قصة علي بن أبي طالب مع اليهودي
قصة علي بن أبي طالب مع اليهودي
- رُوي أن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- كان قد افتقد درعه المفضلة عنده، فوجدها في يد يهودي كان قد عرضها في السوق يريد بيعها، فلمّا رآها -رضي الله عنه- عرفها، فقال لليهودي: هذه درعي كانت قد سقطت عن جمل لي في مكان كذا، فأنكر اليهودي عليه قوله، و طلب أن يحكم بينهما قاضي المسلمين، فقبِل علي -رضي الله عنه- فلمّا صارا عند قاضي المسلمين وكان وقتئذٍ شُريح -رحمه الله-؛ قال شريحٌ لعليٍّ -رضي الله عنه-: لا أشك بأنك صادق يا أمير المؤمنين، ولكن لا بد لك من شاهدين يشهدون معك أنّها درعك، فأراد عليّ أن يشهد له قنبر وولده الحسن.
- فأجابه القاضي شريحٌ بأن شهادة الولد لا تجوز لأبيه، فقال عليّ -رضي الله عنه- يا سبحان الله! رجل من أهل الجنة لا تجوز شهادته؟، أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الحسَنُ والحُسَيْنُ سيِّدا شَبابِ أَهْلِ الجنَّةِ"، إلّا أنّ القاضي شريح أصرّ على موقفه بأنّه لا تجوز شهادة الولد لأبيه، عندها التفت عليّ إلى اليهودي وقال له: خذها؛ لأنّه لا يملك شاهدين غيرهما، فتعجب اليهودي من الموقف.
- وقال لعليّ: أشهد أنّها درعك يا أمير المؤمنين، ثم قال مُتعجبًا: أميرُ المؤمنين يقاضيني أمام قاضيه، وقاضيه يقضي لي عليه!، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فأسلم اليهودي لِما رأى من العدل في القضاء، فكان موقف شريح وقضاؤه بالحقّ وقَبول أمير المؤمنين وخضوعه لحكم القاضي دون اعتراض سببًا في دخول اليهودي الإسلام.
درجة صحة قصة علي بن أبي طالب مع اليهودي
لقد وردت هذه القصة في العديد من المراجع المختلفة، واختلفت الروايات في دين الرجل الذي سرق درع أمير المؤمنين، فبعضها ذكر أنه يهودي، وبعضها ذكر أنه نصراني، والحقيقة أن هذه القصة لم تصح روايتها، حيث أن إسنادها ضعيف، كما صرَح بذلك علماء الحديث، ومما يقوي القول بضعفها هو ما جاء في نص القصة في بعض الروايات من رفعِ كلامٍ للنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يثبت عنه ويخالف ما جاء به، كعدم مصافحة أهل الكتاب وعدم زيارة مرضاهم، وغير ذلك مما لم يأمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- بل أمر بعكسه، هذا ولا يُستبعد ما ذُكر في القصة من العدل والإنصاف الذي كان يعيشه الناس في زمن الخلفاء الراشدين ، فالتاريخ الإسلامي مليء بقصص مماثلة تبين نزاهة القضاء الإسلامي واستقلاله وعدم تمييزه بين المسلم وغير المسلم في الحقوق.
عدل القضاء في الإسلام
كانت المبادئ العامّة للقضاء في حياة النّبي -صلى الله عليه وسلم- ومن جاء بعده من الخلفاء والتابعين في غاية الإنصاف والعدل والارتقاء؛ فقد أمر الشّرع القاضي المسلم بأن يكون قضاؤه موافقًا ل لأحكام الشرعية ، بعيدًا عن الهوى والظلم، دون النظر إلى مكانة المحكوم عليهم، وقد أمر الله -تعالى- بذلك في كتابه، فقال مخاطبًا نبيّه - عليه الصّلاة والسّلام-: {وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ}.