تعريف الخطبة لغة
تعريف الخطبة لغة
الخُطبة بضمِّ الخاء تعني في الُّلغة: "ما يقوله الخطيب على المنبر من الكلام المنثور المُسجَّع"؛ فيُقال: خَطبَ على المنبر خُطبةً؛ ويُقال خطابة، وهي مشتقَّةٌ من المخاطبة، وقال بعضهم مشتقَّةٌ من الخَطب؛ وهو الأمر العظيم الجَليل، فقد كانت الخُطبة تُقام في الأمر العظيم لذلك سمِّيت بذلك؛ وجمعها خُطَبٌ، أمَّا الخِطبة بكسر الخاء؛ فهي طلب المرأة للنكاح.
أنواع الخطبة
تتعد أنواع الخُطب بتنوُّع موضوعاتها؛ مثل خُطب النِّكاح، وخُطب الصُّلح، وخُطب المدائح، وخُطب المناسبات الاجتماعيَّة، وسنذكر فيما يأتي أشهر أنواع الخُطب:
- الخُطب الدينية الوعظية على المنبر
تظهر مثل هذه الخُطب أسبوعيَّاً من خلال خُطب الجمعة ؛ وتتغيَّر موضوعات هذه الخطب بحسب حاجة النَّاس، وتغيُّر ظروف الحياة، ومستلزمات التَّذكير بأمورٍ مهمةٍ لا بدَّ من معرفتها، وتختلف من زمنٍ إلى زمنٍ آخر.
وتتحدث بعض الخُطب عن تثبيت العقيدة في قلوب المؤمنين وتقوية إيمانهم، وبعضها عن الدَّعوة إلى الدِّين الحقِّ، وبعضها عن الوعظ والإصلاح ببيان المنكرات والنهي عنها، وبعض الخُطب تتضمَّن الحديث عن مسألة مخصصة في الشَّريعة الإسلاميَّة؛ كالصَّلاة، والصِّيام، وحقِّ الوالدين، وحقِّ الجار، والنهي عن السَّرقة، والنَّهي الزِّنا، وغيرها من الموضوعات التي تهدف للتعليم والإرشاد والتَّذكير والوعظ.
- الخُطب النيابية
تتضمَّن هذه الخُطب النِّقاش، والجدال، وطرح الأسئلة، وطرح استجواب لمعرفة المؤيِّد والمُعارض لفكرةٍ معيَّنةٍ، وتُعقد هذه الخُطب في أماكن مخصصة للشورى والنيابة.
- الخُطب الانتخابية
تتضمَّّن هذه الخُطب دعوة النَّاس لتأييد وتزكية برنامج انتخابي معيَّن، أو تأييد حزب مُعين بما يحتوي من أفكارٍ ومبادئ، تتضمَّن الخُطب الانتخابيَّة أيضاً الردّ على المعارضين لتلك الأفكار والمبادئ.
- الخُطب الثقافية
تتضمَّن هذه الخُطب مجالاً واسعاً؛ فكلُّ ما يُعرض من الخُطب في الأندية الثقافيَّة، والأنشطة العلميَّة، والجامعات، والمدارس؛ تكون خُطب ثقافية، فهي تحمل طابعاً ثقافيَّاً، واجتماعيَّاً، وأدبيَّاً، بعيداً عن السياسة والوعظ والإرشاد.
- الخُطب القضائية
يتم طرح مثل هذه الخُطب في أبنية القضاء والمحاكم، حيث يقوم المُدعي بطرح ادّعائه وإثباته، ويقوم المحامي برد هذه الادعائات بشكلٍ خطابيٍّ متقنٍ.
- الخُطب العسكرية
هي الخُطب التي يتولى إلقاءها قائد الجند؛ لبثِّ روح القتال والحماس في نفوس زملائه وجنوده، ويُبين فيها خطة القتال، وأهميَّة ما يقومون به في مواقعهم بأسلوبٍ حماسيٍّ مُتقنٍ.
عناصر الخطبة
يجب توفر عدّة عناصر في الخُطبة؛ لكي تكون مكتملة ومتقنة؛ سنذكرها فيما يأتي:
- المقدمة وعنوان المقال
تُعدُّ المقدِّمة تمهيداً مهمَّاً للفكرة الأساسيَّة في الخُطبة ؛ يلفت بها الخطيب أُذن المستمع واهتمامه، فيُوضح الخطيب من خلالها أهميَّة موضوع الخُطبة وعنوانها، ويُشترط في المقدمة عدَّة شروطٍ لتكون متكاملةً، وهي أن تتضمَّن تمهيداً لموضوع الخُطبة نفسه دون غيره من الموضوعات، وأن تتصف بالوضوح والبساطة حتى يتمكَّن الخطيب من الوصول إلى عقول المستمعين، وأن يستخدم الخطيب أسلوب التَّشويق لجذب انتباه السَّامعين.
- العرض
هو المادة العلميَّة لموضوع الخطبة؛ بحيث يلي المقدمة ويوضح الفكرة الأساسيَّة للموضوع بشكلٍ تفصيليٍّ واضحٍ، يستوفي جميع جوانب الموضوع، وتتمثَّل أهميَّة هذا العنصر من عناصر الخطبة بأنَّه العمود الأساسي الذي تستند عليه الخُطبة، ومهمة هذا الجزء عرض وتثبيت المعلومات، لظهور أثره فيما بعد على المستمعين.
ولابد من توفر عدَّة شروطٍ في العرض حتى يكون مُصاغاً بشكلٍ متقنٍ، ومنها أن يتضمَّن وحدةً موضوعيَّة؛ تتمثَّل بعرض فكرةٍ واحدةٍ بشكلٍ تفصيليٍّ، وتحليلها تحليلاً دقيقاً، وتأكيد وتثبيت كل ما تحتويه من معلومات، وأن يتضمَّن تدرجاً بالأفكار؛ فيبدأ الخطيب بعرض الفكرة السَّهلة متدرجاً نحو القمة حيث نبرة الصَّوت العالية وانفعاله القوي، ويجب أن يكون العرض واضحاً في سرد ما يحتويه من معلوماتٍ، بعيداً عن التَّعقيد الذي يُبعد السامع.
- الخاتمة
تحتوي الخاتمة على الخلاصة والنَّتيجة التي توصّل لها الخطيب أثناء طرحه لموضوع الخطبة، وتتضح أهميَّة الخاتمة بأنَّها الأثر الأخير الباقي في ذهن ونفس المستمع، فتبقى الكلمات الأخيرة عالقةً في أذهان المستمعين، ومخاطبةً لمشاعرهم وعواطفهم، وعلى الخطيب التحري والحذر في خاتمة الخطبة؛ فإن كان وقعها حسناً في نفوس المستمعين انعكس ذلك على موضوع الخطبة بشكلٍ حسنٍ، وإن كان سيئاً؛ انعكس سلباً على كلِّ موضوع الخُطبة.
وعلى الخطيب اختيار الكلمات المناسبة في خاتمة الخُطبة؛ حيث جمال التَّعبير، وانسجام الكلمات، والحكمة، والإتقان، وقد تتضمَّن الخاتمة ملخَّص لأهمِّ ما جاء في الخُطبة من معلوماتٍ بشكلٍ مختصرٍ، ومتقنٍ، دون تكرارٍ للمعلومات، أو أن يستخدم الخطيب الخاتمة لجذب السَّامعين لرأيه، وقد تتضمَّن الأمرين معاً، بهدف الإقناع واستمالة نفوس ومشاعر المستمعين للعمل بما جاء في الخُطبة.
صفات الخطيب
الخطابة مهمةٌ عظيمةٌ جليلةٌ، ومنصبٌ ذو قيمةٍ وأهميَّةٍ، فعلى الخطيب أن يكون صائب الرأي، مُرشداً ومُعلماً للخير والصَّلاح بحسن أدائه وقوة علمه واتِّصافه بصفاتٍ عديدةٍ؛ نذكر بعضها فيما يأتي:
- العلم والفهم الصَّحيح للقرآن الكريم، والسُّنة النَّبويَّة الشَّريفة، وأقوال السَّلَف، وإعمال الشَّواهد من القرآن الكريم، والسُّنَّة النَّبويَّة، والأمثال والقصص بشكلٍ صحيحٍ يناسب موضوع الخُطبة.
- الإلمام بأحوال النَّاس من حوله، ومراعاة أحوال السَّامعين بتفاوت القدرات العلميَّة، فالمستمعين منهم العالِم، ومنهم غير العالِم الذي يحتاج إلى لغةٍ سهلةٍ ميسَّرةٍ لفهم المقصود وتطبيقه.
- الفصاحة، والاستعداد الفطري الذي يؤهل الخطيب لصعود المنبر وإلقاء الخطبة بكلِّ مهارةٍ وقوَّةٍ.
- العقل الراجح السليم؛ بحيث يساعد الخطيب على جمع الملاحظات بشكلٍ دقيقٍ، والمقارنة، والاستنتاج؛ لصياغة خطبةٍ متكاملةٍ ومؤثرةٍ في نفوس المستمعين.
- الإخلاص في عمله؛ بحيث يكون مسؤولاً أمام نفسه على قول الحقِّ والدَّعوة إليه، بعيداً عن الأقوال السَّيئة، والألفاظ البذيئة.
- الابتعاد عن صفة التَّكبُّر والعُجب.
- الاتصاف بالتَّقوى والصَّلاح والاستقامة على طريق الخير.
- الاتصاف بمكارم الأخلاق؛ كاللين والحكمة والعطف والرحمة والصبر.
- الثقة بكلِّ ما يقوله من أفكارٍ ومبادئ.
- الجرأة في مواجهة أفكار المستمعين، والشَّجاعة بالرِّدِّ عليهم بالحقِّ.
- القدوة الحسنة داخل وخارج المسجد.
- التحلِّي بحسن المظهر واللباس واتِّزان حركاته ومواقفه.