تعريف العلم والمعرفة
تعريف العلم
يُعرف العلم لغة بأنه إدراك المرء للأمور على حقيقتها، وهو مصدر الفعل عَلِمَ وجمعه عُلوم، أما اصطلاحاًَ فقد قال البعض عنه أنه المعرفة كما قال البعض في العلم أنه أوضح من أن يُعرف، ويعد العلم نظاماً معرفياً يهتمّ بالعالم المادي والظواهر الخاصة به، حيث إنه ينطوي على تتبع المعرفة التي تزوّد بالحقائق والقوانين الأساسية للأمور المختلفة، ويُبنى العلم على الملاحظة والمراقبة ومختلف التجارب المنهجية التي لا تنحاز لفكرة أو قانون معين.
ويمكن تعريف العلم أيضاً بأنه اتباع منهج معين في دراسة طبيعة الأمور المادية بالاعتماد على القياس والملاحظة والتجارب المختلفة، ومن ثم التوصل إلى قوانين عامة تصف طبيعة الأمور التي تمت دراستها، وينطوي العلم أيضاً على دراسة السلوك البشري إلى جانب الأمور المادية، ومن الأمثلة على العلوم التي تدرس السلوك البشري علم الاجتماع، ومن الأمثلة على فروع العلوم التي يدرسها الإنسان علم الطبيعة، وعلم الفيزياء، والكيمياء، وعلم البيئة، وعلم المحيطات، وعلم الأرض، وعلم الأرصاد الجوية، وعلم الأحياء وغيرها.
خصائص العلم
يتميز العلم بوجود العديد من الخصائص، ومنها:
- التراكمية: ويقصد بذلك أن العلم تراكمي في طريقة تطوره، حيث يمكن تشبيه العلم بالبناء فكل نظرية علمية جديدة تُبنى فوق النظريات القديمة إن لم تدحضها وتحل محلها، وإن من شأن ذلك أن يساهم في تطور المجتمعات والحضارات، والجدير بالذكر أن كل عالم أو باحث يبدأ بدراسة أمر ما من المكان الذي انتهى فيه الآخرون.
- الدقة: حيث يتسم العلم بأنه دقيق، ومن شأن هذه الخاصية أن تجعل الإنسان يسيطر أكثر على واقعه وأن يفهم القوانين التي تحكم الكون بشكل أفضل، وعادة ما يستعمل العلم لغة الرياضيات للتحقق من صفة الدقة والتجريد.
- التجديد: إن من أهم خصائص العلم هو أنه يتطور ويتجدد كما من شأنه أن يُصحح نفسه بنفسه.
- التنظيم والترابط: ينظم العلم طريقة وأسلوب تفكير الأفراد فلا تكون أفكارهم عشوائية عفوية، وإنما منظمة ومخططة، كما يتميز العلم بأن قضاياه مترابطة وغير مفككة.
- الشمولية: حيث إن العلم شامل وتسري قوانينه على مختلف القضايا والظواهر التي يبحثها.
- التأثُّر والتأثير في المجتمع: ومن مزايا العلم وخصائصه أنه يتأثر بالمجتمع فينمو ويتطور تبعاً لتطور الظروف التي تسود المجتمع، كما أن المجتمع يتطور بتأثير العلم به.
- العالمية: يُعتبر العلم نشاطاً إنسانياً عالمياً، فحقائق العلم والاكتشافات العلمية لا تعود على فرد واحد بشخصه، وإنما تنتشر في المجتمع بأكمله، وإن المعرفة العلمية والنظريات والأفكار بمجرد أن تخرج للعالم تصبح ملكاً للجميع وتتجاوز مختلف الحدود الجغرافية والسياسية أيضاً.
- البحث عن الأسباب: حيث إنه لا يمكن فهم الظواهر التي تحدث في الكون وتفسيرها إلّا في حال معرفة أسبابها، وإن معرفة الأسباب تساعد الإنسان على أن يتحكم ويسيطر على الظواهر بشكل أفضل، كما أن عملية البحث عن الأسباب تتناسب وميول الإنسان الفطري وفضوله لمعرفة أسباب الظواهر وتعليلاتها.
- خصوصية الأدوات: حيث إن العلم شأنه كشأن أي نشاط آخر، له أدواته الخاصة التي تُستعمل لدراسة الظواهر وتفسيرها.
تعريف المعرفة
المعرفة في اللغة هي مصدر ميمي من الفعل عَرَفَ وجمعها معارِف، وتعني: (إدراك الشيء على ما هو عليه)، كما أنها محصلة عملية التعلم عبر العصور، وهي مجموع الأمور التي تم اكتشافها، وتعلمها وإدراك حقيقتها على مر العصور، كما أنها المشاعر والوقائع والخبرات التي يحصل عليها المرء من خلال تعامله مع الأشخاص الآخرين، ويمكن تعريفها أيضاً بأنها عملية الاطلاع والتعلم المستنير والحصول على معلومات حول موضوع محدد، وهي الفهم الذي يكتسبه الفرد من خلال دراسته لأمر ما، ويمكن القول إن المعرفة تشتمل على جميع الخبرات والمهارات التي يحققها المرء من خلال عملية التعليم والفهم التابع لها سواء كان من الناحية النظرية أو الناحية العملية.
والمعرفة اصطلاحاً هي نتاج تفسير الإنسان وتعليله للظواهر المختلفة، وعادة ما تكون المعرفة معنوية وليست مادية ملموسة إلّا أنه يمكن قياسها، وهي عبارة عن مجموع الخبرات، والمعلومات والمهارات التي تشكل قاعدة يمكن من خلالها تحليل ودمج الخبرات والمعلومات التي تتولد عن طريق العلماء والباحثين، ويمكن الحصول على المعرفة بعدة طرق، فإما أن يحصل المرء عليها من التجربة واستخدامه لحواسه في الملاحظة، وإما من خلال إعمال العقل وتوظيفه لاستنتاج الأمور المتعلقة بحدوث الظواهر المختلفة، والتفكر بالفرضيات ووضع الحجج والبراهين، ومن ثم التوصل إلى الحقائق التي يمكن من خلالها معرفة النظم التي تتوافق مع الطبيعة، أما الطريقة الأخيرة من طرق الحصول على المعرفة فتكمن في دراسة التاريخ والحصول من خلاله على المعلومات التي تتعلق بحياة الإنسان منذ أن وُجدت الخليقة، ومعرفة الظواهر المختلفة التي حدثت من ذلك الوقت ودراستها وتمحيصها.
خصائص المعرفة
إن من أبرز خصائص المعرفة الآتي:
- التصنيف: تتميز المعرفة بخاصية التصنيف، حيث إنه يمكن تصنيف المعرفة وفقاً لمجالاتها، ولكل مجال معرفته الخاصة به.
- الانتشار والاشتراك: حيث إن المعرفة يمكن أن تنتقل وتنتشر بين أنحاء العالم المختلفة إذا ما توفرت السبل التي تسمح بذلك، وهي مشتركة بين مختلف الفئات والمجتمعات وتنتشر من خلال الخبرات.
- التوليد: فالمعرفة تتولد من خلال التحليل والتركيب والتعليل، بالإضافة إلى دور البحث العلمي والاستقصاء الذي يقوم به المختصون والذي من شأنه توليد المعرفة.
- التطور: فالمعرفة لا تستهلك باستخدامها وإنما تتطور وتتجدد، وهي حيوية وتساهم في تطور المجتمعات والمؤسسات.
- التخزين: تتسم المعرفة بأنه يمكن تخزينها، وقد كانت في السابق تُخزّن على الورق إلّا أنها الآن تخزن باستعمال الوسائط الإلكترونية التي يُعدّ الحاسوب أساسها.
- الفناء: لا بد من استغلال المعرفة الموجودة في عقول الأفراد إذ إنها تفنى وتموت بموتهم، كما أن المعرفة الجديدة عادة ما تحل محل المعرفة القديمة أو المعرفة الراكدة في الكتب والتي لم يتم تعليمها للأفراد.
- الامتلاك: تتميز المعرفة بأنها لا تقتصر على فرد معين أو جماعة معينة، فكل فرد يرغب في اكتساب المعرفة فله ذلك، وتتعدد وسائل اكتسابها، ومن أهم الوسائل التعلم والتجربة.
الفرق بين العلم والمعرفة
لتحديد الفرق بين العلم والمعرفة لا بد من التطرق إلى الفروقات اللغوية والفروقات الاصطلاحية، وفيما يلي نبذة عن كلٍّ منها:
الفرق اللغوي بين العلم والمعرفة
من الفروق اللغوية بين العلم والمعرفة ما يلي:
- العلم في اللغة من العلامة، والعلامة تعني الدلالة والإشارة، كما يأتي العلم في اللغة بمعنى الشعور، فقد قال الزمخشري: (ما علمت بخبرك) أي ما شعرت به، والعلم في اللغة أيضاً هو ما يناقض الجهل، وقد قال الفيروزآبادي فيه إنه حق المعرفة، أما المعرفة في اللغة فهي من العُرف، وهو ما يضاد النكر، كما أنها عكس الجهل، ويُقال عرَّفه بالأمر أي أنه أعلمه إياه، كما وردت المعرفة بمعنى المجازاة، فقد ورد عن الزمخشري أنه قال: (لأعرفن لك ما صنعت) أي لأجازيك بما فعلت.
- العلم في اللغة يقتضي مفعولين، ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ)، أما المعرفة فتقتضي مفعولاً واحداً، ومن الامثلة على ذلك قوله تعالى: (فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ).
- تتقارب العلم والمعرفة في معناهما، وإن المعرفة تشتمل على العلم والعمل، وفيها رفعة من قيمة المعروف على العارف، والجدير بالذكر أن كلاً من العلم والمعرفة يعد علامة أو دلالة على أمر معين.
- العلم يقوم على تمييز ما يوصف به عن غيره من الأمور أي أنه يهتم بالصفة، أما المعرفة فهي تقوم على تمييز المعروف عن غيره أي أنها تهتم بالأمر الذي عُرِف.
الفرق الاصطلاحي بين العلم والمعرفة
ومن الفروق الاصطلاحية بين العلم والمعرفة الآتي:
- العلم لا يفيد دون الصفة، أي أنه إذا قال المرء علمت زيداً، فإنه لا معنى لهذه الجملة دون وصف زيد، فإذا قال علمت زيداً شجاعاً، حصلت الفائدة بذلك، أما المعرفة فهي تفيد دون صفة، فإذا قال المرء عرفت زيداً، حصلت الفائد بتمييز زيد عن غيره، وبذلك يمكن القول إن كل معرفة علماً، ولكن ليس كل علم معرفة.
- العلم يكون بالاكتساب أما المعرفة فتكون بالإدراك الذي يحصل بواسطة، فيقال عرفتُ الله ولا يُقال علمت الله؛ لأن العلم يكون بإدراك الأمر مع الإحاطة به.
- العلم هو ضد الجهل أما المعرفة فهي ضد الإنكار.
- العلم يرتبط بأحوال الشيء وصفاته، أما المعرفة فترتبط بذات الشيء.
- العلم يتعلق بالأمور بشكل إجمالي بينما المعرفة تكون بعلم الشيء تفصيلاً.
- العلم يتعلق بالإدراك الكلي أو المركب، أما المعرفة فهي تتعلق بالإدراك الجزئي أو البسيط.
- العلم يشبه التصديق، والمعرفة تشبه التصوّر.
- العلم يرتبط بحضور صفات الشيء وأحواله في النفس، أما المعرفة فهي ترتبط بحضور صورة الشيء ومثاله العلمي في نفس المرء.