كرم عثمان بن عفان
كرم عثمان بن عفان
اشتُهر عثمان بن عفان -رضي الله عنه- بالجود والكرم وكثرة الإنفاق في سبيل الله -تعالى-، فقد سخّر أمواله في نصرة الإسلام من نواح عدّة؛ كخدمة المسلمين، والجهاد في سبيل الله -تعالى-، وهناك العديد من المواقف التي تُظهر ذلك وتدلّ عليه وفيما يأتي بيان لبعض منها:
تجهيز جيش العسرة
كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قد دعا أصحابه للصّدقة والإنفاق في سبيل الله -تعالى- بُغية تجهيز الجيش المُتّجه إلى تبوك، فلبّى أصحابه دعوته إلّا أنّ ما تصدّق به عثمان -رضي الله عنه- كان سبباً في تجهيز ثلث الجيش؛ فقد زوّد الجيش بتسعمائة وخمسين بعيراً، وخمسين فرسا، كما جهّز ثلاثمائة من فقهاء الصحابة ليكونوا مع الجيش، وإلى جانب ذلك تصدّق أيضاً بألف دينار جعلها بين يديّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- فقال رسول الله حينها مرتين: (ما ضرَّ عثمانَ ما عَمِلَ بعدَ اليومِ) .
شراء بئر رومية
عندما هاجر رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى المدينة كان الماء العذب قليلاً ولا يُشرب من بئر رومة إلا بثمن، فدعا أصحابه وحثّهم على شرائها بقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن يشتَري بئرَ رومةَ فيجعَلُ فيها دلوَهُ معَ دلاءِ المسلمينَ بخيرٍ لَهُ منها في الجنَّةِ) ، ليُبادر عثمان -رضي الله عنه- بشراء نصفها بمائة بكرة وجعلها للمسلمين، وعندما رأى صاحب البئر وقد كان من اليهود أنّه لم يعد يُرزق منها كما في السابق باع نصيبه منها لعثمان -رضي الله عنه- وتصدّق بها كلها.
بذله في قافلة لإطعام الناس زمن القحط
أصاب المسلمين في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- القحط، وفي تلك الفترة جاءت قافلة من الشام لعثمان -رضي الله عنه- مُحمّلة بالطعام واللباس فتسابق إليه التجار ليشتروها منه وعرضوا عليه خمسة في المئة لكنه رفض بيعها لهم وأخبرهم أنَّ الله تعالى يُعطي سبعمائة فأكثر على الصدقة بدرهم واحد، وتصدق بها -رضي الله عنه- على فقراء المسلمين، وتجدر الإشارة إلى أنَّ هذا الموقف يُبيّن مدى فهمه -رضي الله عنه- لمعنى الأخوة في الدّين؛ فلو كان أحد غيره لأعطى ما وجب عليه من زكاة ماله فقط دون أن يهتم بأمر إخوانه من المسلمين.
عتقه للرقاب
عمد عثمان بن عفان -رضي الله عنه- منذ إسلامه إلى عتق رقبة في سبيل الله -تعالى- في كل يوم جمعة، حتى بلغ عدد الرقاب التي أعتقها قُرابة الألفين وأربعمائة رقبة.
توسعة المسجد الحرام والمسجد النبوي
كان المسجد قد ضاق بالمسلمين بعد ازدياد عددهم واتخاذه مكاناً للصّلاة وحضور خطب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- والانطلاق منه للغزوات، فدعا الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- أصحابه وحثّهم على شراء قطعة أرض مجاورة للمسجد بُغية توسعته؛ وذلك بقوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن يشتري بقعةَ آلِ فلانٍ فيزيدُها في المسجِدِ بخيرٍ لَهُ منها في الجنَّةِ؟) ، ليبادر عثمان -رضي الله عنه- ويشتريها بخمسة وعشرين ألف درهم، وليس ذلك فحسب؛ بل عمد -رضي الله عنه- إلى توسعة المسجد عندما تولى الخلافة بعدما كان الناس قد شكوا إليه ضيق المسجد لا سيما في يوم الجمعة.
التعريف بعثمان بن عفان رضي الله عنه
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد مناف، وأمّه أروى بنت كريز بن ربيعة، ويُكنى بأبي عبد الله، ويُلقَّب بذي النورين لزواجه بابنتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رقية وأم كلثوم -رضي الله عنهما-، وقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستعين به في العديد من القضايا لا سيما عندما منعت قريش المسلمين من أداء العمرة، فأرسله الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- سفيراً له إلى قريش، وقد روى عن الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-، وأبي بكر، وعمر -رضي الله عنهما-، وروى عنه أولاده عمر، وأبان، وسعيد، وروى عنه من الصحابة عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، وزيد بن ثابت -رضي الله عنهم-.