تفسير سورة قريش
تفسير آيات سورة قريش
كانت تسمَّى سورة قريش بسورة "لإيلاف قريش"، لكنَّها كُتبت في المصاحف بسورة قريش، وسمِّيت لذلك؛ لورود اسم قبيلة قريش فيها، وهي سورةٌ مكيَّةٌ، عدد آياتها أربعُ آياتٍ، نزلت بعد سورة التين، وقبل سورة القارعة. وقد تحدثت عن مواضيع عديدة، وفيما يأتي بيان لها:
قبيلة قريش وتهيئتهم لرحلة الشتاء والصيف
قال الله -تعالى-: ﴿لِإيلافِ قُرَيشٍ* إيلافِهِم رِحلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيفِ﴾.
تبيِّن الآيات الكريمة تآلف قبيلة قريش واجتماعهم آمنين مطمئنين، واعتيادهم لرحلة الشِّتاء إلى اليمن، وفي الصَّيف إلى الشَّام، ثمَّ يعودون إلى مكَّة المكرَّمة بأمانٍ وسلامٍ؛ لتعظيم شأنهم عند النَّاس، فهم سكان البلد الحرام، فمن تعرَّف إليهم جعل لهم الاحترام والتقدير، ومن سار معهم احتمى بحماهم، فكانت هذه الرِّحلة ممَّا ألفوه في الصَّيف والشِّتاء، وفي ذكرها تنبيه لهم لشكر الله على هذه النعمة.
الحث على عبادة الله تعالى
قال الله -تعالى-: (فَليَعبُدوا رَبَّ هذَا البَيتِ).
تحثُّ الآية الكريمة قوم قريش تحديداً على وجوب عبادة الله -سبحانه وتعالى-، الذي منَّ عليهم وأكرمهم بهذا الأمان والاطمئنان، بعد ما كان حالهم مضطرباً كما ذُكر في سورة الفيل من هدمٍ واقتحامٍ.
فوجب عليهم الشُّكر، والذي يتلخَّص بعبادته -سبحانه- بعدما ألفوا الرِّحلة، وفي هذا استحياءٌ لنفوسهم، فقد كانوا يجهلون قيمة حرمة هذا البيت الذي تكفّل الله -سبحانه- بحمايته، فهم يعلمون ساعة الكرب أن لا ملجأ لهم إلَّا هو -سبحانه-، فلا ينفعهم الأصنام.
شكر الله تعالى على النّعَم
قال الله -تعالى-: (الَّذي أَطعَمَهُم مِن جوعٍ وَآمَنَهُم مِن خَوفٍ).
فالله -سبحانه- أشبعهم بعد جوعهم، وآمنهم بعد خوفهم، فتبدَّل حالهم وتغيَّر، فرزقهم رغد العيش، وبدَّد مخاوفهم، وهذه نعمٌ تستحقُّ الشُّكر، وتستوجب الحمد، وهذه من أكبر النِّعم الدنيويَّة، فقد قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في ذلك بحديثٍ ضعيفٍ مشهور ومعناه صحيح: (مَن أصبَح معافًى في بَدَنِه آمِنًا في سِرْبِه عندَه قوتُ يومِه فكأنَّما حيزَتْ له الدُّنيا).
أسباب نزول سورة قريش
ورد عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في بيان سورة قريش أنَّه قال: (فضل الله قريشاً بسبع خصال: فضلهم بأنهم عبدوا الله عشر سنين لا يعبد الله إلا قريش، وفضلهم بأنهم نصرهم يوم الفيل وهم مشركون، وفضلهم بأنه نزلت فيهم سورة من القرآن لم يدخل فيها أحد من العالمين وهي {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ} وفضلهم بأن فيهم النبوة والخلافة والحجابة والسقاية).
فنزلت السورة في ذكر قريش وبيان منَّة الله -تعالى- عليهم، وإنجاح تجارتهم، وتكرر رحلتيهم صيفاً وشتاءً، لكن كان منهم البطر وعدم أداء حقِّ الله -سبحانه- بعد زيادة المال، واحترام مكانتهم، وحفظ أمن بلدهم.