حكم النذر بالصدقة
النذر وحكمه
النذر لغة: النذر هو مصدر الفعل نذرت، وهو تكليف النفس بشيء لم يكن واجباً عليها، أمّا النذر اصطلاحاً: فهو أن يُلزم المسلم نفسه بشيء لم يُلزمه الله -تعالى- به في الأصل، ويكون ذلك بكل قول يدلّ عليه، وممّا تجدر الإشارة إليه أمرين:
- أوّلهما: تعددت آراء العلماء في أصل حكم النذر كما يأتي:
- الحنفية: قالوا بإباحة النذر في الطاعات، كمن نذر صيام يوم حال رزقه الله- تعالى- ولداً.
- المالكية: قالوا باستحباب النذر في الطاعات حال كونه مطلقاً، أمّا إن كان النذر معلقاً بشرطٍ فمنهم من قال بالكراهة، ومنهم من قال بالإباحة.
- الشافعية والحنابلة: قالوا بكراهة النذر عموماً حال كونه مطلقاً أو معلقاً، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (لا تَنْذِرُوا، فإنَّ النَّذْرَ لا يُغْنِي مِنَ القَدَرِ شيئًا، وإنَّما يُسْتَخْرَجُ به مِنَ البَخِيلِ).
- ثانيهما: أقسام النذر أربعة:
- نذر الطاعة: وفيه يلزم المسلم نفسه بطاعة حال حصوله على نعمة، أو دُفع عنه شراً ما.
- نذر اللجاج والغضب: وهو النذر الذي يخرج مخرج اليمين والحلف بغية الحثّ على فعلٍ ما أو المنع منه.
- النذر المطلق: وذلك كقول الناذر: لله علي نذر، لكنّه لا يسمي شيئاً.
- النذر المباح : وذلك كقول الناذر: لله علي أن ألبس ثوبي.
حكم النذر بالصدقة
يجدر بالذكر أولاً أنّ العلماء قد اتفقوا على لزوم الوفاء بالنذر حال كونه طاعة وقربة لله -تعالى- وممّا استدلوا به على ذلك قول الله -تعالى-: (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا) ، وقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن نَذَرَ أنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ)، لذا فمن نذر إخراج الصدقة لزمه الوفاء بنذره في حال كان قد تلفظ بالنذر، أمّا في حال لم يتلفظ به، وكان مجرد النية بالصدقة فلا يعدّ ذلك نذراً؛ لأنّ النذر لا ينعقد بالنية ، وفي هذه الحالة يكون مخيّراً بين إخراج الصدقة أو عدم إخراجها، وممّا تجدر الإشارة إليه أمرين:
- أوّلهما: يلزم من نذر نذراً ثمّ تبيّن له عدم القدرة على الوفاء به كفارة يمين ، وذلك لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ومن نذرَ نذرًا لا يطيقُهُ فكفَّارتُهُ كفَّارةُ يمينٍ. ومن نذرَ نذرًا أطاقَهُ فليفِ بهِ).
- ثانيهما: حري بالمسلم التقرب إلى الله -تعالى- بإخراج الصدقة أو غيرها من القربات والطاعات بلا نذر، لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّه لا يَأْتي بخَيْرٍ، وإنَّما يُسْتَخْرَجُ به مِنَ البَخِيلِ).
وقت ثبوت حكم النذر
في حال كان النذر مطلقاً من غير تقييده بشرطٍ، أو بمكانٍ، أو بزمانٍ، كمن قال: لله علي نذر صوم شهر، أو إخراج صدقة، فيُندب له التعجيل بالوفاء بالنذر وتنفيذه، إمّا إن كان النذر معلقاً بشرطٍ كمن قال: إن شفى الله مريضي فالله علي صوم شهر لزمه الوفاء بالنذر متى تحقق ووُجد الشرط، فإن أوفى بالنذر قبل ذلك كان نفلاً لا وفاءً بالنذر.