تعريف العتاب
معنى العتاب
عرّف ابن منظور العتاب في لسان العرب بأنه: " لومك الرجل على إساءة كانت له إليك فاستعتبته منها"، ويقال: تعتب عليه، وتجنَّى عليه بمعنى واحد، ويقال: تعتَّب عليه ويقصد بها وجد عليه شيئًا في نفسه، والعتب يمكن أن يكون رديفًا للموجدة ، ويعتب مصدره عتبًا، وعِتابًا، ومعتبة ومعتبًا، وتشترك بمعنى وجد في نفسه عليه.
الفرق بين العتاب واللوم
بالرغم من أن العتاب مرادف لمعنى اللوم في أكثر كتب اللغة، إلا أنّ العسكري في كتابه "الفروق في اللغة" يستظهر الفرق بين معنيهما: يكون العتاب عند تَضْييع حُقُوق الْمَوَدَّة و الصداقة بين الناس، والْإِخْلَال بالعادات والأخلاق الرفيعة، مثل قلة زيارة الأرحام ، وَترك معونة الأصدقاء، وَمَا يشاكل ذَلِك من الأعمال، وَلَا يصدر العتاب إِلَّا مِن شخص لَهُ موَات يمت بهَا، فيكون الأمر المُعاتب عليه له تأثير في الشخص المُعاتِب، فَهُوَ مفارق لمعنى اللوم مُفَارقَة بَيّنه.
أما اللوم فهو أن ينبه اللائم الملوم على مكمن الضرر فيما فعله، وتهجين الطريقة التي سلكها في ذلك الموقف، وقد يُلام المرء على فعله الحسن مثل انبساط يده في العطاء، وكثرة سخائه، وليست فقط على الفعل القبيح.
أساليب العتاب
ينبغي على الإنسان أن يتلطف في العتاب؛ حتى لا يترك أثرًا سلبيًّا يجلب الضيق لنفس المُعاتَب، ولنا في كتاب الله -عز وجل- هدى ونور لمثل هذه الأساليب المخففة لآثار العتاب:
- العتاب باستخدام ضمير الغيبة: يجب عدم توجيه الخطاب المباشر للمُعاتب؛ لما قد يحمله ذلك أحيانًا من تجريح لمشاعره، ومن ذلك قوله تعالى:"عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى"
- العتاب باستخدام لفظ لطيف: يجب سؤال المعاتب بلطف، وعرض موضع العتاب بالسؤال عن سببه وعلته، ومن ذلك قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ۖ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"، ولمَّا كان القرآن الكريم هو مصدر الأحكام، فإن العتاب جاء متبوعًا بالحكم وطريقة الرجوع عن الأمر المعتوب عليه.
- العتاب مسبوق بالدعاء: يُستحب أن يسبق العتاب بالدعاء بالمغفرة والعفو عن الأمر المُعاتب عليه، و من ذلك عتاب الرسول -صلى الله عليه وسلم- على الإذن الذي منحه للمنافقين بالتخلف يوم العسرة، في قول الله تعالى: "عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ".
- تأخير العتاب: يجب تأخير العتاب وتقديم ذكر ما يفرج هم المُعاتب، ويجلب له البشرى والاطمئنان، ومن ذلك تأخير تنبيه النبي _صلى الله عليه وسلم_ إلى ضرورة ربط الوعود الأعمال المستقبلية بمشيئة الله تعالى، وتقديم بعض إجابات الأسئلة التي انتظرها النبي _صلى الله عليه وسلم_ ليخبرها للناس، ومنها قصة أهل الكهف .
شعر في العتاب
فيما يأتي مجموعة أبيات منتقاة عن العتاب من الشعر العربي:
- أبيات لبشار بن برد
يقول بشار بن برد وهو شاعر مخضرم عاصر الدولة الأموية والعباسية:
إذا كنت في كل الذنوب معاتِباً
- خليلَك لم تلقَ الذي لا تعاتبه
فعشْ واحداً أو صلْ أخاك فإنِّه
::: مقارفُ ذنبٍ مرةً ومجانبه
إذا أنت لم تشربْ مراراً على القذى
- ظمئْتَ وأيُّ الناس تصفو مشاربه
أَخوكَ الَّذي إِن رِبتَهُ قالَ إِنَّما
- أَرَبتُ وَإِن عاتَبتَهُ لانَ جانِبُه
- أبيات للمعولي العماني
يقول المعولي العماني وهو شاعر عاش في أواخر القرن الحادي عشر إلى أواخر القرن الثاني عشر:
ألا فاعذرانِي إن عتبتُ عليكما
- وإن أنا أهديتُ الملامَ إليكما
لأَنكما أنكرتماني مودةً
- قديمًا كأني ما أقمت لدلكما
وقُلتَمْ مقالًا يُحزن القلبَ بعضُه
- ولو لم تقولاه فمَاذَا عليكُما
أردّدُ فكري فيكما كل ساعةٍ
- وحاشاكما والحقُّ بين يديكمُا