تعبير عن مهنة المهندس
المقدمة: الهندسة علم وجمال
عرفت الهندسة منذ القدم ، فقد امتاز النّاس قديمًا على بعضهم من خلال الأبنية التي شيدوها، حتّى إنّ أحد الأقوام البائدة التي ذكرها الله في القرآن الكريم وذكر شدّتها وقوتها تحدث فيها الله تعالى في علم الهندسة وفن العمارة الذي برعوا فيه فقال الله تعالى في وصفهم: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ}، فاستخدموا الهندسة في تسطير الجمال إذ ينحت من الجبل نفسه بيتًا جميلًا رائعًا ليس له نظير، فاختصّت الهندسة بالجمال من بين الفروع العلمية كافّة؛ لا يصلح المرء أن يكون مهندسًا إلا إذا امتاز بذوق فني لا نظير له ولا مثيل، فالمهندس هو الإنسان الذي يصنع شيئًا من لا شيء.
العرض: أنواع الهندسة وأهميتها
للهندسة أنواع متعددة ، تشعبت تبعًا لفائدة كل نوع من تلك الأنواع ودورها في خدمة البشرية عامّة، و تعد الهندسة المدنية أول أنواع الهندسة ، والتي يختص بها جزء كبير من النّاس نظرًا إلى تفرعاتها العديدة، تنضوي تحتها مجموعة من الاختصاصات مثل: هندسة المساحات التي تهتم بدراسة المساحة الخاصة لأي مشروع من المشاريع ومعرفة إن كانت تلك المساحة مناسبة لذاك المشروع المرتقب عليها أم لا، ووضع المخططات وفقًا لذلك، وتقسيم المكان إلى مجموعة من الرقع التي تساعد في تحديد المساحة على وجه الدقة.
وتندرج تحت الهندسة المدنية هندسة المياه، التي يُستفاد منها في معرفة منسوب المياه الجوفية في مكان ما من الأماكن ومعرفة كيفية الاستفادة من تلك المياه واستغلالها في المشاريع الصغيرة أو حتى الكبيرة، ومعرفة كيفية توصيلها إلى الشقق السكنية وغيرها مما يتعلّق بذلك المجال من صلة، أمّا النوع الثاني من أنواع الهندسة: فهي الهندسة الكهربائية فهي تُدرس تلك الهندسة من أجل معرفة كيفية توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة مثل: المياه والرياح، وقد أصبح لهذا النوع من أنواع الهندسة أهمية كبيرة بسبب احتياج معظم الدول إلى استخدام طاقات بديلة عن المحروقات تُولّد من خلالها الكهرباء، بخاصة مع تطور التكنولوجيا والحياة اليومية التي تفرض ذلك الأمر.
أمّا النوع الثالث من أنواع الهندسة: فهي الهندسة الميكانيكية التي تُعنى بتصميم الآلات التي يحتاجها الإنسان في مختلف المجالات اليومية سواء كبُرت تلك الآلات أو كانت صغيرة، ويُعد هذا المجال من أهم المجالات التي تُساهم في تطوير الصناعة في دولة ما أو حتى تطوير القطاعات الاقتصادية الأخرى، وقد عُنيت الدول المتقدمة بهذا الاختصاص كثيرًا فقد قام اقتصادها على ذلك النوع من الهندسة ودعمته بشتّى الطرق التي جعلت منه واحدًا من أهم الأفرع التي لا يستطيع أن يدخل إليها سوى من استؤنس فيه الإبداع في ذلك المجال، وقريب من تلك الهندسة هندسة الحاسوب والبرمجيات التي ساهمت في تطوير الذكاء الصناعي واختراع الكثير من الأمور التي تختص بخدمة الإنسان مثل الروبرت وغيره.
لم يعد الأمر كسابق عهده في مجالات البحر، فقد كان فيما مضى مجموعة من النّاس يعملون على بناء سفينة من السفن ويُحاولون جعلها مناسبة لخوض مياه البحر مصارعة الأمواج، لقد استطاعوا تسجيل النجاح في كثير من الأوقات وأخفقوا في أوقات أخرى؛ لأنّ بناءها لم يكن مراعيًا الظروف كافّة التي قد تعترض السفينة داخل البحر، لذلك فقد نشأ اختصاص الهندسة البحرية: التي تُعنى بتطوير السفن وتطوير الموانئ البحرية شيئًا فشيئًا من أجل ضمان حياة الناس وحماية الأفراد من أخطار البحار التي تحيط بهم يومًا بعد يوم.
مع تقدم العلم وتطور الصناعة شيئًا فشيئًا فقد نشأ اختصاص في الهندسة لم يكن معروفًا من قبل وهو اختصاص الهندسة النووية التي يعمل المهندسون فيه على توليد الطاقة الكهربائية، وذلك بالاعتماد على الطاقة النووية ويُعنى المهندسون في ذلك المجال بالتخلص من النفايات المشعة التي تؤدي إلى حصول كوارث ضخمة قد تودي بحياة البشر في كثير من الأحيان، ويُعدّ هذا الاختصاص مقتصرًا نوعًا ما على الدول المتقدمة التي تُعنى بالطاقة النووية أكثر من الدول النامية، واختراق الفضاء وتطوير المحركات من أجل ذلك هو مما يُعنى به مختصو هذا المجال.
لقد خلق الله هذه الأرض، واختصّ الناس فيها من أجل أن يعمروها ويسكنوا فيها، وعمران الأرض لا يُمكن أن يكون عشوائيًا إذ فطر الله الإنسان على التنظيم، ولا يُمكن إحصاء مساوئ الأبنية العشوائية التي يخيّم بعضها بعضًا فتقتل الشمس والهواء، فكانت الهندسة المعمارية خير منقذ للأرض من الأبنية غير المنظّمة، إذ يدرس مختصو هذه الهندسة تخطيط الأبنية وتقسيمها وكيفية بنائها وما المواد التي يجب أن تٌستخدم فيها ليكمل مهندس الديكور ما بدأه المهندس المعماري من حيث التخطيط في ترتيب الأجزاء التي قسمها المهندس المعماري، فيبدأ بوضع لمسته الفنية التي توحي أنّ هذا الجمال ليس نابعًا من هواية حسب، بل هو قائم على دراسة سنوات عديدة.
ولمّا كان الإنسان هو الجزء المهم على وجه هذه الأرض؛ فإنّه لا بدّ من الاهتمام فيه وإيجاد هندسة خاصة به بالمشاركة مع الطب المسؤول على المحافظة على حياته، إذ كانت الهندسة الطبية نتيجة لتطور التكنولوجيا التي تخدم الإنسان طبيًا، إذ يُعنى ذلك الفرع بالاهتمام بالأجهزة الطبية مثل: أجهزة قياس نبضات القلب وأجهزة الإنعاش وغيرها مما يعمل الطبيب عليه من الأدوات، وتعد هذه الأجهزة، هي الجزء الأهم في العمليات التي يجريها الأطباء والتي تضمن سير العملية بنجاح.
الخاتمة: الهندسة والعالم الحديث
قيل: إنّ العلماء يدرسون العالم كما هو على وجه الحقيقة، والمهندسون يخلقون عالمًا جديدًا للدراسة، وهو ما يحصل فعلًا في كل يوم فالنّاظر للأرض في المئة عام الدارجة يدرك أنّ الأرض قد تغير وجهها تغيرًا عظيمًا عن المئة عام الماضية، وكلّ ذلك يصّب في مصلحة الإنسان على غالب الأحيان، إذ يعيش في عالمٍ متجدد خالٍ من الرتابة، وفضل ذلك كلّه يعود إلى الهندسة التي تُعنى ببناء كل شيء: بناء الإنسان والأرض والجماد والنبات، كل ذلك بيد المهندس بعد الله الذي صبّ العلم في الأرض من أجل خدمة العالمين.