تفسير سورة الزلزلة
الآيات المتعلقة بأحداث يوم القيامة
قال -تعالى-: (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا* وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا* وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا* يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا* بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا)، وفيما يأتي تفسير هذه الآيات:
- (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا)؛ أي إذا تحركت الأرض من أسفلها وباطنها حركةً قويةً هائلة، واضطربت اضطراباً عظيماً، دُمِّر كلّ شيءٍ عليها.
- (وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا)؛ أي أنّ الأرض ألقت ما في داخلها من الدفائن وأخرجت من كان فيها من الموتى.
- (وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا)؛ أي أنّ كل فرد سيتعجّب ويتساءل عن سبب هذه الزلزلة؛ لشدّة ما يهوله ذلك الموقف.
- (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا)؛ أي أنّ الأرض في وقت الزلزلة سيُنطقها الله -تعالى- فتتكلّم وتُخبر عمّا حدث عليها من خيرٍ أو شر.
- (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا)؛ أيّ أنّ الله -تعالى- هو الذي ألهمها وأذن لها وأمرها بالكلام والشهادة.
آيات بعث الناس من قبورهم
قال -تعالى-: (يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ)؛ أي في ذلك اليوم المضطرب الذي يعُمّه الخراب والدمار سيقوم الناس ويخرجون من قبورهم ليشهدوا الحساب.
وسيكونون مُتفرّقين ومُختلفين في الحال والهيئة، فمنهم المؤمن المطمئن، ومنهم المؤمن الخائف، ومنهم الكفرة الخائفون والعُصاة النادمون، وسيرى الجميع أعمالهم أمامهم وتُعرض عليهم صحائفهم، ففريقٌ في الجنة وفريقٌ في السعير.
آيات جزاء الأعمال يوم القيامة
قال -تعالى-: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ* وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)؛ تنتقل هاتان الآيتان إلى ترغيب أهل الخير وترهيب أهل الشر بعد الفراغ من إثبات البعث والجزاء في الآية السابقة لهما.
والمثقال؛ هو ما يُعرف به ثقل الشيء ووزنه، والذرة؛ هي النملة الصغيرة، ومثقال ذرة؛ أي وزن الذَّرة، وهذا التركيب يُستخدم للتعبير عن أقلّ القليل.
وقد عُدّت هاتين الآيتين من جوامع الكلم، حيث وصفها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بالجامعة الفاذّة، فقد ثبت في صحيح البخاري أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- تكلّم عن أنواع الخيل الثلاثة وأنّها لرجلٍ أجر، ولرجلٍ ستر، ولرجلٍ وزر، ثمّ سُئل عن الحُمر -جمع حمار- فقال -عليه الصلاة والسلام-: (ما أُنْزِلَ عَلَيَّ فيها إلَّا هذِه الآيَةُ الجامِعَةُ الفاذَّةُ: (فمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، ومَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ).
كما ورد لهما سبب نزول؛ فقد ورد عن سعيد بن جبير -رحمه الله- أنّه لمّا نزل قوله -تعالى-: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)، خاف المسلمون ألّا يحصل لهم أجراً وألا يُكتب لهم ثواباً إذا ما تصدّقوا بشيءٍ قليل.
وفي المقابل هناك آخرون لا يلومون أنفسهم مع أنهم مُذنبون لكنهم يُعدونها ذنوباً صغيرةً بنظرهم مثل؛ الكذبة والغيبة والنظرة المحرّمة.
ويقولون إنّ الله -تعالى- جعل النار عقوبةً على الكبائر ، لا على الصغائر، فنزلت هذه الآيات لتُبيّن أنّ أعمال الخير والشرّ تُكتب ويُجزى الإنسان عليها مهما صغرت.