تربية الطفل في عمر سنة ونصف
كيفية تربية الطفل بعمر عام ونصف
من الجيّد أن تبدأ رحلة تربية الطفل وتهذيبه في عمر العام والنصف، فبهذا العمر يحمل الأطفال طاقة وافرة وحيوية كبيرة، وينمو لديهم الفضول في التعرف على الأشياء المختلفة من حولهم، فهم بحاجة لتوجيه بسيط من الأهل والأم خاصة لتعليمهم السلوك وتجنيبهم الأخطاء التي قد يقعون فيها، ولهذا يُفضل اتباع بعض الخطوات البسيطة للتعامل مع الأطفال هذ العمر، ويُمكن تلخيصها بالآتي:
- الإشراف: باستطاعة الأم إرشاد طفلها لتحسين سلوكه فقط عن طريق متابعة تصرفاته، ورصد تحركاته وما يغضبه أو يرضيه، ولا يعني ذلك فرض الأوامر دائماً، وإنمّا توجيه بما يساهم في بناء شخصيته وتهذيبها، مثلاً توجيهه لاحترام الدور وانتظار الشخص الذي أمامه حتى ينتهي ليحين دوره في لعب الأرجوحة.
- الثناء: رغم ما يبحث عنه الأطفال في عمر العام ونصف من استقلالية، إلّا أنّ إرضاء الوالدين هي غاية أساسية، وهنا يأتي دور الوالدين في استغلال هذه الرغبة واتخاذها أسلوباً لتربية طفلهم وتقوية العلاقة فيما بينهم، وذلك عن طريق الإطراء على أفعال الطفل الحسنة منها، وإظهار رضاهم عنه؛ لتشجيعه على تكرار مثل هذه السلوكيات الإيجابية.
- استخدام لغة بسيطة وسهلة: رغم تطور المخزون اللغوي لدى الأطفال في هذا السن، إلّا أنّ قدراتهم الإدراكية لازالت محدودة لفهم العبارات المعقدة والطويلة، لذا على الوالدين استخدام عبارات قصيرة، وسهلة الفهم، وتكرارها أكثر من مرة لتعزيز فهمها لدى طفلهم، واستخدام نبرة صوتية مختلفة حسب الموقف كالتشديد على بعض الكلمات المهمة، كما يُفضل الاستعانة بتعابير الوجه لتصل الرسالة.
- الالتزام بروتين ثابت: العالم من منظور الأطفال هو مكان مخيف، ولا يُمكن التنبؤ به، لذا فإنّ الحفاظ على روتين معين والتصرف بالطريقة نفسها يومياً، كالالتزام بموعد القيلولة، أو وقت اللعب، يجعل الطفل يشعر بطمأنينة أكبر مما يدفعه للتصرف بأسلوب أقل عدوانية ومزاجية؛ لأنّه يعلم ما هو مقبل عليه، وفي حال طرأ تغيير في المواعيد المحددة يجب إعلام الطفل في وقت سابق؛ لتجنب أيّ ردة فعل غير مرغوب بها، كذلك الأمر فيما يتعلق بالتربية، إذ يجب تكرار التوجيه نفسه عند تكرار الموقف، فمثلاً تكرار عبارة (لا تضرب) في كل مرة يقوم فيها بضرب طفل آخر.
- صرف انتباه الطفل وإعادة توجيهه: الطفل في هذا العمر لا يعي أهمية النظام واتباع السلوك الحسن، فبدلاً من إضاعة الوقت في محاولة ذلك، على الوالدين استخدام بعض الحيل لصرف انتباه الطفل عن سلوك غير مرغوب وفي الوقت ذاته إرضائه.
- مكافئة الحسن من الأفعال: يصعب على الأطفال في هذه المرحلة الحكم على أفعالهم ما إذا كانت صحيحة أم خاطئة، وهنا يأتي دور الوالدين في تعليمهم كيف يتفاعلون مع العالم من حولهم، فمثلاً حماس الطفل عند رؤية الحيوانات الأليفة قد تنعكس على تصرفاته فيظهر عدوانية غير مقصودة، لذا يقوم الوالدين بتهذيب سلوكه ليصبح أكثر حذراً.
- تجاهل السيئ من الأفعال: يشعر الأطفال بالثقة عند لفت أنظار من حولهم، ولكن لا يقتصر ذلك على السلوكيات الجيدة، فردة الفعل السلبية التي تصدر عن أحد الوالدين تجاه سلوك سلبي تُعدّ سبباً للفت الانتباه، فيشجعه على تكرار ذلك، وهنا فإنّ التجاهل قد يكون الحل الأمثل، طالما أنّ سلوك الطفل لا يعرضه أو الآخرين للخطر.
- العواقب الطبيعية والمنطقية: وهو كل ما ينتج عن فعل معين، بعضها يندرج تحت مفهوم العواقب الطبيعية، كقيام الطفل برمي اللعبة من يده متعمداً خلف الأريكة، فتقوم الأم تحذير الطفل لعدم تكرّار هذا التصرف، ولك إذا تكرر هذا الأمر فمن الطبيعي أن يفقد الطفل اللعبة إلى حين قيام الأم بالتنظيف خلف الأريكة، والبعض الآخر يسمى العواقب المنطقية، وتعتمد على سلوك الأم تجاه تصرفات الطفل، فمثلاً إذا أخطأ الطفل وقام بإلقاء كوب الماء على مائدة طعامه متعمداً، فتقوم الأم بتحذيره من فعلها مجدداً، وفي حال كررها فإنّه من المنطقي أن تقوم بعقابه بحرمانه من الكأس.
- إعطاء الطفل وقتاً مستقطعاً: لا يحب الطفل بعمر العام ونصف بطبيعته قضاء الوقت بمفرده دون القيام بأيّ نشاط، لذا فإنّ اتباع هذا الأسلوب وحرمان الطفل عما يقوم به كعقاب يجعله يتراجع عما يقوم به لكي لا تطول فترة الحرمان، وينصح المختصين باتباع هذا الأسلوب في هذا العمر لمدة لا تزيد عن دقيقة، حيث تقوم الأم بحمل الطفل ووضعه على الكرسي أو مواجهاً لها دون توبيخه، ويُسمح له بالعودة إلى اللعب بعد انتهاء المدة المحددة.
- إعطاء نفسك وقت مع الطفل: يرى بعض المختصين أنّ إعطاء الطفل وقتاً مستقطعاً لمراجعة سلوكياته والعدول عن الخطأ لا يجدي نفعاً، وبدلاً من ذلك ينصح بقيام الوالدين بتخصيص وقت ما للجلوس مع طفلهم عند إساءة التصرف ، فيقومون بتهدئته، وفهم أسباب قيامه بذلك، ونصحه بعد تكرار ذلك، ثمّ العودة إلى اللعب.
جوانب من حياة الطفل بعمر عام ونصف
هناك بعض الجوانب المهمة في حياة الطفل التي يجب تسليط الضوء عليها، ومنها ما يأتي:
التعامل مع غضب الطفل بعمر العام ونصف
عادة ما يصاب الطفل في مثل هذا العمر بنوبات غضب شديد، وصراخ، وبكاء هذا يُشكّل إزعاجاً وحرجاً لوالدته خاصة عند الخروج من البيت للتسوّق أو زيارة الطبيب، فيجب على الأم أن تكون على علم ودراية بالمواقف التي تسبب الغضب لطفلها وتحاول تجنّبها قدر الإمكان لتجنّب نفسها الإحراجات العديدة التي قد تحدث، فمثلاً إذا كان يشعر بالذعر أو الانزعاج عند الاستيقاظ يُمكن لأمه أن توقظه بوقت كافٍ قبل الخروج فتتجنّب بكاءه وصراخه بعد الخروج، كما يُمكن للأم أن تحمل معها دمية الطفل المحببة عند زيارة الطبيب ليمضي الوقت معها ولا يشعر بالملل، والتأكد من راحته وحصوله على الطعام الكافي عند الخروج للتسوّق.
تنظيم نوم الطفل بعمر عام ونصف
قد يعاني الأطفال في هذا العمر من بعض المشاكل في النوم مما قد يسبب إرباكاً للوالدين، وللتعامل مع هذه المشاكل يُمكن أن يحرص الأهل على وضع روتين يومي ثابت مخصّص للنوم كالاستحمام، أو رواية قصة ما قبل النوم، أو احتضانهم اللعب المحببة لهم، عندها سيشعر الطفل تلقائياً بحلول موعد النوم وما عليه القيام به، كما يجب المحافظة على وقت النوم ثابتاً وعدم تغييره من يوم إلى آخر لمحاولة تنظيم نوم الطفل قدر الإمكان، كما أنّه من المهم تجنّب وجود أجهزة التلفاز في غرف نوم الأطفال.
تنظيم غذاء الطفل بعمر عام ونصف
لم يَعُد الطفل في هذا العمر الرضيع المدلل الذي يحتاج إلى الرضاعة الطبيعية أو تناول الحليب الصناعي، فأغلب الأطفال عند بلوغ العام ونصف بمقدورهم الشرب من الكأس، وبعضهم يحسنون الشرب من القشة، ولكن على الأم اتباع أسلوب التدرج عند فطام الطفل، فتبدأ بتقليل عدد مرات الرضاعة تدريجياً، فالتوقف المفاجئ قد يؤثر في نفسية الطفل الذي طالما اعتاد وجوده قرب أمه، وعليه يجب على الأطفال تناول بعض الأطعمة بكميات معينة حوالى ¾-1 كوب من الفواكه والخضراوات، وربع كوب من الحبوب، وثلاثة ملاعق طعام من البروتين يومياً في أوقات متنوعة.
الطفل بعمر عام ونصف
تبدأ ملامح شخصية الطفل بالتشكل عند بلوغه العام والنصف، حيث تنمو لديه الحصيلة اللغوية، ويصبح أكثر قدرة على التعبير عن احتياجاته وتحديد ما يحب ويكره، فضلاً عن ملاحظة فرط النشاط الذي تلمسه الأمهات في هذا العمر، وتكون هذه الفترة من عمر الطفل صعبة بعض الشيء على الوالدين، حيث يشعر الطفل خلالها بحالة من التناقض، تتراوح بين رغبته في الاستقلال، وفي الوقت نفسه حاجته لقرب والديه ليشعر بالطمأنينة، وعلى الرغم من حنين الأم لطفلها المدلل بين ذراعيها، إلّا أنّها تشعر بالحماس لرؤيته يرسم لنفسه شخصيته المستقلة.
وهناك مجموعة من السلوكيات التي يميل الطفل لممارستها خلال هذه المرحلة العمرية، منها:
- المهارات اللغوية والتواصل : ويركز فيها الطفل على الكلام، حيث يصبح بمقدوره نطق ما بين 10-20 كلمة، واستيعاب ما يطلب منه من أوامر بسيطة كقول (احمل اللعبة)، والإشارة الى أجزاء جسمه المختلفة والتمييز بينها عند سؤاله (أين أنفك؟) مثلاً.
- المهارات المعرفية: من المهارات المعرفية التي يبدأ الطفل بممارستها التفكير والتعلم، وهنا يبدأ الطفل باستيعاب مفاهيم بسيطة، كإدراك ما يحبه ويرغب به، كمعرفة اسم لعبته المفضلة، كما يستطيع ربط مسميات الأشياء بصورها المادية، كربط مسميات الأشياء بشكلها على دفتر الرسومات والإشارة إليها، وتمييز الأشكال المتشابهة، وقد تتطور مهاراته الإدراكية، فيبدأ بتقليد تصرفات من حوله، كتقليد الوالدين عند التحدث عبر الهاتف، أو ممارسة الطبخ.
- العواطف والمهارات الاجتماعية: يكون مزاج الطفل وعواطفه في هذا العمر مضطربة نوعاً ما، فتصيبه نوبات غضب، ويُعبِّر عن خوفه من الغرباء، فقد يقوم أحياناً بالتشبث بوالديه كتعبير عن الخوف، وفي المقابل يبدأ بإظهار حبه تجاه الأشخاص المألوفين، كالإشارة إلى الأشياء التي يفضلها كي يروها، وإعطائهم إحدى ألعابه كدعوة منه لمشاركته اللعب، والتظاهر بإطعام الدُمى، كذلك يزيد حبه للاستكشاف خاصة وهو مطمئن لوجود والديه بقربه.
- النمو الجسدي والحركي: إذ تبدأ أطرافه بالنمو، وعليه تزداد حركة جسده وتتغير وتصرفاته، فيصبح باستطاعته المشي، والجري أحياناً، وصعود السلم دون مساعدة أحد، ليس ذلك فحسب، بل يصبح قادراً على حمل ألعابه وهو يمشي، كذلك يمكنه خلع ملابسه بنفسه، والاعتماد على نفسه في تناول الطعام بالملعقة والشرب من الكأس.