تفسير سورة الحجرات للأطفال
تفسير سورة الحجرات للأطفال
سورة الحجرات من السور المليئة ب الآداب الإسلامية التي يجب على الآباء والأمهات والمربين تعليمها للأطفال؛ لبناء شخصيات إسلامية قوية راسخة في الأدب والعلم، وسنبين أهم ما جاء في سورة الحجرات من آداب لتعليمها للأطفال فيما يأتي:
الأدب مع الله ورسوله
قال -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ* إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّـهِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّـهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ* إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ* وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
هذه الآيات تتضمن الأدب مع الله -تعالى- ومع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، واحترامه وإكرامه، على النحو التالي:
- أمر الله عباده المؤمنين أن يكونوا سائرين خلف أوامر الله
متبعين لسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جميع أمورهم.
- أمر الله عباده المؤمنين ألا يتقدموا بين يدي الله ورسوله
فلا يقولوا حتى يقول، ولا يأمروا حتى يأمر، فهذه حقيقة الأدب الواجب مع الله ورسوله.
- أمر الله عباده المؤمنين ألا يرفعوا أصواتهم فوق صوت النبي
بل يخفض الصوت، ويخاطبه بأدب ولين وتكريم، فلا يكون حديثهم مع الرسول كما يحدث بعضهم البعض، بل يميزونه في حديثهم، وعدم القيام بذلك، قد يفسد عمل الإنسان وهو لا يشعر، كما أن الأدب معه من أسباب حصول الأجر وقبول العمل.
- مدح من يخفض صوته عند رسول الله
بأن قلوبهم أصبحت صالحة للتقوى بفعل ما أمر الله به وترك ما نهى عنه، ثم وعدهم بالأجر العظيم.
- ذم الله للذين نادوا الرسول من وراء الحجرات
وهم الأعراب ، الذين قدموا إلى النبي فوجدوه في بيته، فلم يصبروا حتى يخرج، بل نادوه يا محمد يا محمد، أخرج إلينا، فذمهم الله، فوصفهم بعدم العقل، لأنهم لم يتأدبوا مع الرسول.
الآداب الإسلامية
والتي تتضمن العديد من الآداب الإسلامية، وهي على النحو التالي:
- التأكد من صحة الأخبار
وذلك في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)، أي تثبتوا وتأكدوا من الأخبار التي تردكم من الفاسقين، كي لا يقع الظلم على قوم ما.
- الإصلاح بين المؤمنين
وذلك في قوله -تعالى-: (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّـهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)، بالحكم بكتاب الله والرضا بما فيه، فإن لم تستجب إحدى الطائفتين وتعدت على الأخرى، فقاتلوها حتى ترجع إلى أمر الله وكتابه، فإن رجعت إلى أمر الله، أنصفوا بينهم واعدلوا.
- النهي عن السخرية
وذلك في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ)، والسخرية تكون بالاستهزاء من الشخص وتحقيره، وقيل إن الآية الكريمة نزلت في وفد بني تميم، الذين كانوا يستهزؤون بفقراء أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل: عمار وخباب و بلال وصهيب وسلمان وسالم، لما رأوا من رثاثة حالهم.
- النهي عن الألقاب المذمومة
وذلك في قوله -تعالى-: (وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ)، المقصود بتلمزوا: أي لا يعب بعضكم بعضاً، والمقصود بقوله تنابزوا: هو أن يدعو الإنسان بغير ما سمي به مما يكره سماعه.
- النهي عن ظن السوء
وذلك في قوله -تعالى-: (اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ)، بأن يعتقد السوء بأهل الخير والصلاح.
- النهي عن التجسس
وذلك في قوله -تعالى-: (وَلَا تَجَسَّسُوا)، والتجسس هو البحث عن عيوب الناس.
- النهي عن الغيبة
وذلك في قوله -تعالى-: (وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا)، و الغيبة هو ذكر الآخر بما يكره.
- النهي عن التفاخر بالأنساب
وذلك في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ)، يبين الله -تعالى- في هذه الآية أن الناس متساوون في النسب، وأنه -تعالى- جعلهم شعوباً وقبائل لأجل أن يعرف بعضهم بعضاً في قرب النسب وبعده لا ليتفاخروا.
الأعراب
يتحدث الله -تعالى- عن الأعراب الذين أول ما دخلوا في الإسلام ادعوا أنهم مؤمنون، ولم يتمكن الإيمان في قلوبهم بعد، وأن المؤمنين هم من آمنوا بالله ورسوله، كما شرط -تعالى- في الإيمان عدم الريب وهو الشك، وفي قوله: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا)، يعني الأعراب الذين يمنون بإسلامهم ونصرتهم للرسول الكريم.
ويقول الله ردا عليهم: (قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّـهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ)، فإن نفع الإيمان إنما يعود عليكم، ولله المنة عليكم فيه.