تعبير عن حقوق الطفل
المقدمة: طفولة سويّة شباب منتج
إن الزيادة في جيل الشباب المنتجين يعني أنّ طفولتهم كانت سوية وخالية من المشاكل النفسية والتربوية، إذ إنّ مرحلة الطفولة لدى الإنسان تلعبُ دورًا مهمًا في حياته إلى أن يصبح كهلًا، وبديهيّ أن الطفل يولد صفحةً بيضاء خالية من أي لمسات، ويبدأ الأبوان والظروف المحيطة بالطفل بملء تلك الصفحات كلٌ بحسب عاداته ومعتقداته، يا لبؤس ذلك الطفل الذي يولد لأُسرة يحيطها الجهل ولم تتلق أي درجة تعليمية أو حتى دروسًا في التربية، ونتيجة لذلك نرى أن ذلك الطفل سينشأ نشأةً غير سوية وقد يتعرض إلى المشكلات العديدة في حياته القادمة، مقارنةً بطفل يولد في عائلة مثقفة متعلمة نوعًا ما أو لديها أدنى فكرة في تربية النشء على أقل تقدير، ومن أجل ذلك فإنهم يعيشون عيشةً سوية ويتلقون تعليمًا جيدًا مما يجعلهم ينالون حقهم في التعليم والتربية السليمة.
العرض: طفولة آمنة أطفال مبدعون
إنّ للطفل حقا في الرعاية الصحية والجسدية والنفسية، لذلك ينبغي توفير فُرص العيش ضمن بيئةٍ آمنة كي يُخلق لدينا أطفالٌ مبدعون، لما لتلك الصفة -أي صفة الإبداع- من أهمية في تطوير المجتمعات، قد تشعر متعجّبا من هذا الكلام ولكن ما لا تعلمه أنّ الاهتمام بالنشء له أهمية كبرى؛ فالأطفال هم أساس المجتمعات الناجحة، لذا نرى أن تطور المجتمع وتطلّعه للمعالي يعتمد على ركيزة واحدة أساسيّة هي البدء بالتربية منذ الصغر.
في كثيرٍ من الأحيان قد ترى في بعض الجماعات والأسر أو الدول المتقدمة اقتصاديًا وعلميًا وثقافيًا نماذج من أطفال مبدعين، يقومون بمهام تفوق أعمارهم أو يتكلمون لغات عدّة قد يحتاج طالب العلم إلى سنين عديدة ليتعلم نصفها، أو نجدُ أطفالًا مخترعين يخترعون أدوات ومعدات غاية في الدقة والإبداع، أو يتعلمون جداول الضرب في سن مبكرة ويقومون بعمليات حسابية معقدة وطويلة تحتاج إلى حاسبات رياضية متقدمة لحلها، ولو بحثت طويلًا في أصل نشأتهم فستجد أنّ الأبوين مثقفان أو قد وصلا مراحل تعليمية متقدمة أو أنهم يلتزمون بالمبادئ والقيم الأصيلة التي ورثوها عن آبائهم بالفطرة السليمة.
ولا يمكن القول أنّ هذه القدرات الإبداعية مرتبطة فقط بالدول المتقدمة أو أنه لا يوجد حالات عنف وإساءة للأطفال، فقد تجد لديهم العديد من المشكلات الاجتماعية التي قد تعرض حياة وصحة أطفالهم للخطر، كالإهمال والتعنيف، وقد نجد أيضًا الكثير من النماذج المبهرة لأطفال من ذوي الطبقة الفقيرة لديهم من الإبداع ما يبني حضارات بأكملها، ولكن من الصعب أن تجد لها داعمًا ومعينًا من الناحية المادية والنفسية، فينشأ الطفل وذويه منشغلين بهموم أخرى مثل إتمام الدراسة وتأمين لقمة العيش، لذلك من الضروري توفر أساسيات تساهم ولو بالقليل في دعم تلك الفئة.
وقد تجد عددًا لا بأس به من الأطفال الذين يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة اللائقة، فلا مدارس تضمّهم ولا كلمات حب ترويهم فالأهل منشغلون في تأمين لقمة العيش ولا وقت للأطفال ولا لتربيتهم إلا من رَحمَ ربي، إضافة لذلك فإنّ العديد من الأطفال يعملون في سنٍ مبكرة لتأمين لقمة العيش لوالديهم وإخوتهم، فقد يضطر كثيرٌ من الآباء إلى إقصاء أبنائهم عن المدرسة والدراسة، حتى إنهم يذهبون إلى العمل بملابس بالية وأحذية مهترئة وفي ذلك دليل على عدم كفاية تلك الأموال المقدمة نظير قيامهم ببعض الأعمال، مع أشخاص قد لا يكونون في غالب الأمر مؤتمنين على طفولتهم البريئة، أو يقومون بأعمال خطرة للغاية لا تناسب سنهم الصغيرة فتتعرض حياتهم للخطر ممّا يحرم حق الطفل في الحياة.
أذكر أنني سمعت ذات يوم بطفل صغير اضطرت والدته لإخراجه من المدرسة ليعاونها بالإنفاق على المنزل، بسبب ترك والده العمل لمرضٍ عُضال ألم به، الأم تعمل ولكن ما تجنيه من أعمال لا يكفي ثمن دواء للوالد لذا فإن ابنها بدأ يعمل من أجل مساعدة أمه بالنفقات، تعرض الطفل لشتى أنواع التعنيف والضرب والمعاملة السيئة كما تعرض للتهديد إن باح بما يجري، وحدث ذات يوم أن أحس الولد بالإعياء الشديد والمرض وارتفعت درجة حرارته إلى حد بعيد وظل يهذي طوال الليل ويتفوه بعبارات تنمُّ عن تعرضه للأذى، وبعد ليلة قاحلة ومليئة بالخوف عانت منها الوالدة أيقنت تمامًا أن طفلها يتعرض لشيء ما.
أفاق الطفل المسكين وسألته أمه وأصرت عليه أن يخبرها بشأن ذلك الهذيان، أوجس في نفسه خيفة وصمت طويلًا ولكن الأم طمأنته وهدأت من روعه وأخبرته أن لا يخاف فلن يمسه سوء بعد اليوم، وبعدما اطمأن الطفل لكلام أمه أخبرها بكل ما كان يجري له وأخبرها بتهديد أرباب العمل له، ضاقت أمه ذِرعًا بما سمعت وشعرت أن الدنيا أطبقت عليها، كما شعرت بالندم الشديد لإرساله للعمل فلا شيء يساوي سلامة طفلها، سألها الطفل عما ستفعله فأجابته والغيظ يهيمن عليها أنها ستحتسب أمرها لله فهي تعلم أن أرباب العمل لا رحمة عندهم وأنهم قادرون على سحقها هي وابنها، فأرسلت خبرًا لهم أنها لا تريد إرسال ابنها للعمل بسبب عودته للمدرسة وأخبرتهم أيضًا أنها لا تريد ما تبقى له من مال عندهم.
إنّ حماية الطفل من الأخطار وأشكال الاستغلال كافّة ضرورة اجتماعية ودينية وثقافية، فقد يتعرض الكثير من الأطفال للعنف والإهمال والتحرش من الآخرين، والطامة الكبرى أن يكون ذلك الخطر قادمًا من شخص قريب مثل أحد الأبوين أو الإخوة أو الأعمام أو الأخوال أو الجد أو أي شخص يتولى أمر رعاية ذلك الطفل، كثيرًا ما نسمع عن أطفال تعرضوا للأذى وكان لذلك الأذى بعدًا نفسيًا شديد الأثر، ليس فقط في مراحل طفولتهم الأولى وإنما قد يمتد ويرافقهم حتى مرحلة الشباب والكهولة وقد يصبح هؤلاء الأطفال عندما يكبرون متسلّطين بدورهم يمارسون على أطفالهم ما كان يُمارَسُ عليهم من أشكال الأذى كافّة .
الخاتمة: طفل سليم يعني مجتمعًا ناجحًا
خلاصة القول إنّ الأطفال السليمين سينتجون مجتمعًا ناجحًا قويًا خاليًا من الآفات الاجتماعية التي قد تنتج بسبب شباب لا أمل ولا مستقبل لهم، فالأطفال المبدعون هُم نتاج الحب والاهتمام والرعاية والسلامة النفسية والجسدية، لذلك ينبغي تربيتهم التربية النفسية السليمة والتربية الدينية الصالحة وحمايتهم من التعرض للأذى بشتى أشكاله سيّما الضرب والقهر والاعتداءات الجسدية.
عزيزي الأب عزيزتي الأم والمربين الأفاضل لنعمل معًا لتنشئة أطفال سليمين وبناء مجتمع ناجح من كلّ الجوانب، ولا عيب في الدراسة أو استشارة الآخرين من أجل معرفة أساليب التربية السليمة، أو الانضمام لبعض الدورات التعليمية وما أكثرها هذه الأيام! فباستطاعة أي شخص الدخول للمواقع المخصصة واختيار أي برنامج تعليمي أو محاضرات مسجلة لأطباء نفسيين وتربويين ذوي خبرة، وما أكثر ما يجد الباحث على الشبكة العنكبوتية في أي مجال يشاء!.
استلهم بعض الأفكار التي تساعدك على كتابة موضوع تعبير عن حقوق الطفل من هذا المقال: ما هي أهم حقوق الطفل.