تشخيص ألفا ثلاسيميا
ألفا ثلاسيميا
يُعتبر مرض الثلاسيميا (بالإنجليزيّة: Thalassemia) أحد اضطرابات الدم غير المُعدية والتي تنتقل عبر الجينات الوراثيّة من الأبوين إلى الأطفال، ويُؤثّر هذا المرض في عمليّة تصنيع البروتين الموجود في خلايا الدم الحمراء والمسؤول عن نقل الأكسجين إلى مختلف أجزاء الجسم والمعروف باسم الهيموغلوبين (بالإنجليزيّة: Hemoglobin). يقوم الجسم بشكل يوميّ بتصنيع مجموعة من خلايا الدم الحمراء الجديدة لتعويض النقص الحاصل فيها نتيجة فقدان الجسم لها أو نتيجة موتها بسبب انتهاء دورة حياتها بشكل طبيعي والمقدّرة بأربعة أشهر، ولكن في حالة الثلاسيميا تموت خلايا الدم الحمراء خلال فترة زمنية أقصر مُسبّبة معاناة المصاب من فقر الدم . وهناك نوعان أساسيّان للثلاسيميا؛ أمّا الأول فهو ألفا ثلاسيميا (بالإنجليزيّة: Alpha thalassemia) ويتمثّل بوجود مُشكلة في تصنيع وحدة ألفا جلوبين من الهيموغلوبين، وأمّا النوع الثاني فهو بيتا ثلاسيميا (بالإنجليزيّة: Beta thalassemia)، ويتمثّل بوجود مشكلة في تصنيع وحدة بيتا غلوبين من الهيموغلوبين. ومن الجدير بالذكر أنّ مرض ألفا ثلاسيميا ينتشر في الشرق الأوسط، ومنطقة البحر الأبيض المتوسط ، وإفريقيا، وجنوب شرق آسيا.
تشخيص ألفا ثلاسيميا
في الحقيقة لا يُعاني الأفراد الحاملون لمرض الثلاسيميا من أية أعراض أو علامات، ولذلك قد لا يُدركون حملهم المرض حتى تُجرى فحوصات ما قبل الزواج أو عند إنجابهم طفلاً مُصاباً بمرض الثلاسيميا، بينما يتم تشخيص المرض في الغالب في المصابين بالمرض وليس الحاملين له خلال أوّل سنتين من العمر، إذ تظهر عليهم أعراض متوسطة أو شديدة. ولتشخيص الحالة والتأكد فيما إذا كان الفرد مُصاباً أو حاملاً لمرض الثلاسيميا يمكن إجراء بعض فحوصات الدم المخبريّة ، وفيما يأتي بيانها:
- العدّ الدموي الشامل: (بالإنجليزيّة: Complete blood count) يُمكن من خلال هذا الفحص التأكد من حجم كريّات الدم الحمراء وعددها، كما يُمكن معرفة مستويات الهيموغلوبين في الدم.
- فحص عدد الخلايا الشبكيّة: (بالإنجليزيّة: Reticulocyte count) ويُساعد هذا الفحص على تحديد سُرعة تصنيع خلايا الدم الحمراء في نخاع العظم، وذلك من خلال الاعتماد على عدد الخلايا الشبكيّة في الدم، والتي تمثل كريّات الدم الحمراء غير الناضجة، والتي تُشكّل ما نسبته 1-2% من مجموع خلايا الدم الحمراء في الجسم، وتبقى الخلايا الشبكيّة في الدم يومين تقريباً إلى أن يكتمل نضجها فتتطور إلى كريّات الدم الحمراء .
- فحص الحديد: من خلال هذا الفحص يُمكن للطبيب التأكد من السبب وراء فقر الدم؛ حيث لا يكون هناك نقص في مستوى الحديد في حال وجود مرض الثلاسيميا.
- فحوصات جينيّة: يتمثّل بإجراء فحوصات لتحليل المادّة الوراثيّة الجينيّة (بالإنجليزيّة: DNA analysis) للتحقّق من وجود أي خلل في الجينات.
- فحوصات ما قبل الولادة: يُمكن من خلال هذه الفحوصات الكشف عن وجود مرض الثلاسيميا عند الجنين وذلك قبل ولادته باستخدام إحدى هاتين الطريقتين:
- فحص الزغابات المشيمية: أو فحص خملات الكوريون (بالإنجليزيّة: Chorionic villus sampling)، ويتمّ إجراء هذا الفحص في الأسبوع الحادي عشر من الحمل تقريباً بأخذ عيّنة من المشيمة للفحص.
- بزل السلى: (بالإنجليزيّة: Amniocentesis)، ويتمّ إجراء هذا الفحص خلال الأسبوع السادس عشر من الحمل تقريباً، وذلك بأخذ عيّنة من السائل المُحيط بالجنين والذي يُعرف بالسائل الأمينوسي (بالإنجليزيّة: Amniotic fluid).
أنواع ألفا ثلاسيميا
هناك أربعة أنواع لمرض ألفا ثلاسيميا تمّ تصنيفها بناءً على عدد الجينات المفقودة أو المُصابة بالطفرات والمسؤولة عن تكوين ألفا غلوبين، وهي:
- حامل ألفا ثلاسيميا الصامت: (بالإنجليزيّة: Silent alpha thalassemia carrier)، وفي هذا النوع تكون هناك مُشكلة في جين واحد من جينات ألفا جلوبين، وعلى الرغم من عدم ظهور أعراض مرض الثلاسيميا على حامل هذا النوع، إلا أنّه قادر على نقل المرض لأولاده.
- ألفا ثلاسيميا الصغرى: (بالإنجليزيّة: Alpha thalassemia minor)، وتكمن المشكلة في هذا النوع في جينين اثنين من جينات ألفا جلوبين، وفي الغالب لا تظهر أعراض لمن يُعاني من هذه الحالة، ولكن يُمكن أن ينقل المرض لأولاده، وتجدر الإشارة إلى أنّ المصاب قد يُعاني من صغر حجم خلايا الدم الحمراء، ودرجة بسيطة من فقر دم في بعض الأحيان.
- داء الهيموغلوبين اتش: (بالإنجليزيّة: Hemoglobin H disease) وفي هذه الحالة تكون المشكلة في ثلاثة جينات، ويُعاني المريض في هذه الحالة من فقر الدم البسيط أو المتوسط، وتضخّم الكبد والطحال ، واصفرار العيون والجلد ضمن حالة تُعرف باليرقان (بالإنجليزيّة: Jaundice)، وأحياناً يتأثّر العظم بهذا الداء، فيُعاني المصاب من زيادة نمو الفك العلويّ وبروز الجبين.
- ألفا ثلاسيميا الكبرى: (بالإنجليزيّة: Alpha thalassemia major) كما تُعرف أيضاً بمتلازمة هيموغلوبين بارت (بالإنجليزيّة: Hb Bart syndrome)، وفي هذا النوع تحدث اضطرابات في كل الجينات المسؤولة عن تكوين ألفا غلوبين، وتُعتبر هذه الحالة أخطر أنواع ألفا ثلاسيميا؛ حيث يُسبّب هذا المرض العديد من المشاكل الصحيّة ومنها؛ تجمّع السوائل في جسم الجنين، وفقر الدم الشديد، وتضخّم الكبد والطحال، ومشاكل على مستوى القلب، وتشوّهات في الجهاز البوليّ أو الأعضاء التناسليّة، ويُسفر الأمر في الغالب عن موت الطفل المُصاب بهذه المتلازمة قبل ولادته أو بعد ولادته بوقت قصير، بالإضافة إلى التأثيرات الخطيرة في الأم الحامل مثل حدوث حالة ما قبل تسمّم الحمل .
أعراض ألفا ثلاسيميا
تختلف الأعراض الظاهرة على المريض اعتماداً على نوع ألفا ثلاسيميا المُصاب به وعلى درجة خطورته، وبشكلٍ عام يمكن القول إنّ المصابين بألفا ثلاسيميا يُعانون من انخفاض واضح في نسبة الهيموغلوبين الطبيعي ، وهذا بدوره يُقلّل من وصول الكميّة اللازمة من الأكسجين إلى أنسجة الجسم المختلفة، بالإضافة إلى قلّة عدد كريّات الدم الحمراء الذي يتسبب بفقر الدم، ومن أكثر الأعراض التي تظهر على المصابين بفقر الدم هي شحوب الوجه، والشعور بالضعف والتعب، والارهاق، وضيق التنفس، كما يُمكن أن تظهر أعراض أخرى مثل بُطء النموّ، وتشوّه في عظام الوجه، وانتفاخ البطن، وتغير لون البول ليصبح أكثر قتامةً.
علاج ألفا ثلاسيميا
تجدر الإشارة إلى أنّ الأنواع البسيطة من ألفا ثلاسيميا وهي؛ حامل ألفا ثلاسيميا الصامت وألفا ثلاسيميا الصغرى، ترافقها في الغالب معاناة المصاب من فقر دم بسيط لا يُشكّل خطراً حقيقيّاً على صحّة المصاب ولا يستدعي العلاج في العادة، بينما يكون العلاج مهمّاً وأساسيّاً في الحالات الصعبة من ألفا ثلاسيميا، وفيما يلي بعض الطُرق المُستخدمة للعلاج:
- داء الهيموغلبين اتش: في بعض الأحيان وخاصة في حال وجود نوبة انحلال الدم (بالإنجليزية: Hemolytic Crisis) أو نوبة انعدام التنسّج (بالإنجليزية: Aplastic crisis) يتمّ علاج المشكلة من خلال نقل كريّات الدم الحمراء للمريض، بينما يندر علاج هذا النوع من ألفا ثلاسيميا بنقل كريّات الدم الحمراء في الحالات التي لا يُعاني فيها المصاب من هذه النوبات وإنّما تقتصر معاناته على فقر الدم الشديد حتى وإن كان يُؤثّر سلباً في بعض العمليّات الحيويّة المهمّة في الجسم مثل؛ عمل القلب، ونموّ وزيادة خلايا الدم الحمراء، وحدوث تغييرات كبيرة في العظام.
- متلازمة هيموغلوبين بارت: يمكن إنقاذ حياة الطفل المصاب بهذه المتلازمة بعملية نقل الدم وخاصة وهو لا يزال في الرحم ، بينما تكون الحاجة نادرة لزراعة الخلايا الجذعيّة المكوّنة للدم (بالإنجليزيّة: Hematopoietic stem cell transplant) للحفاظ على حياة المريض في مثل هذه الحالات.