تعزية أهل الميت في السنة النبوية
صيغ التعزية في السنة النبوية
لقد ورد في السنة الشريفة العديد من نصوص التعزية والتي من الأولى للمسلم أن يعزّي بها، وله أن يعزِّي بما شاء من الألفاظ التي فيها معنى التعزية والحثّ على التصبر ، ومن تلك النصوص ما يأتي:
- عندما توفي ابن بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عزّاها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (إنَّ لِلَّهِ ما أخَذَ وما أعْطَى، وكُلُّ شَيءٍ عِنْدَهُ مُسَمًّى، فَلْتَحْتَسِبْ ولْتَصْبِرْ).
- (مَرَّ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بامْرَأَةٍ عِنْدَ قَبْرٍ وهي تَبْكِي، فَقالَ: اتَّقِي اللَّهَ واصْبِرِي).
- عندما توفي أبو سلمة دعا له النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (اللَّهُمَّ اغفِرْ لأبي سَلَمةَ، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ في المَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ في عَقِبِهِ في الغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يا رَبَّ العَالَمِينَ، وَافْسَحْ له في قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ له فِيهِ).
- لمَّا قُتِل جعفرُ بنُ أبي طالبٍ، قال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- لابن جعفر يعزيه: (اللَّهمَّ اخلُفْ جعفرًا في أهلِه وبارِكْ لعبدِ اللهِ في صفقةِ يمينِه).
- كما يمكن للمسلم التعزية بـ "عظم الله أجركم وأحسن عزاءكم وغفر لميتكم".
حكم تعزية أهل الميت
يُسْتَحَبُّ تَعْزِيَةُ جَمِيعِ أهْلِ المُصِيبَةِ، كِبارِهم وصِغارِهم، ويَخُصُّ بالتعزية فضلائهم، وأصحاب المنزلة وذوي الشأن منهم؛ ليقتدي الناس بذلك، وكما يعزى الضعيف منهم الذي يظهر عليه الجزع؛ لِلتخفيف عنه وحاجته إلى التعزية.
وقد جاء في فتوى دائ رة الإفتاء الأردنية أنّ بعض الفقهاء رأَوْا أن من البدع جلوس المصاب في مكان ينتظر فيه التعزية من الناس؛ بأن يجتمع أهل الميت في بيت أو مكان مخصص ليعزيهم الناس فيه؛ لأن هذا الفعل لم يكن في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذهب الشافعية والحنابلة إلى أنّ ذلك مكروهاً، وقال الحنفية أنه خلاف الأولى بينما عدّه المالكية مباحاً.
وقت التعزية
يرى جمهور الفقهاء أن التعزية تكون بعد الدفن لا قبله؛ لأن أهل الميت قبل الدفن مشغولين في تجهيز الميت، ولأن وحشتهم تزداد بعد دفن الميت ويعظم مصابهم بعد وضعه في القبر، فكان الوقت الأنسب للتعزية بعد الدفن؛ ليحصل بذلك المواساة لهم والتخفيف عنهم.
ورأى بعض العلماء أنه يجوز التعزية قبل الدفن إذا دعت الحاجة لذلك كأن يظهر من أهل الميت جزعاً؛ فتجوز التعزية تخفيفاً لجزعهم كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما عزّى ابنته بوفاة ابنها.
مدة التعزية
تجوز التعزية قبل الدفن وبعده ويدخل وقتها من وقت حصول الموت ويبقى لثلاثة أيام، وهذا باتفاق المذاهب الأربعة ؛ وذلك لأن سبب التعزية التخفيف عن المصاب وتهدئته وهذا يحصل بعد ثلاثة أيام غالباً.
ولا يجدد الحزن على المصاب بعد نسيانه؛ لأن مدة الحداد على الميت ثلاثة أيام، كما بّينه النبي-صلى الله عليه وسلم- بقوله: (لا يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ، أنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلاثٍ، إلَّا علَى زَوْجٍ).
ورأى بعض العلماء أن التعزية ليس لآخرها وقت محدد؛ كبعض الحنابلة وقول عند الشافعية وابن تيمية، لأن المقصود من التعزية الدعاء، وحمل المصاب على التصبّر على مصيبته، ومواساته فيها، وهذا يحصل مع طول الزمان حتى تُنسى المصيبة، ولأنه لا دليل على تحديد آخر وقت التعزية، والحديث الذي نُهي فيه عن الحداد فوق ثلاث خاص بحداد المرأة.