تعبير عن الفقر
ما معنى الفقر؟
الفقر في اللغة هو العوز والحاجة، وهو ضد الغنى، أما في الاصطلاح فهو عدم امتلاك الإنسان للمقومات الأساسية التي تمكنه من العيش عيشة كريمة، أو عدم امتلاكه للمال الذي يساعده في تأمين مستلزمات الحياة ومتطلباتها، مثل: اللباس والطعام والتعليم والمأوى.
الفقر مشكلة اجتماعية تُعاني منها معظم المجتمعات في طبقات معينة من أفرادها، والمعيار الذي يمكن من خلاله قياس مستوى الفقر يرتبط بطبيعة كل مجتمع ومقومات الحياة الموجودة فيه، فإذا ما نُظر إلى الفقر من مُنطلق تأمين الأحتياجات الأساسية للبقاء، فإن هذا سيؤدي إلى أن يكون الفقراء في المجتمع هم فقط الذين سينتهي بهم المطاف بالموت جوعًا، أما إذا كان الفقر هو المرتبط بالمستوى المعيشي للأفراد في المجتمع فهذا يعني أنه سيتسع ليشمل كل شخص غير قادر على تأمين الملبس والمأوى والطعام؛ أي وضعه المعيشي لا يتناسب مع وضع الحياة السائد في المجتمع.
ممّا يجدر ذكره أن أغلب المجتمعات تعتمد المعيار الثاني في إطلاق مصطلح الفقر على بعض الطبقات الاجتماعية، إذ إن الطعام وحده لا يكفي دون وجود مأوى وملابس تناسب الإنسان، وهذا التحديد الدقيق يساعد على معرفة متى يُطلق على فئة معينة أنها فئة فقيرة، ويساعدها على إيجاد حلول للارتقاء بمستوى معيشتها والتخلص من الفقر ومتاعبه ومساوئه، فليست القضية تتعلق فقط بتحديد الطبقات الفقيرة بالمجتمع، بل لا بد من حلول واقتراحات تنهض بالمجتمع وأفراده وتبعدهم عن الفقر والحاجة للآخرين.
كثيرة هي الآفات الاجتماعية التي ستكون نتيجة للفقر مثل: تفشي ظاهرة التسول في المجتمع ، بالإضافة إلى زيادة جرائم السرقة، وأحيانًا تصل إلى جرائم كبيرة تودي بحياة الإنسان وعائلته، ولهذا من المهم أن يكون المجتمع بأفراده ومؤسساته على قدر من الوعي بهذه المشكلة الاجتماعية، ويسعى حثيثًا للقضاء عليها، والتخلص من تبعاتها التي ستعود بالضرر والأذى على الفرد أولًا وعلى المجتمع ثانيًا، ولا بدمن إعادة توزيع الثروة بين الناس، وبذلك يمكن تحقيق العدل في المجتمع فيعم الأمن والاستقرار في كل مكان، وينام الإنسان قرير العين هادئ البال.
ما أسباب الفقر برأيك؟
الفقر هو ذلك الليل المظلم الحالك السرمدي في حياة الفقير، لا يفتأ ينكأ جراحه في كل يوم، يبعده عن كل الطموحات والأحلام، ويجعل كل تفكيره منصبًا على كيفية تأمين مستلزماته دون أن يطلب مساعدة أحد، أو يمد يده إلى أحد، هو بؤس وشقاء ومشقة ومكابدة لصعوبات حياة ومتاعب أعمال ومواجهة لكل مستبد ومستغِلّ، فهذه الأمور السلبية كلها لا بد أن يكون وراءها أسباب عدة، ويمكنني القول إنّ للفقر أسباب تتعلق بالإنسان نفسه، وأخرى تتعلق بالمجتمع المحيط.
أسباب الفقر التي تتعلق بالمجتمع أكثر منها بالفرد، إذ إن كثيرًا من الناس يُولد فقيرًا ويستمر بهذا الفقر طيلة حياته، وإن أبرز الأسباب المجتمعية ما يتعلق بالحروب والكوارث التي تحصل في بلدٍ من البلدان، وما ينتج عنها من تدهور اقتصادي وسياسي وعمراني، ويتبعه تراجع في مستوى المعيشة، وفقدان لمقومات الحياة الأساسية، وتهدّم البنية التحتية للبلدان. وتستغرق إعادة الإعمار والنهوض من جديد عقودًا طويلة، وخلال هذه المدة سينتشر الفقر وتزداد الطبقة الفقيرة في المجتمع.
ممّا يزيد نسبة الفقر في المجتمعات غياب التكافل فالغني يزداد غنًى والفقير يزداد فقرًا، وذلك لأن الطمع والجشع والاستغلال عند البشر يزداد ويتجذر أكثر، فيصير كلّ شيء مباحًا، والحجة في ذلك حاضرة، وهي أن الأوضاع الاقتصادية سيئة ولا بد من غلاء الأسعار وانخفاض أجر اليد العاملة، وتكون الطبقة الفقيرة من جهة أخرى في أشد الحاجة للمال فتسكت عن هذا الطمع والاستغلال وترضى بالنزر القليل منه، بدلًا من البطالة، وبالتالي فسيكون من الصعب زيادة الدخل الفردي وتحسين المستوى المعيشي.
الفقر لعنة تلحق صاحبها، وتودي به إلى الكثير من التعب والسعي الدؤوب وراء المال والرزق والكسب الذي يقيه ذل السؤال، ومنهم من يستكين ويصيبه الإحباط فلا يفكر حتى بتحسين حاله، ومعاناة الفقراء لا يمكن أن يشعر بها إلا من كابدها، ولا حل لهذه المشكلة الاجتماعية إلا بالتخلص من الأسباب التي أدت إليها وأوجدت تلك الطبقة المنهكة المتعبة.
هل يخلّف الفقر عواقب خطيرة؟
الفقر الذي يصيب الناس له أسبابه وله أيضًا نتائجه، ولكن كما يُقال: إذا عُرف السبب بطل العجب، ولا بد أن الفقر سيؤدي إلى الكثير من العواقب، وتتفاوت هذه العواقب بين الخطيرة والعادية، وبين ما فيها خطر على الفرد نفسه، وما فيها خطر يشمل المجتمع بأسره، وهذا سيزيد من ضرورة التنبه إلى هذه المشكلة ومحاولة حلها والتخلص منها.
من أبرز العواقب التي يُسبّبها الفقر في المجتمعات أن المشاكل ستزداد على الأصعدة كافة، فترتفع نسبة البطالة، ويبتعد الكثير من الأفراد عن الاهتمام بالتعليم، وينشغلون بتأمين لقمة العيش فتزداد الأمّيّة والجهل، إضافة إلى وجود بعض الأشخاص الذين يستغلون هذه الطبقة في أمور غير أخلاقية وإغرائها بالمال، فتنتشر الرذيلة والأخلاق السيئة في المجتمعات، وهذا سيؤدي حتمًا إلى تدهور المجتمع وتراجعه وغياب الأمان في أراضيه وبين أفراده.
على صعيد الأفراد أنفسهم، فإن كثيرًا من الفقراء سيعيشون حياة متوترة مضطربة تؤدي في معظم الأحيان إلى الأمراض النفسية والعصبية، فتزداد الأمور سوءًا، فبالإضافة إلى مشكلة الفقر هناك أيضا المرض والتعب، ولا مال بالطبع لعلاج هذه الأمراض، وقد يلجأ بعض الأشخاص الفقراء ممن ضَعُفَ يقينهم إلى الانتحار الذي يخالف مبادئ الدين وتعاليمه، وهذا سيروج لهذه الظاهرة في المجتمعات باعتبارها الحل الوحيد للتخلص من هذا الواقع المرير الذي يعيشه الفقراء، لكن ليس الانتحار هو الحل أو الأعمال غير الشرعية وغير الأخلاقية، بل ثمة حلول أكثر فاعلية تفيد الجميع لا بد من معرفتها.
إذا حضر الفقر واستشرى غاب الأمان وانتهى، فالفقير الذي يرى طفله جائعًا ويحتاج لباسًا قد يسرق وينهب ويسطو ويتناسى كل التعاليم الإسلامية والأخلاق والقيم المجتمعية، فالجوع يفعل هذا بأهله، وهي عاقبة خطيرة جدًا من عواقب الفقر، إذ إنها تعود بالضرر على الفرد وعلى الأسرة وعلى المجتمع، وهنا يأتي دور المنظمات والمؤسسات في نشر التوعية ومحاولة المساعدة في التخلص من آفة الفقر المتعبة والموجعة للجميع.
كما أن الفقر له عواقب خطيرة فإن التخلص منه وتحقيق العدالة المعيشية الاجتماعية سيكون له نتائج جيدة للفرد والمجتمع، وإذا أرادت المجتمعات التخلص من هذه العواقب الوخيمة للفقر، لا بد أن تقف عند أسباب هذه الآفات وتحلها وتقتلعها من جذورها.
كيف أتخلص من الفقر؟
كل إنسان فقير يطمح لا محالة للتخلّص من واقع الفقر الذي يعيشه، وأن ينعم مع أسرته بحياة هنيئة يحقق فيها كل أحلامه وأحلام عائلته، ويحضر لهم كل ما تشتهيه الأنفس وتستعذبه، ولكن ذلك لا يأتي بالتمني والأحلام، إنما بالبحث عن الحلول، وأنا أرى أن التخلص من الفقر مهمة مشتركة بين الفرد والمجتمع المحيط به.
من الضروري أن يبدأ الإنسان بنفسه أولًا، فإنه الفقير لا بد أن يحاول التفكير بواقعه الذي يعيشه تفكيرًا منطقيًا بعيدًا عن التفكير البائس التعيس، ويبحث عن بارقة أمل تعينه على بدء غد أفضل، فكل إنسان أكرمه الله بشيء في شخصه يمكنه من التميز فيه، وإذا ما عثر الإنسان الفقير على هذه الميزة في نفسه فسيبني عليها الكثير من النجاحات ويحقق نقلة نوعية في حياته، وكثيرة هي القصص التي تبين كيف انتقل الإنسان من فقر سحيق إلى عز وجاه وراحة اجتماعية، وذلك يتطلب العمل الدؤوب والسعي الحثيث، وقبل كل شيء اليقين بالله تعالى وعظيم نعمه وعطاءاته.
أمّا في المجتمع المحيط، فلو أن كل عائلة موسرة خصّصت في منزلها مكانًا يضع فيه الأولاد يوميًا مبلغًا صغيرًا لتقديمه للعائلات الفقيرة لتلاشت الكثير من مظاهر الفقر في المجتمع، وهذا يتطلب تربية وتدريبًا للنفس على العطاء، ولا شيء أعظم عند الله من إفراح قلب الأخ المسلم، وبث السكينة والسعادة في ثنايا قلبه وروحه، ولو أن الطبقة الغنية حاولت بما تملكه أن ترفع مستوى الطبقة الفقيرة لحافظت هي على غناها، وساعدت الفقراء على التخلص من فقرهم، وهذا يتطلب تعاونًا وتماسكًا وترابطًا، لا أن يكون هذا الأمر على عاتق فرد واحد أو عائلة واحدة، وهذا ما حث عليه الدين الإسلامي والنبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- في كثير من المواضع والأحاديث.
التخلص من الفقر ليس أمرًا مستحيلًا أو معجزًا، قد يكون صعبًا ويحتاج لثبات وقوة وعزيمة وإرادة، لكنه ممكن، وقمة السعادة لا تكمن في أخذ المال إنما في بذله، وهذا كله يتحقق إذا ما احتسب الإنسان الغني أجره عند الله تعالى، وكان سعيه في مساعدة الفقراء للتخلص من فقرهم لوجه الله تعالى، عندها تعمر المجتمعات بالحب والود.
للاطلاع على نموذج مقالي عن الفقر، ننصحك بقراءة: مقال اجتماعي عن الفقر .