تفسير سورة الملك للأطفال
المعنى الإجمالي للسّورة
ابتدأت السّورة بتعريف المؤمنين ببيان معاني استحقاق الله -تعالى- الملك، فهو العظيم الذي خلق الحياة والموت للامتحان والاختبار، وهو الإله القادر الذي أتقن صنعه، فخلق السّماوات وزينها بالنّجوم بالكواكب، وحفظ الطّيور في الهواء بكمال القدرة.
وما أعدّ للكافرين من العذاب والعقوبة، وما وعد به المتّقين من الجزاء والثّواب، وتأخير العذاب عن المستحقّين بالفضل والرّحمة، وأن الرّزق مكتوبٌ على الخليقة بالسّعي والمنال، وبيان حال أهل الكفر والهداية، وتعجّل الكفّار بمجيء يوم القيامة، وتهديد المشركين بزوال النّعمة، بقوله -سبحانه-: (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ).
تفسير سورة الملك
ذكر الله -تعالى- أنّ الملك بيده وحده، وأنّه على كل شيء قدير، وأنّه خلق الموت والحياة ليبلونا أيّنا أحسن عملًا، وأنّه خلق سبع سماوات طباقًا لا تفاوت في خلقها ولا فطور، وأنّه زيّن السّماء الدّنيا بمصابيح من الكواكب، وجعلها رجومًا بالغيب لشياطين الإنس، وأعدّ لهم خاصّة عذاب السّعير، وأعدّ للكافرين عامّة عذاب جهنم وبئس المصير.
ثمّ ذكر -سبحانه-، أنّ الذين يخشونه بالغيب لهم مغفرةٌ وأجرٌ كبير، وهذا من الأساليب التي اتّبعها الله -تعالى- في السّورة؛ حيث جمع بين التّرهيب والتّرغيب، وقد هدّدهم بأنّه يعلم سرّهم وجهرهم، فيحاسبهم على كلّ أعمالهم.
وقد بيّن -سبحانه- لهم في الآيات بأسلوب تهديدي أنّه مهّد لهم الأرض، وهيّأ لهم فيها أسباب الرّزق ، فإذا أصرّوا على كفرهم، فإنّهم لا يأمنون أن يخسفها بهم، أو يُرسل حاصبًا من الرّيح فيهلكهم.
ثمّ أكّد ذلك التخويف بضرب المثال والدّليل، وذكر المثال في ما فعله بمن أصرّ على الكفر قبلهم، وذكر الدّليل بالطّير كيف يمسكها فوقهم، ثمّ ذكر أنّه إن أراد عذابهم، فإنّه لا ينجيهم منه ما يملكون من قوّة وجند.
وإنّ أمسك رزقه، فإنّه لا يرزقهم ما يتّخذون من آلهة، ثمّ ذكر أنّهم يعلمون ذلك، ولكنهم يلجّون في عتوّ ونفور، وأيّد ما ذكره من وضوح أمرهم بتمثيل حالهم بمن يمشي تائهاً مكباً على وجهه، وتمثيل حال المؤمنين بمن يمشي سويّا على صراط مستقيم.
ثم عاد السّياق إلى ذكر الدليل، فذكر أنه -سبحانه- هو الذي أنشأهم وجعل لهم السّمع والأبصار والأفئدة، وأنّه هو الذي ذرأهم في الأرض وإليه يحشرون، ثمّ ذكر أنّهم يقولون على سبيل الاستهزاء والسّخرية: متى هذا الوعد بالعذاب؟.
وأمر الله -تعالى- رسول الله أنّ يجيبهم بأنّ العلم هو علم الله، وليس عليه إلّا أن ينذرهم به، وبأنّه سيأتي اليوم الذي يستهزؤون به وسيقع عليهم العذاب، ويقال لهم بصيغة توبيخية: (هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ)، أي تطلبون، ثمّ أمره أن يخبرهم بأنه إن مات هو ومن معه أو تأخّر أجلهم، فإنه لا بد من عذابهم ولا أحد يجيرهم منه.
ثمّ ختم الله -تعالى- السّورة بأمر رسول الله أن يذكر لهم أنّه مؤمن بالله هو ومن معه وأنّهم يتوكّلون عليه، وأنّ الكافرين سيعلمون من هو في ضلال مبين: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ).
بين ثنايا سورة الملك
سورة الملك هي السّورة التي تقع في بداية الجزء التّاسع والعشرين في ترتيب المصحف الشّريف، وفيما يأتي تفصيلٌ لكلّ ما يخصها:
- نوع السّورة
سورة الملك سورة مكية ، نزلت بعد سورة الطّور.
- عدد آياتها
يبلغ عدد آياتها (30) آية، وجاء ترتيبها في عداد نزول السّور السّادسة والسبعين .
- أسماؤها
لها سبعة أسماء، ولكلّ اسم معنى خاص فيها، ومنها:
- سورة الملك؛ فقد سمّاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (سورة تبارك الذي بيده الملك)، وهي مطلع السّورة وافتتاحها.
- المنجية؛ لأنّها تنجي قارئها من العذاب.
- المانعة؛ لأنّها تمنع قارئها من عذاب القبر .
- الدافعة؛ لأنّها تدفع بلاء الدنيا وعذاب الآخرة عن قارئها.
- الشّافعة؛ لأنّها تشفع في القيامة لقارئها.
- المجادلة؛ لأنّها تجادل منكرًا ونكيرًا، فتناظرهما كي لا يؤذيا قارئها.
- المخلّصة؛ لأنها تخاصم زبانية جهنّم، لئلا يكون لهم يد على قارئها.
معاني المفردات والتراكيب في السّورة
سورة الملك من السّور التي قال عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ سُورةً مِنَ القُرآنِ -ثلاثين آيةً- شَفَعَتْ لرَجُلٍ حتى غُفِرَ له، وهي: "تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ")،وقد جاء في سورة الملك الكثير من المعاني والتّراكيب التي تحتاج إلى توضيح، ومنها:
- (تبارك): تعالى وتمجّد أو تكاثر خَيْره .
- (بيده الملك): له الأمر والنّهي والسّلطان.
- (ليبلوكم): ليختبركم بين الحياة والموت.
- (طباقًا): كل سماء مقبية على الأخرى.
- (بمصابيح): بكواكب عظيمة مضيئة.
- (صافات ويقبضن): باسطات أجنحتهنّ في الجوّ عند الطّيران، ويضممنها إذا ضربن بها جُنوبهن.
- (بماء معين): جارٍ أو ظاهرٍ، سهل التّناول.