الكبرى: يعود سبب الملوحة العالية في البحيرة المالحة الكبرى إلى أنّ المياه التي تتدفّق إليها لا تخرج منها إلى أيّ منفذ آخر، وبسبب هذا المستوى المرتفع للأملاح فهي بيئة غير صالحة لحياة العديد من الكائنات الحية المائية مثل الأسماك، لكنّها تُعدّ بيئةً مناسبةً لحياة بعض الكائنات التي تستطيع التكيّف مع هذه الملوحة مثل بعض أنواع الطحالب وأنواع معينة من القريدس والذباب.
- بحيرة مونو: تقع بحيرة مونو في الحوض العظيم (بالإنجليزية: The Great Basin) في ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية، وتُحيط بها الجبال من كلّ الجهات ممّا يجعلها حوضاً مائيّاً مغلقاً تتدفّق إليه تيّارات المياه العذبة ومياه الينابيع المُحمّلة بكميات ضئيلة من الأملاح التي تراكمت عبر الزمن، لكن المياه لا تخرج منها إلّا عن طريق التبخّر، حيث يتبخّر ما يُقارب عمق أربعة أقدام من مياهها سنوياً، لذا تُعدّ مياه البحيرة أكثر ملوحةً من مياه المحيطات بمرّتين إلى ثلاث مرّات اعتماداً على تقلّب منسوب المياه عبر السنين.
سبب زيادة الملوحة في البحار عن الأنهار
تفيض مياه الأنهار وتغمر الصخور وتُذيب الأملاح، فتتدفّق هذه المياه حاملةً معها الأملاح إلى البحار، وتحدث هذه العملية منذ ملايين السنين حيث تتراكم هذه الأملاح في البحار والمحيطات، أمّا الأنهار فهي دائمة الجريان فلا يتمّ تخزين الأملاح فيها، لذلك فإنّ كمية الأملاح التي تحملها الأنهار ضئيلة جداً مقارنةً بكمية الأملاح المتراكمة في مياه البحار.
محدّدات الملوحة
تعتمد ملوحة مياه البحار والمحيطات على عدّة عوامل، وقد تتباين هذه العوامل باختلاف مكان قياس الملوحة وزمانه، وتشمل محددات الملوحة خمسة عوامل رئيسية، وهي كالآتي:
- التبخّر: تزيد الملوحة في الأماكن التي تكون فيها معدلات التبخّر أعلى، فمعدلات التبخّر في البحار المداريّة والقريبة من مدار السرطان مثل البحر الأحمر والخليج العربي هي الأعلى، لذلك فإنّ مستويات الملوحة ترتفع فيها.
- درجة الحرارة: هناك علاقة طردية بين درجة الحرارة وملوحة البحار، حيث ترتفع الملوحة في المناطق التي ترتفع فيها درجات الحرارة، فبحار المناطق الحارة والاستوائية (بالإنجليزية: Torrid zone) فيها مستويات ملوحة أعلى من بحار المناطق الباردة والمعتدلة (بالإنجليزية: Frigid zone).
- هطول الأمطار: هناك علاقة عكسية بين هطول الأمطار والملوحة، حيث تزيد الملوحة في المناطق التي تهطل فيها الأمطار بمعدلات منخفضة، ولهذا السبب نجد أنّ مستويات الملوحة أقل في المناطق الاستوائية مقارنةً بالمناطق شبه الاستوائية، على الرغم من أنّ درجات الحرارة مرتفعة في كليهما، إلّا أنّ المناطق الاستوائية تشهد هطولاً غزيراً للأمطار.
- التيارات البحرية: تؤثّر التيارات البحرية في التوزيع المكاني للأملاح الذائبة في مياه البحار والمحيطات، فالتيارات الدافئة القريبة من المناطق الاستوائية تدفع الأملاح بعيداً عن الأطراف الشرقية للمحيطات وتُجمّعها بالقرب من الأطراف الغربية، كما أنّ التيارات البحرية في المناطق المعتدلة تتسبّب في زيادة الملوحة بالقرب من الأطراف الشرقية نتيجة لدفع الأملاح باتجاهها، فعلى سبيل المثال، يزيد تيار الخليج (بالإنجليزية: Gulf Stream) في شمال المحيط الأطلسي من ملوحة مياه المحيط على طول الشواطئ الغربية له، كما يزيد تيار الأطلسي الشمالي (بالإنجليزية: North Atlantic Drift) من ملوحة المياه في بحر الشمال.
- تدفّق المياه العذبة: تتدفّق المياه العذبة إلى البحار والمحيطات من خلال الأنهار التي تصب فيها، لذلك فإنّ الملوحة تكون أقل نسبياً في مناطق التقاء الأنهار بالمحيطات، فقد وُجد أنّ متوسط ملوحة مياه سطح المحيط عند مصبات الأنهار أقل من متوسط ملوحة مياه سطح المحيط عامّةً، كذلك في المناطق القطبية عندما تذوب الأنهار الجليدية خلال فصل الصيف، تتدفق المياه العذبة إلى مياه المحيط فتُقلّل من ملوحة السطح.
يجدر بالذكر أنّه بالرغم من استمرار تراكم الأملاح في مياه البحار والمحيطات عبر السنين إلّا أنّ درجة ملوحة المياه تبقى مستقرّةً نسبياً؛ وذلك بسبب استهلاك هذه الأملاح عبر عمليات طبيعية تحدث بشكل دائم، فجزء من الأملاح يتمّ استهلاكه من قِبل الكائنات الحية التي تعيش في مياه البحار، وجزء آخر من الأيونات الذائبة تترسّب وتُشكّل معادن جديدة.
التوزيع الأفقي والعمودي لملوحة البحار والمحيطات
التوزيع الأفقي للملوحة
تتناقص الملوحة السطحية بالابتعاد عن المناطق المدارية، حيث تبلغ ملوحة السطح لمياه المناطق المتواجدة على طول مدار السرطان مثلاً حوالي 3.6% بينما هي 3.5% عند خط الاستواء، وعلى هذا الأساس يُمكن تصنيف بحار ومحيطات العالم إلى ثلاثة أصناف، وهي كالآتي:
- بحار ذات مستويات ملوحة تحت المعدل الطبيعي: يعود سبب انخفاض الملوحة فيها عن المعدل الطبيعي إلى تدفّق المياه العذبة إليها، حيث يُمكن أن تصل ملوحة مياه السطح فيها إلى 2.1%، ومن الأمثلة عليها؛ المحيط المتجمد الشمالي (بالإنجليزية: Arctic Ocean)، والمحيط الجنوبي (بالإنجليزية: Southern Ocean)، وبحر بيرنغ (بالإنجليزية: Bering sea)، وبحر اليابان (بالإنجليزية: Sea of Japan)، وبحر البلطيق (بالإنجليزية: Baltic sea).
- بحار ذات مستويات ملوحة ضمن المعدل الطبيعي: تكون لها درجات ملوحة سطحية تتراوح بين 3.5% - 3.6%، ومن الأمثلة عليها؛ البحر الكاريبي (بالإنجليزية: Caribbean Sea)، خليج المكسيك (بالإنجليزية: Gulf of Mexico)، خليج كاليفورنيا (بالإنجليزية: Gulf of California)، البحر الأصفر (بالإنجليزية: Yellow Sea).
- بحار ذات مستويات ملوحة فوق المعدل الطبيعي: يعود سبب ارتفاع الملوحة فيها عن المعدل الطبيعي إلى ارتفاع درجات الحرارة وبالتالي زيادة معدلات التبخّر، ومن الأمثلة عليها؛ البحر الأحمر بنسبة ملوحة 3.9% - 4.1%، والخليح العربي بنسبة ملوحة 3.8%، والبحر الأبيض المتوسط بنسبة ملوحة 3.7% - 3.9%.
التوزيع العمودي للملوحة
تختلف ملوحة مياه البحار والمحيطات مع اختلاف العمق، ويؤدي هذا الاختلاف إلى تقسيم مياه المحيطات إلى طبقات مختلفة الملوحة، أمّا الملوحة في المياه العميقة فهي ثابتة تقريباً؛ لأنّه لا يوجد نقصان أو زيادة في كمية المياه ولا إضافة للأملاح كما يحدث في المياه السطحية، وبما أنّ كثافة المياه تزداد بزيادة الملوحة فإنّ المياه الأكثر ملوحةً تنزل تحت المياه الأقل ملوحةً، فالملوحة بشكل عام تزداد تدريجياً مع زيادة العمق، حتّى الوصول إلى منطقة تُسمّى تمارج الملوحة (بالإنجليزية: Halocline) حيث تزداد فيها الملوحة فيها بشكل حاد.
مياه البحار
تُشكّل البحار والمحيطات معظم الغلاف المائي على سطح الأرض، حيث تحتلّ ما يُقارب 98% من نسبة المياه الموجودة في الطبيعة، ولمياه البحار خصائصها الكيميائية والفيزيائية التي تُميّزها، كما أنّ لها ظروف بيولوجية تتناسب مع التنوع الحيوي فيها، ومن أهم الخصائص التي تُميّز مياه البحار أنّها مياه مالحة، حيث يبلغ متوسط نسبة ملوحة المياه في بحار ومحيطات العالم حوالي 3.5%، أيّ أنّ كلّ كيلوجرام واحد من المياه يحتوي على 35 جراماً من الأملاح الذائبة على شكل أيونات معظمها من أيونات الصوديوم الموجب (Na)، وأيونات الكلوريد السالب (Cl).
تؤثّر الأملاح على خصائص مياه البحار، فتزيد من كتلة المياه ممّا يزيد من كثافتها؛ لذلك تُعدّ مياه البحار أكثر كثافةً من المياه العذبة أو المياه النقية، حيث يبلغ متوسط كثافة مياه البحر عند السطح 1.025 كغم/لتر بالمقارنة مع المياه العذبة التي تبلغ كثافتها 1.0 كغم/لتر وذلك عند درجة حرارة 4 درجات مئوية، كما أنّ ازدياد تزكير الأملاح في المياه يُخفّض درجة تجمّدها، ممّا يجعلها تتجمّد عند درجتين تحت الصفر المئوي.
فيديو مدن وحدائق تحت الماء
هناك العديد من العجائب التي يُمكن اكتشافها تحت سطح الماء، والتي يُمكن التعرّف عليها أكثر من خلال مشاهدة الفيديو الآتي: