تفسير آية (إنّما الصدقات للفقراء والمساكين)
تفسير آية (إنّما الصدقات للفقراء والمساكين)
قال الله -عز وجل-: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
قسّم الله -عز وجل- الزكاة الواجبة على هذه الأصناف، وحصر الزكاة فيها، فلا تبرأ الذمة من الزكاة الواجبة إذا صرفها في غير هذه الأصناف؛ فلا بد أن يصرفها في هذه الأصناف؛ حتى تبرأ الذمة.
و الصدقة تارة يراد بها الصدقة المستحبة، وتارة يراد بها الزكاة الواجبة، فهي أعم من لفظ الزكاة، أما لفظ الزكاة، فإنه يراد بها الزكاة الواجبة، فهنا يراد بالصدقات الزكاة الواجبة؛ وذلك لأن الصدقة المستحبة يجوز إعطاؤها لغير هذه الأصناف المذكورة، وذلك بخلاف الزكاة الواجبة؛ فإنها لا تعطى لغير هذه الأصناف، ولأن الله -عز وجل- حصر الصدقة في هذه الأصناف؛ فدل على أنها الزكاة الواجبة، والصدقة متى أطلقت في القرآن فهي صدقة الفرض.
على من تجب الزكاة؟
الفقراء والمساكين
تعددت آراء أهل التفسير في معنى الفقير والمسكين ، فذهب بعضهم إلى أن الفقير هو الذي له بعض ما يكفيه ويُقيمه، وأن المسكين هو من لا شيء له، أي لا يملك ما يكفيه ويقيمه، فالفقير أحسن من المسكين، وذهب بعضهم إلى العكس، فقالوا المسكين هو من يملك ما يكفيه ويقيمه، والفقير هو الذي لا يملك شيئاً، والمسكين هنا أحسن حالاً من الفقير، وهذا هو الصواب والله -تعالى- أعلم؛ وذلك لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يتعوذ من الفقر، وكان يسأل الله -عز وجل- اللهم أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً، ولو كان المسكين أسوأ حالاً من الفقير لتناقض الخبرين، إذ يستحيل أن يتعوذ من الفقر، ثم يسأل ما هو أسوأ حالاً منه، وقد استجاب الله دعاءه وقبضه وله؛ مما أفاء الله عليه، ولكن لم يكن معه تمام الكفاية.
العاملين عليها
هم الذين يجمعون المال، أيّ يقبضون أموال الزكاة من أربابها، ويفرقونها على مستحقيها.
المؤلفة قلوبهم
هم الكفار الذين يُعطَون ترغيباً وتحفيزاً لهم على الدخول في الإسلام ، وقيل هم مسلمون يعطون لتثبيتهم وتمكينهم على الإسلام والإيمان.
في الرقاب
وهم المكاتبون من العبيد الذين قد اشتروا أنفسهم من ساداتهم، فهم يسعون في تحصيل ما يفك رقابهم، فيُعانَون على ذلك من الزكاة حتى يتحرروا من الرق.
الغارمون
يقسم العلماء الغارمون إلى قسمين كما يأتي:
- القسم الأول: الغارمون لإصلاح ذات البين، وهو أن يكون بين طائفتين من الناس شر وفتنة، فيتوسط الرجل للإصلاح بينهم بمال يبذله لأحدهم أو لهم كلهم، فيجعل له نصيباً من الزكاة، ليكون أنشط له وأقوى لعزمه، فيعطى ولو كان غنياً.
- القسم الثاني: من غرم لنفسه ثم أعسر، فإنه يعطى ما يوفى به دينه.
في سبيل الله
وهم الغزاة المتطوعون في سبيل الله الذين لا راتب لهم؛ فيعطون من الزكاة ما يعينهم، ويبقيهم على الجهاد في سبيل الله -عز وجل-، وأدرج كثير من العلماء طالب العلم في هذا الصنف.
ابن السبيل
وهو المسافر الغريب الذي انقطع عن أهله وبلده، فيعطى من الزكاة ما يوصله إلى بلده.
فريضة من الله
أي أن الله -عز وجل- فرض الزكاة وقدرها على عباده المؤمنين.