تعريف الغيب النسبي
تعريف الغيب النسبي
تعددت آراء أهل العلم في بيان معنى الغيب النسبي فمنهم من قال إنه هو ما غاب عن حواس الإنسان في عالم الشهادة ، ويدخل فيه الماضي والمستقبل وكلاهما يُعتبر غيب بالنسبة للحواس، وكذلك الأمر بالنسبة للحاضر، فهو يُعتبر غيب لمن رآه.
ولكن لا يعتبر غيب لمن رآه وعاش معه، فهناك أمور تكون مع الإنسان وتعاصره ولكن لم يراها الإنسان بسبب غيابه عنها، فمثل هذه تكون غيب بالنسبة له، ولكن ليست غيباً لمن رآها، والإنسان الواحد قد يكون له الأمر المعين غيباً بالنسبة له وفي الوقت الآخر لا يعتبر غيباً.
وقيل أيضاً في معنى الغيب النسبي أن كل ما غاب عنا ويعلمه غيرنا فهو غيب بالنسبة لنا ويعتبر علم بالنسبة لغيرنا، فهو بالنسبة لأشخاص دون أشخاص وأناس دون أناس، فمن يدعي علم شيء وذلك بقيامه بتحصيله بأسباب معلومة مثل السؤال فلا مشكلة في ذلك.
بمن يختص الغيب النسبي
الغيب النسبي يعلمه الله ومن علّمه الله -سبحانه وتعالى- من عباده أيضاً، فمثال ذلك أن يكون الشيء ظاهر لقوم ولكنه خفيٌ بالنسبة لقوم آخرين، فنحن نعلم ما بين أيدينا وما حولنا في منازلنا، لكن لا نعلم ماذا يوجد في بيت الآخرين أو الجامع أو السوق، والله -تعالى- يعلم كل شيء ومحيطٌ بكل شيء.
أنواع الغيب النسبي
ُيقسم الغيب النسبي إلى قسمين كما يأتي:
- الغيب المقيد النسبي
مثل ما كان غائباً عن البعض كالأحداث التاريخية و قصص الأنبياء الصالحين وقصص الأقوام السابقة، فهي غيب بالنسبة لمن لم يعلم بها، لذلك قال الله -عز وجل- للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم-: (ذَلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ ۖ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ).
- الغيب المقيد غير النسبي
وهو كل ما غاب عن الحس بسبب بُعد الزمان أي المستقبل أو المكان، حتى ينكشف الحجاب الزماني أو المكاني كما قال الله -سبحانه وتعالى- في القرآن الكريم وذلك في موت نبي الله سليمان -عليه السلام- ،قال -تعالى-: (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ).
هل يتعارض العلم مع الغيب النسبي
ما ذكره أهل العلم عن الأقوام السابقين من قصص الأنبياء مما يجب العلم به وما يُتنبأ به العلماء من المشاهدات العلمية هو من قبيل الغيب النسبي، فمن يتكلم في الغيب فهو داخل في ذلك بناء على السنن الإلهية في هذا الكون سواءً كانت متعلقة بالمجتمعات البشرية، أو الظواهر الطبيعية، لأن سنة الله -عز وجل- في كونه لا تتأخر أو تتخلف إذا وُجد المقتضى وهذا هو محل اعتبار الإنسان الذي حثه القرآن الكريم إليه في نهاية كل قصة.