تعريف المدرسة البنيوية
ما هي المدرسة البنيوية؟
تُعرف المدرسة البنيوية بأنّها نظرية فكرية في العلوم الإنسانية، ومن الاختصاصات المتعلقة بها اللغويات، والنظرية الأدبية، و الأنثروبولوجيا ، بدأ تأثيرها خلال فترة الخمسينيات والستينيات، اعتمادًا على النظريات اللغوية لفرديناند دي سوسير، وتعتبر المدرسة البنيوية أن اللغة مجموعة من الدلالات والإشارات، يصعُب فهمها إلا من خلال ترتيبها معًا بنظام مُحدّد، ومن خلال المنظور الأدبي، تعتقد البنيوية بأنّ كل عمل أدبي يظهر حقيقة شيء معين؛ لذا حلّل النقاد البنيويون التفاصيل الأساسية في العمل الأدبي لاستخراج المعنى الأساسي منه، مثل الحبكة في القصة، وهذا أدّى إلى تطوير الاستنتاجات العامة حول الأعمال الفردية والأنظمة الأساسية لها.
نشأة المدرسة البنيوية
تُعدّ المدرسة البنيوية حركة أدبية مهمة في المجالات الأكاديمية كافّة، المختصة بدراسة اللغة والثقافة والمجتمع، ويعدّ فرديناند دي سوسير أول مَن أطلق البنيوية في النصف الثاني من القرن العشرين عام 1958م، وظهرت فكرة البنيوية لأول مرة في القرن التاسع عشر، أما مصطلح البنيوية فقد ذُكر لأول مرة في أعمال عالم الأنثروبولوجيا الفرنسي كلود ليفي شتراوس، ممّا أدّى إلى ظهورها في فرنسا، مما حفّز لاحقًا المفكرين ميشيل فوكو، ولويس ألتوسير، والمحلل النفسي جاك لاكان، لإنتاج أعمال مبنية على الحركة البنيوية.
أسس ومنطلقات المدرسة البنوية
يُشار إلى ظهور الحركة البنيوية في فترة الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، لكن أهمّها ظهر خلال أعمال المتخصص اللغوي فرديناند دي سوسير الذي كرّس اهتمامه لاستنباط المعاني الرئيسة من اللغة، عِوضًا عن التركيز على التطور التاريخي للغة، فدرسها كأنّها علامات ودلالات تشير إلى مفاهيم أخرى أعمق غير ظاهرة، واعتمدت دراساته على بعض الأسس والمنطلقات أهمها ما يأتي:
- اعتماد الفصل بين المعنى الظاهر المتعارف عليه للكلمة في اللغة، وبين المعنى الباطن، إذ إنّ الكلمة الواحدة يوجد لها عدة معانٍ مختلفة عن بعضها بعضًا، ويمكن استخدامها في سياقات عدّة للدلالة على موضوعات مختلفة.
- إبقاء الكلمات متّصلة مع باقي الكلمات المرادفة لها في المعنى؛ أي المشابهة لها لتعريفها بدقة، لأنّ كل كلمة في اللغة يتأكد معناها من خلال معرفة مرادفاتها، مثل كلمة "قصر" عند مقارنتها بالكلمة المرادفة لها "منزل"، يؤكد المعنى أو الفكرة الرئيسة لها، كما أنّ معرفة الكلمات المتضادة أو المتناقضة تساعد في تأكيد المعنى لأنها مرتبطة ببعضها بعضًا، مثل كلمة "رجل" عكسها "مرأة"، و"ليل" عكسها "نهار".
- التسليم بعدم اتفاق أو ربط المعنى والمفهوم في بعض الجمل والمواضيع، وتخطّيها لتحليل العقل البشري، ومثال على ذلك مفهوم "إرهابي"، و"مقاتل من أجل الحرية"، كلاهما لا يمكن التمييز بينهما بطريقة محايدة وحقيقية بين موقفهما؛ بسبب اختلاف الأفكار والآراء والتقييمات لدى مختلف الأشخاص.
أعلام النقد البنيوي
يوجد العديد من نقاد الحركة البنيوية المؤثرين على اللغة، ومن أبرزهم ما يأتي:
فرديناند دو سوسير
يعد فرديناند دي سوسير الشخصية الرئيسية لتأسيس علم اللغة الحديث ، عاش في الفترة ما بين (1857م - 1913م)، وأثّر على اللغة من خلال نشره لكتاب يحث على تغيير القواعد المتوارثة للأحرف المتحركة في اللغة الهندو أوروبية، ثم تنقل في الجانب الدراسي والمهني، إذ قدّم أطروحة الدكتوراه حول التركيب الصرفي في اللغة السنسكريتية، ثم قدّم عدّة أعمال عن الليتوانية بعد عودته إلى موطنه جنيف ؛ بسبب إنشاء تخصص حول اللغة السنسكريتية وتاريخ ومقارنة اللغات له عام 1891م، وربط هذه الأعمال بكتابه السابق حول الحروف المتحركة والتي نتج عنها قانون سوسير.
لاحقًا قدّم ثلاث دورات في علم اللغة العام في جامعة جنيف بعد تطويره منهجًا للغات وعرضه كنظام للإشارات والدلالات، وكل علامة فيه تتكون من (دال) يُعنى فيه (النمط الصوتي)، و(مدلول) أي (المفهوم) يرتبط كلاهما معًا بشكل بدهيّ للعقل البشري مكونًا نظام لغوي مشترك، وكل دال ومدلول في هذا النظام هو قيمة ناتجة عن اختلاف الدالّات أو الدلائل الأخرى الموجودة معًا في النظام اللغوي النموذجي المتعارف عليه، وبعد وفاة سوسير جمع زملاؤه ملاحظات الطلاب الناتجة عن الدورات مع ملاحظات سوسير ونتج عن ذلك كتاب يعد أساس النهج البنيوي في اللغة، ثم ارتبط في مجالات أخرى لاحقًا بعد نشره عام 1916م.
رولان بارت
يُعرف رولان جيرار بارت بأنّه كاتب مقالات وناقد اجتماعي أدبي فرنسي، اختصت معظم أعماله حول السيميائية ، ودراسة الرموز العلامات التي اخترعها فرديناند دي سوسير، ويعد مؤسساً رئيسياً للحركة البنيوية والنقد الجديد، عاش في الفترة ما بين (1915م - 1980م)، نشأ في فرنسا، ودرس في جامعة باريس، وفي عام 1939م حصل على شهادة في الآداب الكلاسيكية، وفي عام 1943م حصل على شهادة في قواعد اللغة وعلم اللغة، عمل رولان في المركز الوطني للبحوث العلمية، ثم عمل في كلية العلوم التطبيقية، وكان أول رئيس لقسم علم الأحياء الأدبية في جامعة فرنسا عام 1976م.
تزفيتان تودوروف
يعد تسفيتان تودوروف من أبرز رواد الدراسات الأدبية وله مكانة رفيعة في الفكر الأوروبي، من أبرز المنظرين الثقافيين عالميًا، تأثرت العديد من الموضوعات بنظرياته مثل: علم السرد، وعلم الأخلاق، وحتى الرسم ، والسياسة، وهو فرنسي ولد في بلغاريا، وعاش في الفترة ما بين (1939م - 2017م) قدّم نقاشات عديدة حول تغيّر أفكاره في التاريخ والثقافة خلال فترة الثمانينيات مع عدة مفكرين فرنسيين مثل جان جاك روسو، وميخائيل باختين، كما تناول مفهومه عن التنوير، وأفكاره حول التأريخ، ودفاعه عن الهوية الأوروبية، وآرائه الفلسفية حول السياسة، وآرائه الناقدة حول الشمولية.
جيرار جينيت
يُعرف جيرار جينيت بأنّه عالم أدبي، ومنظّر بنيوي، ومؤثر معروف بتطوير علم السرد في الأدب، بالرغم من ظهور هذا العلم قبل وجوده، ولد عام 1930م، وعمل ككاتب ومعلم، حتى عُيّن كأستاذ للأدب الفرنسي في جامعة السوربون، ومحاضر معروف في المدرسة العليا للنورمال، بالإضافة إلى عمله كعميد أكاديمي في مدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية، بالإضافة إلى تأسيسه وإدارته لمجموعة Poetics في دار النشر Seuil، ونال جيرار شهرة عالمية بعد تطويره مصطلحات لوصف عمل السرد.
حميد الحميداني
يُعرف حميد الحميداني بأنه أديب مغربي، ولد في 1 من شهر يناير في مدينة تازة بالمغرب، والده مزارع يدعى أحمد بن عبد السلام، ووالدته ربة منزل تدعى طاهرة بنت محمد، تزوج في شهر أيار عام 1990م وله طفلان، حصل على شهادة البكالوريوس من جامعة محمد الخامس عام 1976م، كما حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة ستراثكلايد عام 1982م، وفي السنة نفسها عمل في جامعة سيدي محمد بن عبد الله في فاس بالمغرب كأستاذ للأدب الإنجليزي والأمريكي، وعُيّن كعضو في اتحاد كتّاب المغرب.
صلاح فضل
يُعدّ الدكتور صلاح فضل من القامات الأدبية العربية المعروفة، وُلد في 21 من شهر مارس عام 1938 بقرية شباس الشهداء في مصر، وحصل على شهادة البكالوريوس من كلية دار العلوم في جامعة القاهرة عام 1962م، ثم عمل معيدًا في كلية دار العلوم، حتى نال منحة للدراسات العليا في الجامعة المركزية في مدريد بإسبانيا، وحصل على شهادة الدكتوراه في الآداب عام 1972م، وخلال فترة دراسته هناك درّس الأدب العربي والترجمة في كلية الفلسفة والفنون بجامعة مدريد ما بين الفترة 1968م - 1972م، ولاحقًا عمل كأستاذ للأدب والنقد في كلية اللغة العربية وكلية البنات في جامعة الأزهر.