تعريف بعبد الله بن عمر
تعريف بعبد الله بن عمر
هو الصّحابي الجليل عبد الله بن عمر بن الخطّاب القرشيّ العدويّ، كانت ولادته في مكّة الكرمة، في عهد الإسلام في السّنة الثّالثة للبعثة، ويكنّى بأبي عبد الرّحمن، وأمّه هي زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون -رضي الله عنهم-، وأخته هي حفصة بنت عمر -رضي الله عنها- إحدى زوجات رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-.
كان عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- رجلاً طويلاً، وكان شعره يتدلّى من مقدّمة رأسه إلى منكبيه، وكان يخضبه بالصّفرة، وكان يحفّ شاربه دائماً إلى أن يظهر جلده.
إسلام عبد الله بن عمر وجهاده
أسلم عبد الله بن عمر وهو صغير مع أبيه عمر بن الخطّاب -رضي الله عنهما-، وعندما هاجر المسلمون إلى المدينة هاجر معهم وهو ابن عشر سنوات يومئذ، ولم يكن قد بلغ الحُلُم حينها، وعندما قاتل المسلمون في غزوة بدر كان عمره ثلاث عشرة سنة، فلم يأخذه النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- للجهاد، وفي غزوة أحد كان عمره أربعة عشرة سنة، ولم يشارك فيها أيضاً لصغر سنّه.
كانت أوّل غزواته غزوة الخندق، وشارك بعدها في فتح مكّة، ثمّ غزوة مؤتة، واليرموك، واليمامة، والقادسية، وجلولاء، وشارك في فتح مصر وبلاد إفريقيا، ولكنّه لم يشارك أبداً في حروب الفتن التّي حدثت في عصره، كما أنّه عُرضت عليه الخلافة في زمن عثمان بن عفّان -رضي الله عنه- فلم يقبلها، وكذلك رفض منصب القضاء وتنحّى عنه؛ لإنشغاله بطلب العلم.
علم عبد الله بن عمر وروايته للحديث
اشتهر عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- بعلمه المستفيض وفهمه الشّديد في الفقه، وذلك لكثرة ملازمته لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وتعلّمه منه، فقد كان أعلم الصّحابة في أحكام الحجّ، وكان النّاس يستفتونه في أمورهم وأحكامهم، وقد ظلّ يفتي النّاس في المدينة المنوّرة ستّين سنة، ومع ذلك كان يتورّع عن الفتوى فيما يعلم.
وكان من أكثر الصّحابة رواية للأحاديث النّبويّة، فنقل عن النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- علم كثير، وروى كذلك عن أبي بكر، وعن أبيه عمر، وعن عثمان، وعلي -رضي الله عنهم- وغيرهم من كبار الصّحابة، وروى عنه جمع من الصّحابة والتّابعين كسعيد بن المسيّب، وثابت البناني، وطاووس، والزّهري، ومحمد بن سيرين، ومولاه نافع، ومجاهد، وغيرهم الكثير، فكان له في كتب الأحاديث مسند انفرد به يضمّ ألفين وستّمائة وثلاثين حديثاً، كما أنّ له أحاديث كثيرة في صحيح البخاري تقدّر بواحد وثمانين حديثاً، وفي صحيح مسلم أفرد له واحد وثلاثين حديثاً.
فضائل عبد الله بن عمر
ترعرع عبد الله بن عمر في بيت أحد كبار الصّحابة، ونشأ بين يدي رسول الله -صلّى عليه وسلّم-، وتعلّم منهما الكثير، ما أكسبه صفات تميّزه، فكان له فضائل ومناقب كثيرة، نذكر بعضاً منها فيما يأتي:
- كان عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- شديد التّأسي برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وكان يحرص أشدّ الحرص على اتّباعه وتقفّي أثره، فكان يجلس مكان جلوسه، ويصلّي مكان صلاته، حتّى أنّه روي أنّه ظلّ يستظلّ بشجرو كان قد تفيّأ عندها النّبي -صلّى الله عليه وسلّم-، وظلّ يتهعدها ويسقيها الماء وينزل عندها.
- كان شديد الحذر من الإفتاء، مع أنّه كات ملازماً للنّبي -صلّى الله عليه وسلّم- وتعلّم منه الكثير، إلا أنّ خوفه من الله -تعالى- منعه من أن يتساهل بالفتوى، ولم يكن مغترّاً بعلمه، ولو سُئل عمّا لا يعرفه لا يتحرّج أن يقول "لا أعلم".
- كان عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- تقيّاً وخوّافاً من الله -تعالى، وشديد التّأثّر بالقرآن الكريم، فلا يمر عن آية فيها تهديد أو وعيد إلّا تأثّر بها، فقد روي أنّه قُرأ عليه يوماً قول الله -تعالى-: (أَلَا يَظُنُّ أُولَٰئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ* لِيَوْمٍ عَظِيمٍ* يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)، فبكى بكاءً مريراً حتّى ابتلّت لحيته، وغُشيَ عليه.
- كان زاهداً في الدّنيا ، فلم يطمع بمنصب أو مال، وقد عرضت عليه الخلافة والقضاء فأبى.
- كان قوّاماً متهجّداً كثير الصّلاة في اللّيل.
- كان كريماً عطوفاً على الفقراء يُغدق عليهم ممّا آتاه الله -تعالى- من فضله .
- كان محبّاً للجهاد ولا يتخلّف عن الغزوات والسّرايا في زمن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وفي زمن الخلفاء الرّاشدين.
- كان حريصاً على وحدة المسلمين وعدم تفرّقهم، وكان يدعو للطّاعة والتزام الجماعة، فلم يشارك في قتال المسلمين أبداً، ولم يرفع سلاحاً في وجه مسلم أبداً، كما أنّه لم ينشقّ عن إمام مسلم، ولم يمتنع من أداء الزّكاة له.
وفاة عبد الله بن عمر
رُوي أنّ الحجّاج دسّ له رجلاً، وأراد قتله برمح فيه سمّ، فرآه عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- فقاتله، فطعنه في ظهر قدمه، فتوفّي رحمه الله -تعالى- متأثّراً بالسّم، ولم يحمل السّلاح في بلد لا يحلّ فيها القتال، وكانت وفاته في نهاية السّنة الثالثة والسبعين للهجرة، وقد بلغ من العمر سبعاً وثمانين سنة، وقيل خمساً وثمانين سنة، وكان بذلك آخر من مات من الصّحابة في مكّة المكرمة، دفن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- حيث ولد في مكّة المكرمة، في مكان يُدعى فخّ، وهو ما يسمّى في عصرنا بحيّ الزّاهر، في مقبرة المهاجرين.