تعريف المجتمع عند ابن خلدون
مفهوم المجتمع عند ابن خلدون
يرى ابن خلدون المجتمع أنّه كيانٌ متحوّلٌ منتقلٌ من مرحلة لأخرى؛ حيث إنّ سمة التغيّر هي السمة الغالبة عليه، يبدأ المجتمع بمرحلة البداوة ويتطوّر بشكلٍ تدريجيّ إلى أن يصل إلى حالة التحضّر، فالمجتمع متأثر بعوامل عدة أهمها:
- الحركة العمرانية.
- التوطين والسكن.
- التجمّعات القائمة على العشائرية.
- قضاء الحاجات وتبادل المصالح.
هذه العوامل مُجتمِعة تُظهر الشكل البدويّ للحياة القائمة على التعاون، والتي تقوم في الجبال والصحراء والقرى والأمصار، ويقول إنّ البدوَ أصل المدينة والحضارة، ويُعلّل ذلك أنّ وجود البداوة سابق وجود المدن، وبالتالي المجتمع المدني.
يرى ابن خلدون أن المجتمع الكيان يتكون من عدّة مكونات قائم على أساس العلاقة ما بين المركز والبيئة، ويُوضّح ذلك بما يطرحه من توجّه قائم على أنّ البداوة تستحوذ على الحضارة المستقرة، ونتيجة سمة التغيّر فإنّ الوقت كفيلٌ بأن تفقد البداوة ما لها من قوة مقابل الطرف الآخر المستقر، ليصل المجتمع للمرحلة النهائية له وهي مرحلة المجتمع الحضاري.
مفهوم علم الاجتماع عند ابن خلدون
عرَّف ابن خلدون علم الاجتماع بأنّه المبادئ كافّة التي تلعب دورًا مهمًا في التغيرات الاجتماعية (حالة الأفراد والسكان)، وربطَ هذا العلم مع العلوم الإنسانية لينتج فرع من هذا العلم يُسمّى بعلم الاجتماع الإنساني، وبيّنَ أنّ هذا العلم يشتمل على عوامل ذات أثر على التكوينات الاجتماعية وأهمها: السعادة، والتطور والازدهار، التنمية الفردية، والبنية الاجتماعية، وعمليات تحوُّل المجتمعات من بسيطة إلى معقدة.
أهمّ الموضوعات التي تناولها علم الاجتماع التغيير الاجتماعي للانهيار (من بدو إلى مدن) وإعادة هذه العملية مع تجدّد الأجيال، وانحلال المجتمعات نتيجة عمليات التطور الضمنية حتى نقطة النهاية للمجتمع لبداية نشوء مجتمع جديد، وعليه يُمكن فهم أهمية علم الاجتماع وأساس وجوده.
مفهوم الرقابة الاجتماعية عند ابن خلدون
الرقابة الاجتماعية أو كما أُطلق عليها في مقدمة ابن خلدون الضبط المجتمعي هي الأسس التي يُرجع إليها أيّ تجمّع بشريّ إما يكون لها أساس عقدي ديني شرعي ويتم تطبيقها بناء على الإيمان بالثواب والعقاب، أو أساس سياسيّ عقلي وضعي يوجب عليهم اتباعه بعد معرفة ما يترتب على هذا الأساس من مصحلة مترتبة، والرقابة الاجتماعية هي أساس التنظيم لعمران المدن والمجتمعات، وأهم المقومات الضابطة للمجتمع من وجهة نظر ابن خلدون: "الدين، والقانون، والآداب العامة، والأعراف، والعادات، والتقاليد".
أهداف الرقابة الاجتماعية
للرقابة الاجتماعية أهداف عدة أهمها:
- هدف تربوي: هنا يظهر دور المؤسسات التربوية سواء أكانت الأسرة أم المدرسة أم غيرها في ترسيخ عامل الدين والمبادئ والقيم التي ذكرها ابن خلدون، ويتمثل هذا الهدف بتحقيق الاندماج بين المعايير الاجتماعية.
- هدف الثقافي: نتيجة عملية الرقابة والضبط المجتمعي يتم تدعيم أهم المفاهيم والمبادئ والقيم والعادات والتقاليد والأعراف التي تُساعد على أن يبقى المجتمع متماسكًا قدر الإمكان.
- هدف الأمني: للرقابة المجتمعية أثرٌ على تماسك الأسرة والمجتمع من الصراعات والجرائم بأشكالها كافّة.
- هدف تنظيمي: من خلاله يتم إعطاء أفراد المجتمع حقوقهم مقابل أداء ما عليهم من واجبات.
المجتمع من منظور ابن خلدون هو كيانٌ متجدّدٌ من زمن لآخر، يبدأ بمرحلة البداوة وينتهي بمرحلة التحضر، وهو جزءٌ متأثّر بعلم الاجتماع الذي يدرس العوامل المؤثرة فيه، ويتم التحكم فيه عن طريق عملية الضبط والرقابة التي تُحقّق أهدافًا على المستوى التربويّ والأمنيّ والثقافيّ والتنظيميّ.