تعريف حرية الصحافة
حرية الصحافة
الصحافة القوية المستقلة هي السلطة الرابعة في الدولة؛ فهي التي توفّر الآراء والمعلومات التي تهمّ الشّعب عامّةً، وفي الولايات المتحدة يرتبط مفهوما حريّة الصحافة وحرية الرأي والتعبير ؛ لأن حرية التعبير تشمل الحق في قول الكلام، والتعبير عنه بشتّى الوسائل المتاحة، ومن هذه الوسائل الصحافة التي يندرج تحتها كلٌّ من المواد المطبوعة من صُحُف، وكُتب، ومجلات، ونشرات، بالإضافة إلى البرامج الإذاعية والتلفزيونية، وقد تطوّر مفهومها لتشمل وسائل حديثة، مثل: مواقع الإنترنت.
وتُعدّ حرية الصحافة العجلة الأساسية التي يقوم عليها النظام الديمقراطي في جميع بلدان العالم، فلا وجود للديمقراطية دون حرية الصحافة بمعناها الفضفاض؛ لكن هذا لا يعني أن تكون تلك الحرية مُطلقةً بلا حدود أو قيود؛ فهي تعني قدرة الصحافة على نشر المعلومات دون أدنى تدخّل من الحكومة في طبيعة ما تنشره ما لم يكن فيه أيّ مساس بكيان الدولة والأمن القوميّ، وحتّى حريّات الآخرين، وحرية الصحافة هي أن تُمارس الصحافة دورها في نشر الأخبار والمعلومات، وتساهم في نشر الثقافة والفكر والعلوم بحريّةٍ بما لا يجاوز حدود القانون، وضمن إطار حفظ الحقوق والحريات والواجبات العامة، واحترام حُرمة الآخرين وخصوصيّاتهم.
مؤشر حرية الصحافة
من مؤشرات حرية الصحافة وضع تشريع شامل للصحافة من منظور المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ، حيث رتب القانون الدولي حماية قانونية لحرية التعبير، فقد أكدت المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على الحق في التعبير عن الآراء والأفكار دون تدخل من أحد، وتشمل البحث عن المعلومات، واستقبالها من مصادرها، وإرسالها بمختلف الوسائل سواءً كانت شفهيةً، أو من خلال المطبوعات، أو بأي شكل آخر، وذلك باعتماد أي وسيط يختاره الشخص نفسه. وكذلك جاءت الاتفاقية الأوروبية لتحمي حرية الرأي على مستوى الدول الأعضاء، ومن بعدها تم وضع الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان، الذي أكد على حرية التعبير، وإن كانت نصوصه أقل صرامة.
والجدير بالذكر أنّ شكل تطبيق القوانين الدولية لحقوق الإنسان وخاصة المتعلقة بحرية الصحافة وحمايتها، تختلف من دولة إلى أُخرى، فهناك دول تعطي امتيازاً للمواثيق الدولية على قوانينها الداخلية وتشريعاتها، ودول تجعل من القوانين الدولية مرجعاً لتفسير قوانينها الوطنية، بينما هنالك دول تجعل من القوانين الدولية مصدراً عرفياً لقوانينها الداخلية.
ومن جانب آخر تقوم منظمة مراسلون بلا حدود بإعداد تقرير سنوي عن حرية الصحافة، ويتم نشره بالاعتماد على تقييم المؤسسة للسجل الخاص بحرية الصحافة في كل دولة، وما يشار إليه أن هذا التقرير يعتمد على استبيان يتم إرساله لمجموعة من المنظمات المحلية والإقليمية التي تتعاون مع منظمة مراسلون بلا حدود، والتي تتألف من 14 مجموعة للدفاع عن حرية الصحافة.
حيث تغطي المنظمة القارات الخمس بأقسامها الوطنية ومكاتبها المنتشرة في بانكوك، ولندن، ونيويورك، وطوكيو، وواشنطن، بالإضافة إلى تعاونها مع أكثر من مئة مراسل، يعملون على كشف الانتهاكات اليومية لحرية الصحافة، عن طريق إرسال بياناتهم الصحفية إلى مختلف وسائل الإعلام ، وتنظيمهم للحملات على أرض الواقع، هذا عدا عن دفاع المنظمة عن الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام المهدَّدين في بلادهم أو المسجونين منهم بسبب نشاطهم المهني.
الحقوق التي تشملها حرية الصحافة
تشمل حرية الصحافة ما يلي:
- حق الإنسان سواء كان صحفياً أو مواطناً في أن يطلع على المعلومات في جميع المجالات.
- الحق في إفساح المجال أمام المواطنين والمجتمع المدني ، بما يشمله من نقابات وهيئات اجتماعية وثقافية في التعبير عن آرائهم وإنجازاتهم.
- الحق في الحصول على المعلومات والأخبار من مصادرها، ونشرها، وتحليلها، والتعليق عليها.
- من حق الصحفي ألا يُفصح عن مصادر المعلومات التي حصل عليها ويبقيها سرية.
معايير حرية الصحافة
هناك معايير لها أهمية في كشف مدى التزام الدولة بحماية حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير، ومنها:
- الحق لأعضاء الأحزاب المعارضة للحكومة في التعبير عن آرائهم ونشرها في وسائل الإعلام التي تملكها الحكومة نفسها، وخاصة في أوقات الانتخابات .
- يجب على الحكومة أن تفسح المجال للأفراد بالحصول على المعلومات -حتى لو كانت من مصادر حكومية- والتي تخص الشأن العام، وتسهّل عليهم نشرها.
- الحق في حماية الحريات العلمية والتعليمية والفنية والأدبية.
- الحق في إنشاء الإذاعات والمحطات التلفزيونية وإصدار الصحف اليومية.
- تعددية الصحافة ووسائل الإعلام، وتجاوب الحكومة والسلطات السياسية مع الصحافة الحرة أو حرية الصحافة، ويكون ذلك بإصلاح سياستها بحيث لا تصبح هذه الحرية مجرد عملية فرز وتنفيس للأصوات المعارضة والرافضة.
- التزام النصوص القانونية والقواعد الدستورية الخاصة بحرية الصحافة، والمواثيق الدولية، ومراقبة تنفيذ الحريات.
القيود الواردة على حرية الصحافة
على الرغم من دور الصحافة وأهميتها في النظام الديمقراطي، إلا أن هذه الحرية ليست مطلقة بل نسبية ومقيدة بمجموعة من الضوابط الاجتماعية والأخلاقية والدينية، التي تكفل الحفاظ على حرية الأفراد وحقوقهم، وتحمي كيان الدولة من الأضرار والاضطرابات. فقد نصت المادة 7 من قانون المطبوعات والنشر الأردني، على آداب مهنة الصحافة وأخلاقياتها والتي تكون ملزِمة للصحفي، وتشمل:
- احترام حقوق الآخرين وحرياتهم وعدم المساس بحياتهم الخاصة. فقد عمل المشرِّع على الموازنة ما بين حرية الصحافة وبين الحياة الخاصة للأفراد، فوفّر الحماية القانونية لحرمة الحياة الخاصة للأفراد في كثير من التشريعات، وعلى سبيل المثال جرّم المشرع الأردني في نصوص الدستور الاعتداء على حياة الأفراد دون أن يحدد أو يخصص الجهة المعتدية، سواء كان الاعتداء واقعاً من الصحافة أو من الأفراد أو من السلطة ، وهذا يؤكد مدى الحرص على صيانة كرامة الفرد وخصوصيته.
- تكمن الحماية القانونية في حرمة الحياة الخاصة في منع الصحافة من نشر أدق التفاصيل في حياة الأفراد، ووضعهم تحت الأضواء، والتجسس عليهم، والتدخل في كيانهم وحريتهم الأخلاقية، وإذاعة الأخبار التي تتعلق بهم، واستعمال اسمهم أو صورتهم أو غيرها من الأمور الخاصة.
- الامتناع في الخوض في تفاصيل لا تهم الرأي العام ، ولا فائدة منها سوى إيذاء مشاعر الآخرين، فيجب على الصحفي أن يقدم مادته الصحفية بكل توازن ومصداقية، يضع أمام عينيه المصلحة العليا للدولة فوق أي مصلحة أُخرى، فلا ينشر ما من شأنه أن يثير العنف والتفرقة بين المواطنين، ويؤثر في الأمن القومي للدولة.