تربية المراهقين في الإسلام
مفهوم تربية المراهقين وأغراضها
تعرّف التّربية الإسلامية ؛ على أنّها فلسفة ثابتة وواضحة، تستمدّ أسسها من القرآن الكريم والسّنة النّبوية، تُعِدّ الإنسان إعداداً سليماً لمجابهة الحياة الدّنيا والآخرة، ويكتسبها الفرد إمّا مباشرة بالكلمة، أو غير مباشرة بالقدوة وما شابه، وإنّ التّربية ليست أمراً ثانوياً بل هي أمر له دوافع وأغراض هامّة في حياة المسلم، نعرضها فيما يأتي:
- جعل الأفراد قادرين على التّكيف والتّلائم بما يتناسب مع حياتهم، وما يطرأ عليها من تغييرات باستمرار.
- كسب العلم وتحصيله، إذ أنّ كسب العلم وسيلة لتهذيب النّفس والارتقاء بها، وتصحيح المفاهيم والقيم المغلوطة، ويجعل صاحبه إنساناً منتجاً فعّالاً، فترتقي المجتمعات وتزدهر بذلك.
- الارتقاء بالأخلاق والتّمثّل بها، وهو أسمى أهداف التّربية، فلا يصلح الأفراد ولا تصلح المجتمعات دون التّربية على الأخلاق، وغرسها في النفوس، فالمجتمع الخالي من الأخلاق لا بقاء له؛ فسرعان ما يتدمّر وينهار.
- اكتساب الرّزق، حيث أنّ التّربية الصحيحة والسّليمة تكون معيناً للفرد على سهولة الاكتساب وتحصيل الرّزق، فيزرع المربي فيه ما يناسب قدرات ذلك الفرد وما يميل إليه، فيمكّنه من التّخصص في حرفة أو مهنة، منتجاً بذلك للمجتمع أشخاصاً قادرين على كسب رزقهم بأنفسهم وليسوا عالة، ويرتقون بأوطانهم ومجتمعاتهم.
وأمّا ما يقصد بالمراهقة فهي مصدر للفعل راهق: أي اقترب من الشّيء، وراهق الشّاب؛ أي اقترب من الاحتلام ، فالمراهقة إذاً هي مرحلة انتقال الفرد من مرحلة الطّفولة إلى مرحلة الشّباب، يرافق هذه المرحلة من الحياة حدوث اضطرابات وتقلّبات في سلوكيات الفرد يرافقها تغيّرات جسديّة وعقلية، فيكون الفرد فيها يريد إثبات تخلّصه من تصرّفات الأطفال وينشغل في ذلك، ولم يُهمل الإسلام هذه الفترة الحسّاسة من العمر، بل أوجب على المربّين كافّة تعليمهم وتوجيههم منذ الصّغر.
أساليب تربية المراهقين
من الأساليب الفعّالة والمجدية عند تربية المراهقين، ما يأتي:
- اتّباع الأساليب غير المباشرة، حيث إنّ المراهق لا يحبّذ أن يُملى عليه أمر إملاءً مباشراً، وقد يدفعه إلى رفض ذلك والمعاندة.
- مخاطبة عقل المراهق وإقناعه بالحجّة والبرهان، ومخاطبة قلبه ومشاعره، فالمراهق يملك عقلاً راجحاً، ويملك مشاعر جيّاشة، وهذا أسلوب القرآن الكريم في التّربية فهو يخاطب عقول المكلّفين ووجدانهم.
- البدء بغرس الأفكار والقيم مبكراً منذ بداية مرحلة المراهقة، لا أن ينتظر المربّي آخر هذه المرحلة فيصعب حينها تقويم سلوكه، ومن ذلك حرص النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- على تعليم الأبناء الصّلاة منذ سنّ السّابعة، والتّدرّج بذلك إلى ضربهم عليها في سنّ العاشرة.
- توظيف قدرات المراهق العقلية من التّأمّل والتّفكر في النّفس والكون، وشحذ همّته لسلوك طريق الاستقامة.
- استغلال ما قد يمرّ به المراهق من واقعة، أو كارثة، أو نازلة تنزل به، كموت شخص قريب له، فيكون حينها شديد التّأثّر بالنّصح والتّوجيه، ويكون أقرب للجوء إلى الله -تعالى- في وقت الشّدائد.
- ضرورة التزام المربّي بالقيم التّي يدعو لها، فلا يقبل منه نصح أو توجيه بشيء لا يتمثّله، فالقدوة هي أساس التّربية.
- التّنويع في وسائل التّربية وإيصال المعلومة، ومحاولة إيجاد طرق جديدة ومتنوّعة تتلاءم مع عصره ومع مكان عيشه، كاستخدام وسائل التّواصل الاجتماعي في عصرنا الحالي لزرع قيم نافعة.
- إعطاء المراهق مساحة معيّنة، فلا يصحّ تقييدهم ومنعهم من مجاراة جيلهم في كلّ شيء، بل وجب على المربّي التّوسط في ذلك دون إفراط أو تفريط.
- بناء علاقة بين المربّي والمراهق تسودها المحبّة والرّحمة، لا غلظة ولا شدّة فيها، فالمحبّة داعية لتمثّل المحبوب بحبيبه والتّأسّي به.
كيفية تعامل الوالدين مع المراهقين
إذا بلغ الأبناء مرحلة المراهقة كان لازماً على الوالدين التّعامل مع هذه المرحلة الحسّاسة من العمر، وحماية أبنائهم من الضّياع والانتكاس، ويكون التّعامل معهم له طريقة معيّنة، ومن الأساليب التي ينصح باتباعها، ما يأتي:
- التّعرّف على أصدقاء المراهق بطريقة ملائمة، وتحذيره من مصاحبة رفقاء السّوء الذّين يجرّون للمهالك؛ لأنّ المراهق يتأثّر كثيراً بأقرانه، أكثر من تاثّره بوالديه وبمعلّميه.
- تعليمهم الرّياضات النّافعة، التي تملأ أوقات فراغهم، وتفرّغ طاقاتهم الكامنة، وتقوّي أجسامهم، ومن أجل التّرويح عن أنفسهم كذلك، كتعليمهم الفروسية والسّباحة وركوب الخيل، وكلّ ما هو نافع.
- دمجهم في مؤسسّات المجتمع الفاعلة، وإشراكهم بما ينمّي مواهبهم وقدراتهم.
- اصطحابهم للمساجد وترغيبهم في سماع مجالس الذّكر، وحلقات القرآن، فيكون سبيلاً لاتّخاذ صحبة صالحة لهم تدلّهم على الخير.
- توعيتهم بمخاطر بعض المهالك المنتشرة في عصرنا كتذكيرهم بحرمة التّدخين وما له من أثر على الصّحة، وتحذريهم من المخدّرات وما قد تفعل بصاحبها من زوال عقله، وتشتّته، وتدمير جسده، وتوعيتهم من خطر الانجرار وراء الشّهوات، والكبائر المنتشرة من الزّنا، واللواط، وغيره.
- غرس الرّجولة والثّقة بالنّفس فيهم، وتحذيرهم من التّميّع والانحلال.
- التّحلّي بالكثير من الصّبر، ومعاملتهم برفق.
- الابتعاد عن تعنيف المراهق والإكثار من لومه.
معالم الانضباط الإسلامية لمرحلة المراهقة
وضع الإسلام عدّة معالم وأسس تُساعد على تجاوز مرحلة المراهقة بانضباد ودون تخبّط، ومن هذه المعالم:
- وجوب الطّاعة لله -تعالى- ورسوله، ووجوب طاعة الوالدين، فهي مبدأ يجعل المسلم منضبطاً متوازناً في كلّ مراحل حياته لا يحيد عنه.
- القدوة الحسنة، ويكون بالاقتداء برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- والاقتداء بالصّالحين، والمشي على خطاهم.
- التّكافل والتّعاون بين أفراد المجتمع، ما يزيد من لحمة المجتمع وحرص كلّ فرد فيه على صلاح أبنائه.