ترتيب السور في الصلاة
ترتيب السّور في الصّلاة
يُستحبّ لقارئ القرآن أن يقرأ سور القرآن وفق ترتيب المصحف، وهو ما ذهب إليه جمهور العلماء، كما أنّ القراءة بالترتيب العكسي للسور مكروهةٌ، وهي ما تُسمّى بتنكيس السُّور، فقد سُئل عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عمَّن يقرأ بالتنكيس فقال: (ذلك منكوسُ القلبِ)، إلا أنّها تعدُّ جائزةً عند بعض الفقهاء بشرط أن تكون على وجه التّعليم أو الذّكر، وهو خلاف الأولى عند المالكية.
والحرص على القراءة بالترتيب يشمل القراءة في الصلاة وخارجها، وذلك لأنّ الله اقتضى بحكمته هذا الترتيب فينبغي على المسلم الحرص على قراءته مرتّباً كما جاء من قبل الشارع، ويُستَثنى من ذلك ما جاء فيه دليلٌ على التغيير؛ كصلاة الصبح في يوم الجمعة ، وصلاة العيد، والوتر، وقد جاء في جواز القراءة بالتنكيس عن حذيفة بن اليمان: (صَلَّيْتُ مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ البَقَرَةَ، فَقُلتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ المِئَةِ، ثُمَّ مَضَى، فَقُلتُ: يُصَلِّي بهَا في رَكْعَةٍ، فَمَضَى، فَقُلتُ: يَرْكَعُ بهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ، فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ، فَقَرَأَهَا).
ترتيب الآيات في الصّلاة
يُعَدُّ ترتيب الآيات في السورة الواحدة أمراً توقيفيَّاً لا يجوز تغييره، حيث إنّ هذا الترتيب منزَّلٌ من عند الله -سبحانه وتعالى-، ولو لم يكن ترتيب الآيات توقيفيّاً لكان ترتيبها وفقاً لأسبقيّة نزولها، ولكن نصَّ الشارعِ عليها فكان المسلم مُلزِماً بترتيبها وفقاً لما أقرّهُ الشرع، ويُعدّ التنكيس في قراءة الآيات أمراً محرّماً، ولم يقع خلافٌ في مسألة توقيف ترتيب الآيات، وذلك لأنّ التغيير في ترتيب الآيات لا يُعَدُّ قرآناً، فعند الدخول في الصلاة يُصبح كلاماً خارجاً عنها فيؤدّي لبطلانها، كغيره من الكلام الذي يُبطلها، كما أنّه يُذهِب بعض أوجه الإعجاز القرآني في الآيات، وتغيب عنّا حكمة الله -تعالى- في ترتيبها.
تكرار السّورة في الصّلاة
تكرار السّورة في الرّكعة الواحدة
تعدّدت آراء الفقهاء في حكم تكرار السورة في الركعة الواحدة، وبيان آرائهم فيما يأتي:
- المالكيّة والشافعيّة: مكروهٌ إذا كان يحفظ غيرها من السور، سواءً كانت صلاة فرضٍ أو نفلٍ.
- الحنفيّة: مكروهٌ بصلاة الفرض دون النفل.
- الحنابلة: مكروهٌ فقط إذا كان متعلّقاً بتكرار الفاتحة في الركعة الواحدة، أو قراءة القرآن كاملاً في صلاة الفرض دون النافلة.
تكرار السّورة نفسها في الركعات
اتّفق جمهور الفقهاء من الحنفيّة، والشافعيّة، والحنابلة على جواز تكرار السورة نفسها في الركعات، فقد ثبت في قصة الأنصاريِّ الذي كان يؤُمُّ الصحابة: (كانَ كُلَّما افْتَتَحَ سُورَةً يَقْرَأُ بها لهمْ في الصَّلاَةِ ممَّا يَقْرَأُ به افْتَتَحَ: بقُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ حتَّى يَفْرُغَ مِنْها، ثُمَّ يَقْرَأُ سُورَةً أُخْرَى معها، وكانَ يَصْنَعُ ذلكَ في كُلِّ رَكْعَةٍ)، وقراءة السّورة من بدايتها دون إنهائها لا خلاف في جوازه، ويمكن الجمع بين سورتين في نفس الرَّكعة في صلاة النّافلة ، فقد فعل ذلك رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كما جاء في حديث حذيفة بن اليمان أنَّه: (قرأَ البقرةَ وآلَ عمرانَ والنِّساءَ في رَكعةٍ)، أمّا في الفرض فيستحبُّ أن يضيف إلى الفاتحة سورةً واحدةً فقط، فقد كان فعل رسول الله ذلك غالباً، وبذلك أيضاً أمر معاذ -رضي الله عنه-.