تعريف الخط
تعريف الخط العربي
الخط العربي؛ هو عمل وتشكيل الكتابة في جميع الّلغات التي تستخدم الأحرف العربية، ولقد عُرَّف الخطّ أيضاً بأنّه رسومٌ وأشكال حرفيّة تدلّ على الكلمات المسموعة الدالّة على ما في النّفس الإنسانيّة من معانٍ ومشاعر، وليس هناك تشريفٌ أرفع لعلم الخطِّ من إضافة الله سبحانه تعليم الخطِّ لنفسه وامتنانه بذلك على عباده.
قال صاحب كتاب زاد المسافر: الخط لليد لسان، وللخَلَد ترجمان، فرداءته زمانة الأدب، وجودته تبلغ شرائف الرّتب، وفيه المرافق العظام التي منّ الله بها على عباده، فقال جلّ ثناؤه: "وربّك الأكرم، الذي علَّم بالقلم، علَّم الإنسان ما لم يعلم".
أول من خطّ الخطّ العربيّ
يُعتبر سيّدنا إسماعيل عليه السلام أوّل من خَطَّ الخطَّ العربي ـ كما قال ابن عباس ـ وزاد أنّه كان موصولاً حتّى فرّق بينه ولده، وقيل: مَرامر بن مرَّة، وأسلم بن جَدْرة، وهما من أهل الأنبار، وقيل: أوّل من كتب بالعربيّة حرب بن أميّة بن عبد شمس، تعلَّم من أهل الحيرة، وتعلَّم أهل الحيرة من أهل الأنبار.
يقول ابن دريد في أمالية: عن عوانة قال: أوّل من كتب بخطِّنا هذا وهو الجزم مَرامر بن مرَّة، وأسلم بن جَدْرة الطائيان، ثم علَّموه أهل الأنبار، فتعلَّمه بشر بن عبد الملك أخو أكيدر بن عبد الملك الكندي صاحب دومة الجندل، وخرج إلى مكّة فتزوّج الصهباء بنت حرب بن أميّة أخت أبي سفيان، فعلَّم جماعةً من أهل مكة، فلذلك كَثُرَ من يكتب بمكّة.
يقول رجلٌ من كندة يمنّ على قريش بتعليم بِشْرٍ لهم: لا تجحدوا نعماء بِشْرٍ عليكـمُ فقد كان ميمـون النّقيبة أزهراً أتاكم بخطّ الجزم حتى حفظتموا من المال ما قد كان شتّىً مبعثراً.
نشأة الخط العربي وتطوره
كانت اللغة العربيّة تختلف بين قبيلة وأخرى، وبمجيء الإسلام توحّدت هذه اللّهجات؛ لأنّ القرآن الكريم نزل على لهجة قريش، ويرى المؤرّخون أنّ الخطوط المتداولة في فجر الإسلام كانت خطوط الحيري، والأنباري الملكي، والمدني، والكوفي، وكذلك البصري، ولا يُعرف عن أشكال هذه الخطوط إلّا اليسير.
كان للإسلام ارتباط وثيق باللّغة العربيّة، فأدى نسخ القرآن الكريم بالخطّ العربيّ إلى انتشاره في العالم الإسلاميّ، وعندما بنى النّبي محمّد -صلى الله عليه وسلم- مسجدًا في المدينة كلّف عددًا من الصّحابة بتعلمه، وهكذا تتابع تطوّر الخط العربيّ إلى يومنا هذا.
تشعّبت الكثير من الآراء حول نشأة الكتابة العربية وتطوّرها ، فقد يُطوّر أحدهم الكتابة فينال عمله إعجاب النّاس، فيأخذون به دون التّفكير بتأريخ حركة تطوّره كالخط المصري القديم، فقد كانت الكتابة الهيروغليفية هي أصل الكتابة كلّها.
أنواع الخط العربي
من أنواع الخط العربي ما يأتي:
- الخطّ الكوفي
ظهر هذا الخط في الكوفة من قبائل اليمن، والكوفي هو الخط الّذي يميل إلى التّربيع والهندسة.
- الخط الموزون
ظهر هذا الخطّ في الشام بعد تعريب الدواوين في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان .
- الخط المنسوب
وهو الخطّ الموزون، له نسبٌ قياسيّة خاصّة، وعدد أقلامها 24. وتمّ تشكيل 6 أنواع من الخطوط هي: الثلث، والرّيحان، والتّوقيع، والمحقَّق، والبديع، والرّقاع على يد الوزير أبي علي محمّد بن مُقْلة، ثم أخوه أبي عبد الله الحسن.
- خط الرّقعة
هو خط عربي ليس بالصعب، يتميز بجماله وقوته في وقت واحد والسرعة عند كتابته، وهو منشر في جميع الدول العربية و استخدامته قليلة لكن كثيرة في الآيات القرآنية.
- خطّ النّسخ
أوجد أساسيّاته الوزير ابن مقلة، سمّي بالنّسخ لأنّه يستخدم كثيراً في نسخ الوثائق والكتب ونقل ما تحويه؛ لسهولة رسمه، ولوضوح أحرفه وكبرها، ولجمال منظرها.
- خطّ الثّلث
يمتاز هذا الخط بالمرونة، وبتشكّل أنواع وأشكال الحروف فيه، ويمكن كتابة جملة واحدة عدّة مرّات بأشكالٍ مختلفة، ويقلّ هذا النّوع في القرآن، ويُستخدم في كتابة العناوين، ويُعدّ رسم هذا الخطّ صعباً.
- الخطّ الفارسي
ومن صفات هذا الخطّ الزخرفة الموجودة فيه، والليونة، والرّشاقة، والأحرف الدائريّة، والانحناءات، والالتفافات.
- الخطّ الديواني
وهو الخطّ الرّسمي في كتابة الدّواوين ، ويكتب هذا الخطّ على سطرٍ واحدٍ بمرونة عالية.
مميزات الخط العربي
يتميّز الخط العربيّ بالعديد من المزايا، ومنها ما يأتي:
- الطواعية الشّديدة
إذ تُمكّن الخطاط من عمل تراكيب وأشكال مختلفة حتى للكلمة الواحدة، أو الجملة الواحدة.
- الارتفاعات والاستدارات
فله قدرة على الإطالة والتّمطيط.
- السّمة الزّخرفية لجميع الحروف العربية
خاصةً الألفات التي تتوارى وتتوزع بأوضاع مختلفة.
- بناؤه الفريد
فهو مبني على أصل هندسيّ ورياضيّ ثابت.
- صفته الاختزالية
فالحرف الواحد له شكل متصل، إضافةً إلى إمكان تراكب الحروف بعضها فوق بعض، ممّا يُساعد على استخدام مسافات قصيرة لكلمات وحروف كثيرة، وهذا ما لا نجده في لغات الأمم الأخرى.
- الصّفات الزّخرفية والشّكلية الخاصّة
فتتوارى الألفات وتُوزّع بأوضاع معيّنة، وكذلك باقي أنواع الحروف، ممّا يُعطي نوعًا من الشّكل الزّخرفيّ.
المظاهر الحضارية للخط العربي
يرجع الفضل إلى الخليفة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- في جمع المصحف الشريف من صدور الحفظة بعد استشهاد عدد كبير منهم في معركة اليمامة ، واستجابة لاقتراح من عمر بن الخطاب في كتابته، إذ تردّد أبو بكر الصديق في البداية خشية أن يفعل شيئًا لم يفعله رسول الله -عليه السلام- وبعد فترة شرح الله صدره لما اقترحه عمر فكلّف زيد بن ثابت بتدوينه.
بعدها جُمع القرآن كاملًا في عهد الخليفة عثمان -رضي الله عنه- وبدأت تتطوّر عمليّة كتابة المصحف الشّريف، فجوّد فيها الخطاطون أيّما تجويد، ويُعدّ الخط العربي أهمّ العناصر الزّخرفية في الفنون الإسلاميّة ؛ لكراهيّة الإسلام للصور الآدميّة، والحيوانيّة؛ خشية مضاهاة خلق الله، ورغبةً في ملء أسطح المواد، وقد تعاون الخطاطون مع الفنانين في إخراج أعمال فنيّة وتحف ثمينة تداخل فيها الخط بالزّخرفة، فكانت المعايشة بينهما سببًا في تطوّر الفنّين معًا.
ملخّص
لا يشكّل الخطُّ العربي أداةً لتجسيد اللغة الحاملة للخصائص الحضاريّة والتاريخيّة والثقافيّة للأمّة العربيّة فحسب بل يحمل هذا الخطُّ أقدس رسالة خُصِّ بها العرب إلى جميع بني البشر في كلّ زمانٍ ومكان، وهي القرآن الكريم، وبهذا المعنى أضحى الخطُّ العربيّ يتمتّع بميّزة مقدَّسة لم تتوفّر لغيره من الخطوط لكلّ اللغات المتعارف عليها في العالم اليوم. ولهذا الغرض اجتهد العرب وجهدوا ليمنحوا الأحرف العربيّة المكانة الأعلى، والمنزلة الأرفع الّتي منحها القرآن الكريم للغتهم السّامية.