تعريف الفيزياء النووية
الفيزياء النووية
الفيزياء النووية (بالإنجليزية: Nuclear Physics)، وهي أحد فروع الفيزياء والتي تتعامل مع بنية النواة الذرية والإشعاع من النوى غير المستقرة، ومن الجدير بالذكر أنّ النواة تصغر عن الذرة بحوالي 10000 مرة؛ فالذرة تتألف من النواة والبروتونات والنيوترونات، وهذه الذرات تنجذب لبعضها البعض بفعل القوى النووية بدلًا من الطاقة الذرية لأن الطاقة النووية أكبر من الطاقة الذرية النموذجية بحوالي مليون مرة.
تتحدد مسارات الجسيمات من اصطدام نواة متسارعة لذرة نيوبيوم مع نواة ذرة نيوبيوم أخرى، أما النوى المشعة غير المستقرة سواء كانت طبيعية أم مُصنّعة تُصدر إشعاعًا كهرومغناطيسيًا وتختلف تسمياتها مثلًا: الفوتونات النووية النشطة تسمى أشعة جاما، أما الجسيمات السلبية والإلكترونات الإيجابية تُسمى أشعة بيتا، والأخيرة التي تتألف من النيوترونات ونوى الهيليوم وتُسمى أشعة ألفا.
هذا يعني أنّ الفيزياء النووية يبحثها العلماء من خلال الجسيمات مثل البروتونات أو الإلكترونات، وتصدر منها أجسامًا مرتدة وشظايا نووية تُحلل اتجاهاتها وطاقاتها للكشف عن الهيكل النووي وقوته النووية؛ فالتفاعل الضعيف هو المسؤول عن إنتاج أشعة بيتا، أما تجارب الاصطدام النووي فتُنتج حزمًا من جسيمات عالية الطاقة بما فيها الجزيئات غير المستقرة (الميزوناتالتي) التي تنتج من الاصطدامات النووية التي يُطلق عليها اسم مصانع الميزون، وخلال هذا النشاط الإشعاعي وخلال الاصطدامات يحدث الانهيار النووي؛ مما يعني تغيير التركيب النووي، وكلما حدث تغيير في الشحنة النووية خلال الانشطار والانصهار كلّما ظهرت نوى غير مستقرة؛ تنقسم لنوى أصغر، أو تندمج مع نوى أكبر.
عليه فإنّ الفيزياء النووية هي دراسات للبروتونات والنيوترونات في مركز الذرة، والتفاعلات التي تحدث بينها في مساحة صغيرة جدًا لا تتجاوز بضعة فيومترات، ومن أمثلة التفاعلات النووية الاضمحلال الإشعاعي، والانشطار، وتفكك النواة، والاندماج، واندماج النوى، وتُركز أبحاث الفيزياء النووية على فهم المادة التي تتألف من الكواركات والغلونات وهذه التي تُشكّل ما نسبته 99% من كتلة الكون، وقد عُثر على هذه المادة في لُبّ الذرات التي تُشكّل كلّ شيء بما فيها الإنسان، وقد سعى العلماء للبحث في هذا المجال لمعرفة كيف تطور الكون بعد الانفجار العظيم، وتوصلوا إلى أنه حدث نتيجة البلازما فائقة الحرارة من الكواركات والغلونات، ثم تشكّلت عناصر الكون وذراته؛ مما يعني أنّ البروتونات والنيوترونات هي حالات الارتباط الأساسية للكواركات في الكون.
أساسيات الفيزياء النووية
أما عن أساسيات الفيزياء النووية؛ ففي ما يلي توضيح لها:
- هيكل الذرة: تحتوي الذرات التي يتألف منها العنصر على نواة في المركز وإلكترونات تدور حول هذه النواة؛ فالنواة تتألف من بروتونات ذات شحنة كهربائية موجبة، ونيوترونات متعادلة الشحنة، أما الإلكترونات فهي سالبة الشحنة بحجم مناسب لشحنة البروتون، كما أن عدد الإلكترونات مساويًا لعدد البروتونات في النواة ، وهذا يجعل ذرات العناصر متعادلة الشحنة، والنيوترونات الحرة هي جسيمات تتحلل إلى بروتون وإلكترون يبلغ عمرها 12 دقيقة، فعندما يتحلل النيوترون يعمل مضاد النيوترينو الجسم المحايد على نقل الطاقة الزائدة، ليُحقق التوازن في الطاقة خلال اضمحلاله.
- الاضمحلال الإشعاعي: نظرًا لأن نوى بعض العناصر غير مستقرة فهي مشعة، وتنبعث منها طاقة وجزيئات تسمى الإشعاع، وتحدث عملية الاضمحلال من خلال عدة طرق مثل: اضمحلال ألفا ويعني انبعاث نواة هيليوم رباعية تحتوي على بروتونين ونيوترونين، واضمحلال بيتا وهو انبعاث إلكترون أو بوزيترون الذي يُطابق الإلكترون إلا أنّ شحنته موجبة، والتقاط الإلكترون ويعني التقاط نواة الإلكترون من الجزئيات التي تدور حوله، والانشطار العفوي ويعني انشطار عنصر ثقيل دون إدخال جسيم خارجي أو طاقة، وانبعاث أشعة غاما وهي عبارة عن تردد الإشعاع الكهرومغناطيسي، وهذه الفوتونات يُمكن أن تُدمر الخلايا الحية.
- ملزمة الطاقة: فالنوى ترتبط ببعضها من خلال القوة النووية القوية، وكل نواة لها طاقة مميزة هي ذاتها اللازمة لتفكيك النواة تمامًا، وتزداد طاقة الارتباط بعدة ميغا إلكترون فولت لكل بروتون أو نيوترون مُضاف للنواة، ويُشتق إطلاق الطاقة النووية من اختلافات طاقة الربط بين النواة الأولية نسبةً إلى التفاعل النووي مثل الانشطار والاندماج.
- الانشطار النووي: تُنتج الطاقة النووية من خلال تحويل كمية صغيرة من كتلة نواة الذرة إلى طاقة؛ فكل الكتلة والطاقة متساوية في النسبة المحددة اعتمادًا على معادلة ألبرت آينشتاين التي تنص على أن الطاقة= الكتلة* سرعة الضوء*2، وهذا يعني كمية هائلة من الطاقة نظرًا لسرعة الضوء الكبيرة جدًا، ويمكن أن تنقسم الذرات الثقيلة مثل اليورانيوم وتُنتج نواتج الانشطار شظايا ذات وزن ذري متوسط، كتلتها أقل من النواة الأصلية والفرق يظهر كطاقة، وتظهر هذه الطاقة على شكل طاقة حركية للنيوترونات، وطاقة اهتزازية لشظايا الانشطار، وإشعاع جاما.
أصول الفيزياء النووية
تعدُّ الفيزياء النووية جزءًا من العلم ومعرفة هذا العالم؛ فالكائنات الحية بأكملها تتألف من جزيئات تحتوي على ذرات كتلتها تكمن في النوى، ويهتم علم الفيزياء بخصائص المواد النووية، وقد تطورت الدراسات لاكتشاف النيوترونات، والتفاعلات النووية، وتحويلات العناصر، والنظائر، والطبيعة التفصيلية للنشاط الإشعاعي، وبدأ الاكتشاف في الحرب العالمية الثانية عند تحقيق مشروع مانهاتن الذي استند لتحقيق الخصائص النووية المسبقة لتاريخ العالم، واستمرت بالتطور حتى وقتنا الحاضر، وخلال خمسينيات وستينيات القرن الماضي تطورت مفاهيم النماذج الأساسية للنواة الذرية، ثم ساعدت تحليلات بيتا النووية في تحديد شكل التفاعل الضعيف وتحديد نموذج قياسي في توحيد التفاعلات الضعيفة والكهرومغناطيسية، وما زالت الدراسات قائمة حول الفيزياء النووية لاكتشاف صور أوضح لمفاهيمها.
تطبيقات الفيزياء النووية
في ما يلي أهم التطبيقات على الفيزياء النووية:
- التصوير الطبي والتشخيص: وذلك في حالات العلاج الإشعاعي لحالات مختلفة مثل: فرط نشاط الغدة الدرقية، والسرطان، واضطرابات الدم؛ فالإشعاع المؤين يُتلف الحمض النووي للأنسجة مما يُسبب موت الخلايا، بالإضافة للعلاج الإشعاعي الخارجي الذي يستهدف الحزم الإشعاعية من عدة زوايا تتقاطع عند الورم، وفي المعالجة الكثبية عند حقن النظائر المشعة العلاجية لتوطين الأنسجة التي تتطلب تدمير كيميائي، وفحص العظام لكشف مشكلات العظام مثل: الآفات الخبيثة، التهابات العظام، السرطان، وآلام العظام.
- تطبيقات الكشف عن أجزاء الجسم دون الاضطرار للعمليات الجراحية.
- محطات الطاقة وصنع القنابل الذرية والأسلحة النووية الحرارية التي تُطابق التفاعلات النووية التي تحدث في النجوم.
- دراسة نظائر الأكسجين في لب الجليد مما يُسهل فهم تدفق تيارات المحيطات، وطبيعة طبقات المياه الجوفية في العالم.
الخلاصة
الفيزياء النووية أحد فروع الفيزياء والتي تتعامل مع بنية النواة الذرية والإشعاع من النوى غير المستقرة، ويبحثها العلماء من خلال الجسيمات مثل البروتونات أو الإلكترونات، والكائنات الحية بأكملها تتألف من جزيئات تحتوي على ذرات كتلتها تكمن في النوى.